العدد 5384 - السبت 03 يونيو 2017م الموافق 08 رمضان 1438هـ

فخرو لا ضرائب من دون مشاركة سياسية في صنع القرار

this will be replaced by the SWF.
فخرو لا ضرائب من دون مشاركة سياسية في صنع القرار

[ قال المفكر والكاتب البحريني، علي فخرو، إن الأدبيات السياسية تقضي بأنه لا تفرض ضرائب على المواطنين من دون وجود سلطة من قبل دافعي الضرائب على عملية صنع القرار. وتحدثت حلقة جديدة من البرنامج الأسبوعي «الوسط لايف» الذي يبث اليوم (الخميس) على «الوسط أون لاين»، عبر الهاتف مع المفكر البحريني علي فخرو. وأثارت جملة من التساؤلات عن الضرائب وهل سيدخل الخليج عصر الضرائب، إذ سيتوجب على دول المنطقة الانتقال من دول يقوم اقتصادها على النفط إلى اقتصاد يقوم على الضرائب وتوجيه الدعم لمن يحتاجه فقط، لكن معنى ذلك أن هذه الدول قد تحتاج إلى ترتيبات رديفة تنقلها إلى دولة المؤسسات القائمة على الانتخاب أي ان المال الذي يؤخذ من الشعب يعود إلى الشعب مباشرة بعد تداول الثروة عبر رقابة موثوقة. [ بدايةً دكتور، نسأل عن رأيك في هذا الكلام ورأيك أيضاً بالكلام الذي يقول أننا في البحرين ندخل مرحلة أو عهد ضرائب متصاعد بشكل غير رسمي أي تحت مسمى رسوم؟ - أولاً يجب أن نعرف ان في الأدبيات السياسية هناك مقولة مشهورة انه لا ضرائب دون وجود سلطة من قبل دافعي الضرائب على أين تذهب ضرائبهم وعلى ماذا تصرف هذه الضرائب التي يدفعونها، عند ذلك من الممكن الحديث عن الضرائب، إلى ذلك الوقت لا يحق لأحد أن يأخذ مني مبلغ من المال ثم يصرفه كما يشاء, ولا أعرف أنا هذا المبلغ إلى أين يذهب فهذه قضية بالغة الأهمية في الحياة السياسية ولا يمكن أبداً تجاهلها على الاطلاق، الجانب الآخر هو ان البترول ثروة مجتمعية، وليست ثروة تخص مجموعة من المجموعات، ولأنها لمجموع الشعب بكامله فصرفها أولاً يجب أن يتوجه إلى الخدمات الأساسية التي يتطلبها هذا الشعب، صرفها أساساً يجب أن يذهب إلى المأكل والسكن وخدمات التعليم وخدمات الصحة وإلى آخره من الأمور التي الأساسية في حياة الإنسان وما يتبقى منها من الممكن أن يذهب إلى خدمات أخرى، ونحن في الخليج مع الأسف دائماً عندما تتراجع أسعار البترول دائماً أول من يتأثر بهذا التراجع هم المواطنون العاديون الذين يعتمدون اعتماداً كبيراً على ما يحصلون عليه من ريع ذلك البترول. [ لكن نحن هنا في البحرين لدينا مسمى آخر للضرائب يعني الرسوم مثلاً؟ - نعم، هي الضرائب ضرائب... الرسوم المبالغ فيها هي نوع من الضرائب حتماً وخصوصاً إذا كانت رسوم على قضايا حياتية أساسية ترتبط مباشرة بالفرد العادي وعلى الأخص الذين ليس لهم دخل كبير. بمعنى آخر، محدودي الدخل، القضية هي قضية نظام متكامل وليست قضية من هنا أو هناك، يعني أن أرفع الضرائب على السيارات هذا العام ثم الرسوم على المباني ثم الرسوم على أشياء أخرى ثانية، هذه الطريقة لا تجوز. الطريق الصحيح هو أن يكون هناك نظام هدفه الأساسي ألا تضار الطبقة المحدودة الدخل على الاطلاق، وبالتالي الذي يجب أن يتحمل عبء الحاجة للمال هي الطبقة الموسرة التي لديها دخل كبير جداً دون أن تدفع أية رسوم أو ضرائب. إذا كان ولابد من رسوم فلتكن رسوم على الذين مداخيلهم بالملايين وحتى تصل إلى حدود البلايين. هذا جانب الجانب الآخر، نحن يجب ألا نتحدث فقط عن البترول، الواقع اليوم أحد المداخيل الرئيسية في منطقة الخليج هو الأرض، الأرض التي بدل أن تكون ملكاً للمجتمع توزع من أجل حاجاته الأساسية مشاريع إسكانية مشاريع إنتاجية مساعدة لبناء مدارس لبناء مستشفيات إلى آخره... وانقلبت (هذه الثروة) إلى دخل رئيسي يكاد يبز البترول في حجمه ومرة أخرى يذهب إلى جيوب محدودة إلى جيوب جماعة محدودة في المجتمع تزيدهم غنى وتحرم المواطنين مرة أخرى من العيش الكريم. [ معنى ذلك أن دول الخليج متوجهة سواء الآن أو غداً إلى فرض الضرائب، قد يكون هذا من خلال تخفيض الدعم عن السلع أو بسبب الأزمة المالية التي تعصف بالعالم أو حتى من خلال فرض «ضريبة الشراء»، بسبب ما تفرضه بعض الاتفاقيات الدولية أو التجارية أو أية أعذار أخرى؟ - أخت ريم، أعتقد أن المتطلبات الدولية يجب أن يقبل بها فقط بعد عدة أشياء، أولاً كما قلنا انه عندما تكون ثروة البترول الأساسية قد صرفت صرفاً صحيحاً وأخذت بعين الاعتبار الحاجات الأساسية للمواطنين وعندما يكتشف أنه بعد صرفها الصرف الصحيح ما عادت تكفي يجب الانتقال إلى شيء آخر. هذي نقطة، النقطة الثانية إذا كان هناك فائض في ثروة البترول حتى بعد الحاجات الأساسية فيجب أيضاً طرح السؤال: هل الفائض يصرف من أجل تنمية مستدامة في المجتمع، بمعنى آخر من أجل بناء اقتصاد إنتاجي معرفي يولد أموالاً أخرى وثروات أخرى في المستقبل لنا وللأجيال القادمة أم أنه بس فقط بسبب وجود هذا الفائض يؤخذ ويصرف في أشكال عبثية كثيرة وهي مختلف حولها مثلاً المصاريف الباهظة التي تصرف على التسليح في هذه المنطقة وعلى القوى الأمنية في هذه المنطقة أو مثلاً على المشاريع التي هي نوع من الترفيه بشكل كبير أو توزع على أناس لم ينتجوا ولم يقدموا شيء للمجتمع وانما توزع عليهم بسبب الشللية أو بسب الولاءات الفرعية؟ كل هذه النقاط (يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار وليس) لأن العالم الآن عولمي والعالم يتكلم عن ضرائب وعن رسومات فيجب أن يحدث ذلك، هذا أبداً غير منطقي، المنطق الصحيح أن هناك ثروة مجتمعية كبيرة يجب أن يتمتع بها المجتمع أولاً وعندما يكون هناك فائض يجب أن يصرف أيضاً على بناء مستقبل الرفاهية للجميع وبعد ذلك إذا كان هناك فائض نتكلم عن ذلك في حينه. [ دكتور، أثرت موضوع الأرض بدل النفط، هذا أيضاً جانب مهم بالنسبة إلى منطقة الخليج، فنرى الآن أن هناك الكثير من الاستثمارات التي تقام ليس على اليابسة فقط بل أيضاً على البحر وفي ظل هذه الاستثمارات وفي ظل هذه التغييرات وأيضاً محاولات جس نبض الشارع في رفع أسعار البنزين هنا أو هناك، يعني لا أدري، هل تعتقد في ظل تدني مستوى الدخل في بلد نفطي خليجي مثل البحرين هل هذا سيقودنا إلى نوع من طرح مداخل جديدة بالنسبة لتحصيل الضرائب؟ - يعني أنا هذا الذي أشدد عليه من البداية وهو انه هناك ثروات يجب أن تعتبر ثروات للمجتمع أولاً، مثل الأرض. الأرض اليوم في كل الخليج بسبب المضاربات من حولها واستعمالها لتوليد ثروات جديدة الذي دفع الثمن هو المواطن العادي اليوم، المواطن العادي في الخليج لا يستطيع أن يشتري أرض صغيرة ليبني عليها بيته بيت الحياة الذي يحتاجه هو وعائلته، وأصبح من المستحيل على كثيرين أن يشتروا هذه الأرض، وبالتالي نحن ضربنا أولاً حاجات المواطنين من جهة ومن جهة ثانية أخذنا شيئاً لا يحق لنا أن نأخذه، لأن مثل ما قلنا الأرض ليست ملك حكومة وانما هي ملك مجتمع، ولذلك نحن إذا درسنا تاريخ قضية الأراضي في البلدان الديمقراطية نجد أنها أحد أهم أسباب التغييرات التي حدثت. بعد أن دخل النظام الديمقراطي الأرض أصبحت لا يمكن أعطاؤها أو استعمالها إلا بقانون يحكمها حكماً تاماً كاملاً بحيث لا تذهب إلى هذه اليد أو تلك اليد دون عناء أو بأسباب أخرى سياسية أو عائلية أو طائفية إلى آخره أو مصلحية، وأيضاً هناك حاجة ملحة جداً لقانون أو لقوانين في كل الأرض الخليجية تنظم قضية الأرض وتجعلها أرضاً ليست مشاعة لأحد وانما مشاعة فقط للمجتمع وحاجاته. [ لكن في غياب المؤسسات الديمقراطية والتمثيل الديمقراطي أو المنتخب الصحيح في مجتمعات هذه المنطقة ألا تعتقد قد يعيق من تحقيق بعض ما تفضلت به فيه دكتور فخرو؟ - مو بس يعيق بعض يعيق كل ما تكلمنا عنه، يعني اليوم بصراحة الانتقال إلى الديمقراطية ما عاد أصبح ترفاً وانما أصبح ضرورة ملحة بسبب تراكم المشاكل الكثيرة مو بس في قضايا الثروة، وانما في قضايا التهميشات الاجتماعية والتهميشات السياسية والصراعات المتداخلة داخل المجتمعات، فما فيه حل اليوم لكل القضايا التي نواجهها إلا انتقال المجتمعات إلى ديمقراطية معقولة متوازنة تسود فيها عدالة سياسية وعدالة اقتصادية وعدالة اجتماعية. بمعنى آخر، الانتقال إلى ديمقراطية سياسية وديمقراطية اقتصادية وديمقراطية اجتماعية ولذلك من المهم جداً أيضاً ودائماً أن ننبه المواطنين إلا أنهم يجب ألا يتطلعوا فقط إلى ديمقراطية سياسية لأن أحياناً الديمقراطية السياسية قد لا تجلب الديمقراطية الاقتصادية والديمقراطية الاجتماعية. بمعنى آخر، عدالة توزيع الثروة وعدالة توزيع السلطة في المجتمع. [ وربما هذا واضح وجلي خصوصاً في المراحل والمتغيرات التي تشهدها دول المنطقة التي شهدت بعض التغييرات والاصلاحات السياسية، وقد يكون هذا جلياً حتى في عملية الممارسة للعملية الديمقراطية بشكل عام... - مؤكد أن ما تفضلتِ به هذا ينطبق على العديد من المحاولات عندنا وعند غيرنا، والقوى السياسية العاملة إذا لم تنتبه إلى هذا الموضوع وتفرح فقط بجانب من الديمقراطية، إنما هي شيئاً فشيئاً تبني ديمقراطية مشوهة للمستقبل ولأجيال المستقبل.

صحيفة الوسط البحرينية - العدد 5384