العدد 3567 - الثلثاء 12 يونيو 2012م الموافق 22 رجب 1433هـ

وزير الداخلية: التطرف المذهبي أبرز تهديد لأمن الخليج

العوالي - مركز البحرين للدراسات 

12 يونيو 2012

اعتبرَ وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة «التطرف المذهبي من أبرز مهددات أمن الخليج في ظل وجود أطراف دولية تغذي هذا التطرف وتدعو للتفرقة وتعمل على تسييس الدين واستغلال المذاهب لمبتغيات سياسية متطرفة خلقت حالة من الإرهاب تتبناه بعض الأطراف، وهو ما يشكل تحدياً أمام إقامة الدولة العصرية المتسمة بالتعايش السلمي». جاء ذلك في كلمته في انطلاق مؤتمر «أمن الخليج العربي: الحقائق الإقليمية والاهتمامات الدولية عبر الأقاليم» أمس.


وزير الداخلية: التطرف المذهبي أبرز تهديد لأمن الخليج

مؤتمر «أمن الخليج العربي» يناقش تعزيز «التعاون» والسياسات الدفاعية

العوالي - مركز البحرين للدراسات

انطلقت أمس (الثلثاء) فعاليات مؤتمر «أمن الخليج العربي: الحقائق الإقليمية والاهتمامات الدولية عبر الأقاليم»، والذي ينظمه مركز البحرين للدراسات الإستراتيجية والدولية والطاقة DERASAT بالتعاون مع المعهد الملكي للدراسات الدفاعية والأمنية بالعاصمة البريطانية لندن RUSI، يومي 12 - 13 يونيو/ حزيران 2012 بفندق سوفتيل بمملكة البحرين.

وفي هذا الإطار، أكد مستشار جلالة الملك للشئون الدبلوماسية ورئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الإستراتيجية والدولية والطاقة محمد عبدالغفار، ضرورة التعامل مع التحولات التي يشهدها العالم العربي ومناطق أخرى من العالم باستراتيجيات مستحدثة تتواءم وحجم تلك التحولات، وخصوصاً أن بعض تفاعلاتها أصبحت تؤثر على الأمن الداخلي والأمن الإقليمي لدول مجلس التعاون.

ورأى عبدالغفار أن دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى دول مجلس التعاون للانتقال من مرحلة التعاون إلى الاتحاد جاءت لتعكس تحولاً في الفكر الإستراتيجي لدول المجلس بما يتناسب مع متطلبات الأمن الوطني والأمن الإقليمي لهذه المنظمة الإقليمية المهمة.

وقال: «إن انتقال دول مجلس التعاون الخليجي من مرحلة التعاون إلى الاتحاد يمثل توجهاً إستراتيجياً لدى قيادات من دول مجلس التعاون بدعم من شعوبها التي تطمح إلى تحقيق التلاحم في مواجهة تحديات مشتركة جديدة لم تألفها المنطقة من قبل، فضلاً عن أن تلك الدعوة تعد إدراكاً واعياً بعمق التحولات الراهنة لهذه الدول التي يجمعها هدف ومصير واحد».

وأضاف عبدالغفار «ان المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المنطقة لا تقل أهمية عن التطورات السياسية؛ ما يحتم على دول المجلس أن تبادر إلى تطوير برامج التنمية البشرية وتبني الإصلاح الاقتصادي الشامل، والاهتمام بقطاعات الثقافة والتعليم؛ إذ إن دولنا أحوج ما تكون إلى نهضة فكرية تسهم في وضع أسس جديدة لحراك مجتمعي قادر على الانعتاق من الموروثات السلبية المؤثرة على تماسك المجتمع، وطرح معطيات جديدة تتناسب مع مستوى التحولات التي تمر بها المنطقة».

جاء ذلك في كلمة افتتح بها عبدالغفار فعاليات مؤتمر «أمن الخليج العربي: الحقائق الإقليمية والاهتمامات الدولية عبر الأقاليم»، بحضور وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، والأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبداللطيف الزياني، وقائد الأسطول الأميركي الخامس الأدميرال جون ميلر، ومدير دراسات الأمن الدولية بالمعهد الملكي البريطاني للدراسات الدفاعية والأمنية جوناثن آيال، والكثير من الشخصيات المدنية والأمنية والسفراء والإعلاميين.

وأكد مستشار جلالة الملك للشئون الدبلوماسية رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الإستراتيجية والدولية والطاقة ان قضايا الأمن في منطقة الخليج العربي تتبدل وفقاً للمتغيرات الإقليمية والدولية التي تتفاعل مع ما يجري في هذه المنطقة من تجاذبات واستقطابات لضبط مصالح القوى الفاعلة على ساحة هذه الرقعة الجغرافية المهمة.

وقال إن التحولات التي يشهدها العالم العربي ومناطق أخرى من العالم تحتم على الدول والمنظومات الإقليمية مواجهتها باستراتيجيات مستحدثة تتواءم وعظم تلك التحولات، وخصوصاً أن بعض تفاعلاتها أصبحت تشكل مهددات للأمن الداخلي والأمن الإقليمي لدول المجلس.

وأشار الى أنه في التاريخ دروس مستفادة؛ فعندما اعترى مدارس الفكر التقليدية القصور في التأقلم مع مستجدات المرحلة؛ شهدت الساحة الغربية حراكاً فكرياً شبابياً في حركتي مارس/ اذار ومايو/ ايار من العام 1968، والتي قاد فيها الجيل الشبابي من طلبة الجامعات حركة فكرية تنتقد المدارس الفكرية التقليدية التي لم تتمكن من مواكبة المستجدات آنذاك.

وبين ان هذه الحركة نجحت في توعية شعوب الغرب بضرورة الخروج من بوتقة المدارس السياسية المنغلقة على نفسها إلى آفاق الإبداع والتجديد، وطرح معطيات فكرية جديدة خارج التصنيفات التقليدية التي مزقت المجتمع ومنعته من التطور والتحديث.

وأوضح رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة، أن المؤتمر سيناقش مجموعة من القضايا التي تتعلق بالمستجدات الأمنية والمسائل بالغة الأهمية بالنسبة للأمن الوطني والأمن الإقليمي لدول مجلس التعاون، إذ تتناول جلساته مناقشة سبل تعزيز آليات التعاون بين دول المجلس؛ انطلاقاً من معاهدة الدفاع المشترك التي هدفت إلى تحقيق التكامل الأمني والعسكري، وخصوصاً على صعيد الأمن الجماعي (collective security)، من خلال ربط مراكز عمليات القوى الجوية والدفاع الجوي بدول المجلس آلياً، وربط القوات المسلحة في دول المجلس بشبكة اتصالات موحدة، فضلاً عن تعزيز قدرات الدفاع الجوي بمختلف أنظمة الدفاع الصاروخية، وفق الإستراتيجية الدفاعية الشاملة التي تم اعتمادها في قمة الكويت العام 2009، بالإضافة إلى ما تم إقراره في الاجتماع الأخير لدول المجلس فيما يخص تأسيس مركز إقليمي بحري عسكري مشترك تناط به مسئوليات متعددة تتعلق بأمن البحار، والبيئة البحرية، والمرور الحر، وإنقاذ السفن، والتعامل مع الكوارث، وكل ما يتعلق بأمن الملاحة في الخليج العربي.

كما تستعرض جلسات المؤتمر تأثير المستجدات الإقليمية على الأمن المحلي، ودور القوى الدولية الفاعلة في المنطقة، وواقع السياسة الأمنية للولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة ومستقبلها وتأثير ذلك على دول المجلس التي أبدت موافقتها المبدئية على دراسة مشروع إنشاء درع صاروخية في المنطقة، فضلاً عن تنامي اهتمام بريطانيا بتطوير علاقاتها الأمنية والدفاعية مع دول المجلس.

ويتناول المؤتمر علاقات إيران بدول المجلس باعتبارها دولة مهمة في المنطقة، إلا أن الاختلاف بينها وبين دول المنطقة والمجتمع الدولي في كثير من القضايا يتطلب حواراً جاداً بشأن إيجاد آليات تفاهم مشترك بهدف تحقيق الاستقرار والسلام الدائم في الخليج العربي ومنطقة الشرق الأوسط، ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا إذا كانت إيران راغبة في التعاون مع الأسرة الدولية لحل مشكلة ملفها النووي، وتغيير سياساتها الخارجية تجاه جيرانها، بعيداً عن استخدام أدوات تقع ضمن دائرة التدخل في الشئون الداخلية لتلك الدول، وتوظيف الخلافات الايديولوجية، ومد الشبكات التابعة لها في نطاق دول أخرى ذات سيادة، ما يهدد أمن هذه الدول واستقرارها.

إلى ذلك، أشار مدير دراسات الأمن الدولية بالمعهد الملكي للدراسات الدفاعية والأمنية ببريطانيا جوناثن إيال، إلى الأهمية الإستراتيجية لمملكة البحرين في الأمن الإقليمي وعلاقات الصداقة البحرينية البريطانية التي تمتد لعقود من العمل المشترك من أجل استقرار الأمن في المنطقة، متمنياً أن يخرج المؤتمر بنتائج مثمرة وأفكار بناءة تسهم وتخدم الاستقرار المنشود في المنطقة.

وقال وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة في كلمته، إن «الأوضاع الإقليمية التي نشهدها وعدم الاستقرار في بعض الأنظمة وصعود تيارات وتراجع تيارات أخرى، شجّع بعض الدول ذات المطامع التوسعية على التمدد إقليمياً وإعلامياً وعسكرياً مستغلة الاضطرابات والتوترات».

واعتبرَ الوزير «التطرف المذهبي من أبرز مهددات أمن الخليج في ظل وجود أطراف دولية تغذي هذا التطرف وتدعو للتفرقة وتعمل على تسييس الدين واستغلال المذاهب لمبتغيات سياسية متطرفة خلقت حالة من الإرهاب تتبناه بعض الأطراف، وهو ما يشكل تحدياً أمام إقامة الدولة العصرية المتسمة بالتعايش السلمي بين مختلف مكوناتها».

وأشار وزير الداخلية إلى «استهداف دول الخليج العربي إعلامياً بتقارير منافية للحقيقة من مصادر لها رؤى بعيدة كل البعد عن الموضوعية والحياد، يتطلب تبني مواقف خليجية جماعية لا تقتصر فقط على رد الاتهامات من وسائل الإعلام بل الإسهام الفاعل في إظهار الحقائق والتأكيد على ضرورة أن يعكس الإعلام العربي الانتماء القومي للمنطقة ومراجعته لما يقدمه من مواد إعلامية تضر بالاستقرار».

وتطرق وزير الداخلية إلى تدريب بعض الجهات الخارجية لأبناء المنطقة على السعي إلى تغيير الأنظمة ومقاومة الدولة ولعب أدوار سياسية تحت غطاء حقوق الإنسان، لافتاً إلى منظمات تعمل تحت شعار حقوق الإنسان لكنها تتبنى أجندات سياسية تستهدف دول الخليج العربي وتتغاضى في الوقت ذاته عن حقوق الإنسان في دول ومناطق أخرى مثل حقوق الفلسطينيين.

وتحدث وزير الداخلية عن الفترة العصيبة التي مرت بها مملكة البحرين والأحداث التي تكمن خطورتها في تأجيج المشاعر الطائفية وهو ما أنذر بدخول البلاد في دوامة صراعات أهلية، لافتاً إلى الطبيعة الديمغرافية للبحرين التي ينذر فيها التأزيم الأهلي والطائفي بخسائر وطنية كبرى كان لابد معه للدولة من التماسك وامتصاص حجم الفوضى ووضع حد، مؤكداً التزام الدولة بحفظ أمنها واستقرارها وضرورة التضحية بالتطرف لصالح الوطنية.

وأضاف الوزير «أصبح أمن منطقة الخليج محلاً للاهتمامات الدولية منذ أن غدا النفط والغاز مصدري الطاقة الرئيسيين، وعماد النمو الاقتصادي والحضارة الحديثة، وذلك بسبب امتلاك منطقة الخليج نحو ثلثي الاحتياطي العالمي من النفط وربع الاحتياطي العالمي من الغاز».

وقال وزير الداخلية: «فضلاً عن الخسائر المالية التي تكبدتها دول الخليج في حروب وصراعات هذه الفترة والتي جاوزت 47 مليار دولار كمساعدات للعراق في حربها ضد إيران، و65 مليارًا في حرب الخليج الثانية، فان تصنيف منطقة الخليج كمنطقة عدم استقرار بسبب تلك الحروب والصراعات أبعدها عن خريطة تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر، ومن ثم التكنولوجيا الحديثة، فكان ما يتدفق لها أقل من 3 في المئة سنويًّا، مما يتدفق عالميًّا، وإضافة إلى هذه الخسائر المادية خسرت المنطقة حياة مئات الآلاف من البشر، كما أشعلت هذه الحروب والصراعات عداوات بين أبناء الدين الواحد، وأدت إلى تفكك اجتماعي وتغذية الانقسام الطائفي، بل وأشعلت العداء بين أبناء الوطن الواحد عربي وكردي سُني وشيعي، وأبناء المنطقة الواحدة عربي وفارسي، وأوجدت خللاً في موازين القوى الإقليمية، وأدت إلى ظهور نوازع الهيمنة والتوسع والتدخل في الشئون الداخلية لدول الخليج العربية».

من جهته، تحدث الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبداللطيف الزياني عن دور منظومة التعاون الخليجي في حفظ أمن واستقرار الدول الأعضاء وكذلك الانتقال إلى مرحلة الإسهام الفاعل في الأمن العربي والإقليمي.

وأكد الزياني أن مجلس التعاون لدول الخليج العربية بات بعد مرور ثلاثة عقود على تأسيسه أكثر قوة ويتحدث بلغة واحدة في معظم القضايا الإقليمية والدولية ويقوم بدور مؤثر وفاعل إقليمياً ودولياً، مبيناً أن «دول التعاون تؤمن بأن أي اعتداء على أية دولة من دول المجلس يعتبر اعتداء على منظومة واحدة ويتم التعامل مع الاعتداءات بالتنسيق والتكامل والتشاور.

وعدَّد الزياني أبرز المهددات والتحديات التي تواجه دول الخليج العربي من بعض دول الجوار، مشيراً إلى أنه في الوقت الذي كان يجب أن تربط دول الخليج علاقات صداقة وحسن جوار بدولة مثل إيران إلاّ أن التصريحات الإيرانية الرسمية تشكل استفزازاً مستمراً وتهديداً لدول الخليج العربية ولا تخدم مساعي الأمن والاستقرار، لافتاً إلى الحركات المذهبية الطائفية التي تغذيها وتدعمها قوى إقليمية وأحزاب متطرفة والتي تهدد الاستقرار الداخلي لدول الخليج العربية، إلى جانب سياسات بعض الدول الكبرى والدول الإقليمية الطامعة في إيجاد مركز جيواستراتيجي لها ولا تأبه بإذكاء النزاع الطائفي والمذهبي للوصول لمبتغياتها. وقال الزياني ان احتلال إسرائيل لأراضٍ عربية بالقوة، يمثل تحديا أمام المنظمات الدولية ومدى صدقيتها وحياديتها، كما يمثل تهديداً صريحاً للمنظومة العربية بأكملها بما فيها دول الخليج العربي.

وتناول قائد الأسطول الأميركي الخامس الأدميرال جون ميلر موضوع التعاون بين مملكة البحرين ودول الخليج والقوات الأميركية، للحفاظ على أمن المياه وضمان تدفق الملاحة وحركة السفن في بيئة آمنة ولاسيما مع تنامي ظاهرة القرصنة والإرهاب ويرى الأدميرال ميلر أن العمل المشترك كفيل بالسيطرة على تلك الظواهر.

بعدها بدأت جلسات المؤتمر لمناقشة محاور مختلفة بدءا بجلسة عن السياسات الأمنية الغربية في منطقة الخليج العربي التي ناقشت تعزيز آليات التعاون بين هذه الدول في ظل بروز المستجدات التي تشهدها المنطقة العربية، وتناولت العلاقات المستقبلية بين الولايات المتحدة وبريطانيا والخليج ودور الغرب ومشاركته في استقرار منطقة الخليج ومدى تأثر العلاقات التاريخية بالتطورات والأحداث الأخيرة في المنطقة العربية, وما إذا كان الغرب لايزال يملك المقومات لأن يكون الضامن الأمني للمنطقة.

العدد 3567 - الثلثاء 12 يونيو 2012م الموافق 22 رجب 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً