تحتل المالية العامة للكويت للعام 2011/2012 مركزاً يؤهلها تماماً لتسجيل فائض للعام الثالث عشر على التوالي. وبحسب التوقعات، يُنتظر أن تسجّل المالية العامة للحكومة الكويتية فائضاً بقيمة 10.1 مليارات دينار كويتي.
فقد واصل الاقتصاد الكويتي تجاوز الأرقام المقدّرة في الموازنة نتيجة للتقديرات المتحفظة التي وضعتها الحكومة؛ إذ تقوم الحكومة بإعداد الموازنة السنوية بناء على تقديرات متحفظة لأسعار النفط ومستويات إنتاجه. وقد افترضت الحكومة في موازنة الكويت لعام 2011/2012 أن يبلغ سعر برميل النفط 60 دولاراً أميركياً، في حين توقعت بأن يبلغ متوسط السعر الفعلي للنفط الخام الكويتي الخاص بالتصدير نحو 110 دولارات. ومن المتوقع أن يصل إجمالي إيرادات الحكومة للعام 2011/2012 إلى 29.5 مليار دينار في حين قدرت أن تبلغ المصروفات 10.1 مليارات دينار حتى لو لامست الارتفاع المقدر عادة في الموازنة والبالغ 19.4 مليار دينار. وقد تكون هذه التقديرات متحفظة؛ إذ بلغ الفائض في المالية العامة للأشهر التسعة الأولى من العام المالي الجديد 13.2 مليار دينار.
وسجّلت الكويت فائضاً مالياً للعام الثاني عشر على التوالي خلال العام 2010/2011 على رغم ارتفاع المصروفات بنسبة 44 في المئة. وبلغ إجمالي الفائض العام 2010/2011 نحو 5.3 مليارات دينار في مقابل 6.4 مليارات دينار المسجلة في العام الذي سبقه. كما بلغ إجمالي الإيرادات 21.5 مليار دينار خلال العام 2010 بارتفاع بلغت نسبته 22 في المئة عن مستواها في العام الذي سبقه. وبقيت إيرادات القطاعات الهيدروكربونية تشكل المصدر الأكبر لإيرادات الكويت؛ إذ شكلت 93 في المئة من إجمالي إيراداتها في العام 2010/2011. وارتفعت إيرادات النفط والغاز بنسبة 20 في المئة وبلغت 19.9 مليار دينار في العام 2010/2011 في مقابل 16.6 مليار دينار في العام 2009/2010.
من جهة ثانية، ارتفعت إيرادات القطاعات غير الهيدروكربونية لعام 2010/2011 بنسبة 41 في المئة لتبلغ 1.6 مليار دينار في مقابل 1.1 مليار دينار خلال العام الذي سبقه. وشكلت إيرادات الخدمات الجزء الأكبر من الإيرادات غير النفطية وشهدت ارتفاعاً بنسبة 53 في المئة خلال العام 2010/2011 في حين ارتفعت الإيرادات الضريبية بنسبة 8 في المئة خلال العام نفسه.
من ناحية أخرى، ارتفع إجمالي المصروفات بنسبة 44 في المئة خلال العام 2010/2011 لتبلغ 16.2 مليار دينار. وتشير زيادة الإنفاق الحكومي إلى كل من بدء تنفيذ خطة التنمية (مع ارتفاع الإنفاق الرأسمالي بنسبة 55 في المئة) والمنحة الأميرية غير المقدرة في الموازنة والبالغة 1.2 مليار دينار (التي تشمل شتى أنواع الإعانات الممنوحة إلى المواطنين الكويتيين في يناير/فبراير (كانون الثاني/شباط2011) والتي تمثلت في ارتفاع بنسبة 87 في المئة في المدفوعات التحويلية. وتعتبر المصروفات الجارية التي تشمل الأجور والرواتب والمدفوعات التحويلية، المساهم الأكبر في زيادة المصروفات وقد شكلت 70 في المئة من إجمالي المصروفات في العام 2010. وارتفعت المصروفات الجارية بنسبة 40 في المئة خلال العام 2010/2011 لتصل إلى 11.3 مليار دينار مقابل 8.1 مليار دينار خلال العام 2009/2010.
من جهة المصروفات الرأس مالية، والمصروفات المتنوعة فقد تضاعفت تقريباً خلال العام المالي 2010/2011 لتبلغ 3.05 مليارات دينار في حين ارتفعت مصرفات البناء والتشييد واستملاك الأراضي بنسبة 56 في المئة لتبلغ 1.7 مليار دينار. من ناحية أخرى، انخفضت مصروفات النقل والمعدات بنسبة 32 في المئة في العام 2010/2011 وبلغت 125 مليون دينار.
ارتفاع إيرادات النفط
وعلى رغم الزيادة الكبيرة التي سجلتها المصروفات الحكومية، فقد أتاح ارتفاع إيرادات النفط للكويت تحقيق فائض في موازنة العام المالي 2010/2011؛ إذ بلغ فائض موازنة العام 2010/2011 بعد احتساب مخصصات احتياطي الأجيال القادمة 3.1 مليارات دينار بالمقارنة مع 4.7 مليارات دينار في العام 2009/2010. ومن الأهمية بمكان ملاحظة أن الحكومة الكويتية ملزمة بموجب القانون بوضع 10 في المئة من إيراداتها في صندوق احتياطي الأجيال القادمة، وقد سن هذا القانون في العام 1976 بهدف حماية الأجيال الكويتية المقبلة من نفاد الاحتياطي النفطي المحدود بطبيعته، ولأن الاقتصاد الكويتي يكاد يكون اقتصاداً متنوعاً، ونتيجة الأداء الممتاز الذي حققته الإيرادات الحكومية خلال الأعوام الأخيرة، استمر حساب احتياطي الأجيال القادمة في الارتفاع بشكل كبير. وبلغت قيمة المبالغ التي تم تحويلها إلى صندوق احتياطي الأجيال المقبلة منذ نهاية العام 2005 وحتى نهاية العام 2010/2011 ما يعادل 10.89 مليارات دينار.
وبالنظر إلى الأداء المقدر والمحقق لموازنة العام المالي 2011/2012، فعلى رغم أن الحكومة قد توقعت بأن تبلغ المصروفات المقدرة في الموازنة 19.44 مليار دينار، وأن تصل الإيرادات إلى 12.31 مليار دينار؛ ما يؤدي إلى تسجيل عجز نهائي بقيمة 5.99 مليارات دينار، فإن الأداء الفعلي للموازنة المحقق في نهاية الأشهر التسعة الأولى شكل فائضاً بقيمة 13.2 مليار دينار. وقد بلغ إجمالي الإيرادات 21.4 مليار دينار مسجلاً ارتفاعاً كبيراً بنسبة سنوية بلغت 42 في المئة، وهو بالفعل يبلغ 159 في المئة من موازنة العام بأكمله، في حين بلغ إجمالي الإنفاق الحكومي 8.3 مليارات دينار، بارتفاع تبلغ نسبته 2 في المئة عن مستواه الفترة المماثلة من العام الأسبق، و42.5 في المئة فقط عن خطة العام بأكمله. ولكن، عادة ما يرتفع الإنفاق الفعلي خلال الربع الرابع من العام.
وشكلت إيرادات قطاع الصناعات الهيدروكربونية 95 في المئة أو ما يعادل 20.3 مليار دينار من إجمالي الإيرادات. وعلى رغم أن موازنة العام 2011/2012 كانت مبنية على اساس سعر مفترض للنفط مقداره 60 دولاراً للبرميل، فإن اسعار نفط خام «برنت» قد تراوحت ما بين 98 دولاراً و 127 دولاراً للبرميل منذ العام المالي الذي بدأ في شهر أبريل/نيسان. وبتحليل اعتمادات المصروفات بحسب الوزارات، نجد أن وزارة المالية قد تحملت أعلى التكاليف؛ إذ انها شكلت 24 في المئة من إجمالي المصروفات.
وبنهاية يناير 2012، أقر مجلس الوزراء الكويتي موازنة العام المالي 2012/2013، وأعلنت وزارة المالية أنه ستكون هناك زيادة سنوية بنسبة 13 في الإنفاق، وهي تعادل 22 مليار دينار وأن العجز المالي سيبلغ 8 مليارات دينار. وتتوقع الموازنة الجديدة التي تتطلب موافقة البرلمان، أن تصل إيرادات العام الجاري إلى 14 مليار دينار، بزيادة تبلغ نسبتها 4 في المئة عن الإيرادات المقدرة في موازنة العام السابق. وتعزى الزيادة في الإيرادات المقدرة في الموازنة إلى زيادة أسعار النفط المقدرة إلى 65 دولاراً للبرميل مقابل 60 دولاراً للبرميل في العام الماضي. ووفقاً للخطة التي تم وضعها لموازنة العام المالي المقبل، من المتوقع أن تزداد أجور العاملين في الدولة بنسبة 7 في المئة. ومع ذلك، فإن موافقة الحكومة على زيادة رواتب موظفي الخدمة المدنية في 18 مارس/آذار 2012 لم يتم إدراجها في خطة الموازنة.
ومنذ أن أعلنت الحكومة الكويتية الموازنة المقترحة للعام المالي 2012/2013، قام «غلوبل» بإعداد ثلاث سيناريوهات بهدف تقدير النتائج الفعلية للعام المالي الحالي؛ إذ توقع أن يتراوح متوسط سعر النفط الخام الكويتي الخاص بالتصدير بين 90 دولاراً و 110 دولارات للبرميل خلال العام الجاري، وذلك وفقاً لأسوأ إلى أفضل سيناريو محتمل. ومن الأهمية بمكان ملاحظة أن متوسط سعر النفط الخام الكويتي الخاص بالتصدير العام 2012 قد بلغ 117 دولاراً للبرميل في الربع الأول من العام وهو ما يفسر تقديرات «غلوبل» المتحفظة لأسعار النفط. وعلى صعيد الإنتاج النفطي، توقع «غلوبل» أن يتراوح إنتاج الكويت النفطي ما بين 2.50 و 2.70 مليون برميل يومياً. وفيما يتعلق بأسعار الصرف، فقد أخذ «غلوبل» بالاعتبار الارتفاع المستمر لسعر الدولار الأميركي في مقابل الدينار الكويتي (سعر الصرف قد تراجع بنسبة 2.3 في المئة خلال الأشهر الخمسة الماضية) علاوة على ذلك، كان سعر الصرف الذي استخدمه «غلوبل» في تقديراته، السعر المسجل خلال مارس 2011 (والبالغ 279 فلساً لكل دولار)
ومن جهة الإيرادات، قدرت أن تستقر إيرادات النفط والغاز عند المستويات المسجلة في العام المالي 2011/2012 مع احتمال ارتفاعها في حالة ارتفاع أسعار النفط أو زيادة معدلات إنتاجه خلال العام المالي الجاري. علاوة على ذلك، قدر «غلوبل» أن تتراوح إيرادات النفط والغاز بين 24.4 مليار دولار و 32 مليار دولار وفقاً لأسوأ سيناريو إلى أفضلها. وفيما يتعلق بالإيرادات غير النفطية، فقد قدر «غلوبل» أن تستقر عند المستوى المتوقع العام 2011/2012 البالغ 1.65 مليار دينار وفقاً لأفضل سيناريو، بزيادة بنسبة 10 في المئة وفقاً لأسوأ سيناريو لتبلغ 1.8 مليار دينار و1.5 مليار دينار على التوالي.
ومن ناحية أخرى، يرى «غلوبل» أن المصروفات الفعلية للعام المالي الجديد ستكون في النهاية أكبر من المصروفات في موازنة العام 2011/2012 بسبب الزيادة السنوية البالغة 13 في المئة في الأرقام المقدرة في الموازنة.
العدد 3504 - الثلثاء 10 أبريل 2012م الموافق 19 جمادى الأولى 1433هـ