جاءت كلمات عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة خلال ترؤسه جلسة مجلس الوزراء يوم الـ16 من شهر فبراير الجاري واضحة وحاسمة حول إصرار جلالته على مواصلة المشروع الإصلاحي طريقه نحو المزيد من الخير والرفاهية لشعب البحرين، الذي خرج في مثل هذه الأيام عام 2001 ليعلن وبقوة تأييده للمشروع الديمقراطي وبنسبة 98.4%. كما جاءت كلمات جلالة الملك في وقتها تماما في ظل التطورات الإقليمية والدولية الكبيرة، التي تتطلب التحوط لها والاستعداد واليقظة الدائمين، وأن يكون الأمن في مقدمة أولويات الحكومة الموقرة في الفترة المقبلة.
لقد جاءت هذه الكلمات الباعثة على الأمل في وقتها، حيث تحتفل مملكة البحرين بذكرى إقرار ميثاق العمل الوطني، والذي كان ركيزة الإصلاحات في المملكة، ومن ثم كانت هذه مناسبة للتأكيد على استمرار التمسك بثوابت الميثاق، وهذا ولا شك كان مصدر سعادة وبهجة أبناء الوطن الذين يتطلعون جميعهم إلى المرحلة القادمة من مشروع جلالة الملك الإصلاحي، وكلهم أمل في مواصلة البحرين طريقها المرسوم نحو المجد والتقدم والرخاء.
إن ترؤس جلالة الملك لجلسة مجلس الوزراء هو مبعث طمأنة للمواطنين بأن جلالته يتابع بنفسه تنفيذ برنامج عمل الحكومة برئاسة رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة وبمعاضدة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ، بعد أن وافق عليه مجلس النواب مؤخرًا في حدث مهم حظي خلاله البرنامج بثقة الشعب.
ويحتوي برنامج عمل الحكومة على خطة نهوض اقتصادية تتطلب من الجميع الوقوف خلفه ومساندته حتى يتحقق وفق الرؤية السامية لجلالة الملك، والذي طرحها جلالته عند تشكيل الحكومة الجديدة. ومما زاد من الأمل للشعب البحريني تأكيد صاحب السمو رئيس الوزراء الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة على قيام الحكومة بالعمل على تنفيذ ما جاء في البرنامج على الوجه الأكمل بما يخدم مصلحة الوطن وشعبه، وأن توجيهات جلالة الملك ستكون هي عماد التوجهات الحكومية في المرحلة المقبلة، وبخاصة ما يتعلق بعملية تنفيذ وتحقيق آمال وتطلعات المواطنين، مؤكداً أن التوجيهات قد صدرت لكافة الوزارات والجهات الحكومية لوضع برامج ومشاريع واضحة ومحددة المعالم مقرونة بفترة التنفيذ وبمؤشرات الأداء التي تتيح قياسها، وسبل متابعة الحكومة أولاً بأول مراحل تنفيذها لتحقيق تطلعات جلالة العاهل المفدى واحتياجات المواطنين وبما يخدم انطلاقة البحرين على صعيد المسار التنموي.
لقد لاقى تأكيد جلالة الملك على أهمية الأمن والاستقرار في الانطلاقة التنموية، صدى شعبيًا كبيرًا، ويتوافق مع رغبة المواطنين الذين أكدوا في أكثر من مناسبة أن الأمن هو مطلبهم الأول فلا تنمية بدون أمن، ولا استقرار ورخاء بدون أمن، بل إنه لا حياة بدون أمن، وقد نجحت مملكة البحرين في التغلب على التحديات التي تعصف بالمنطقة من حولنا وتوفير نعمة الأمن والأمان لمواطنيها بجهد جهيد من جلالة الملك وحكومته مما حمى المملكة من العواصف والاضطرابات التي تحيق بالمنطقة والعالم.
وكان ثناء الملك على دور وزارة الداخلية، وزيراً وأجهزة، في حفظ الأمن وتأمين الاستقرار في البلاد طيلة فترة التحديات التي تشهدها المنطقة ككل، هو إعطاء الحق لصاحبه، وهو ديدن جلالته دائما، فدور رجال الأمن يلمسه الجميع، ويقظتهم وثباتهم في الدفاع عن الوطن وأمنه هو مثار فخر وقصة مجد لابد أن تسطر.
ويعبر تأكيد جلالة الملك على وقوف مملكة البحرين مع أشقائها وأصدقائها صفاً واحداً في محاربة الإرهاب، ودحره وتجفيف منابعه، بل ومشاركتها العالم في هذا الجهد الشاق والعظيم والإنساني لوأد آفة الإرهاب، يعبر عن التزام عالمي من المملكة بقيادة جلالة العاهل تجاه القضايا الإقليمية والعالمية، فالبحرين أبدا لم تتخاذل في دعم الجهود الدولية في كافة المجالات، وتاريخها شاهد على ذلك. وفي عهد جلالة الملك الميمون كان للبحرين مساهمات كثيرة في حفظ الأمن والاستقرار العالميين، وفي نشر ثقافة التسامح والحوار. ومن هنا أكد جلالة الملك المفدى على موقف مملكة البحرين الثابت والرافض للعنف والإرهاب، والمضي قدماً وبكل قوة ممكنة في محاربته بكل أنواعه وأشكاله وكافة صوره باعتباره ظاهرة عالمية لا تعرف ديناً ولا مذهباً ولا حدوداً، وتستهدف تقويض الأمن والاستقرار في مختلف ربوع العالم.
كما يمثل وقوف المملكة مع شقيقاتها من الدول العربية التزاما أساسيًا وراسخًا للسياسة الخارجية البحرينية، ومن ثم كان تأكيد جلالة الملك على الوقوف مع جمهورية مصر العربية، باعتبارها الشقيقة الكبرى وأساس استقرار الخليج، وأمنها من أمن الخليج، واستقرارها من استقراره. كما جاء وقوف مملكة البحرين إلى جانب المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة ومدها بالمقاتلات البحرينية في إطار تنفيذ التزاماتها تجاه شقيقاتها من الدول العربية استناداً إلى اتفاقية الدفاع العربي المشترك، كما جاءت مشاركة من المملكة في الجهود الدولية للقضاء على الإرهاب، حيث تشارك المملكة ضمن التحالف الدولي للقضاء على الإرهاب وضمن ما يربط البلدين الشقيقين من علاقات وطيدة ومشاعر أخوية متبادلة على مر التاريخ.
وفي النهاية، يمكن القول إن ترؤس جلالة الملك لجلسة مجلس الوزراء وكلماته الواثقة والسديدة مثلت مصدر اطمئنان وسعادة للمواطنين، وهم يحتفلون هذه الأيام بالذكرى المجيدة للتصويت الشعبي على ميثاق العمل الوطني، كما مثلت أملا جديدا لهم في مستقبل زاهر تحت قيادة جلالته تتقدم فيه المملكة إلى المجد والرخاء ويسودها الأمن والاستقرار بمشيئة الله تعالى.