العدد 5384 - السبت 03 يونيو 2017م الموافق 08 رمضان 1438هـ

في برنامج صحة ... مرضى السكلر : نعاني من الإهمال في مجمع "السلمانية" ... ونظرة المجتمع... والبطالة

اعداد وتقديم : علياء علي

this will be replaced by the SWF.
في برنامج صحة ... مرضى السكلر : نعاني من الإهمال في مجمع "السلمانية" ... ونظرة المجتمع... والبطالة

أعزائي زوار موقع الوسط اون لاين؛ يتجدد لقاؤنا اليوم، وهذه حلقة جديدة من برنامج "صحة"، تأتيكم على الوسط اون لاين.

سجل مجمع السلمانية الطبي يوم الثلثاء الماضي الموافق الثالث من أغسطس/ آب 4 وفيات من جراء مضاعفات مرض السكلر، وهو ما رفع إجمالي الوفيات إلى 5 في غضون أسبوع واحد، و22 وفاة خلال العام الجاري 2010.

مريضات السكلر أردن أن يتحدث لـ "الوسط" عن بعض ما يعتمل في نفوسهن، خاصة أنها المرة الأولى التي يُسجل فيها هذا العدد من الوفيات في يوم واحد... فأهلاً وسهلاً بهن.

• أهلاً بكن...

- أهلاً ومرحباً فيك.

• كيف تلقيتم نبأ وفيات السكلر يوم الثلثاء الماضي؟

- نحن على يقين تام ورضا بقضاء الله وقدره، ولا مفرّ من الموت فهو أمر محتم وأمر من الله سبحانه وتعالى، ولكن خبر وفاة 4 أو 3 أشخاص في يوم واحد هذا ما صعّب علينا الأمر، 4 أشخاص نفتقدهم ساعة وراء ساعة، 4 أشخاص كانوا يعيشون معنا، نعرفهم، نأكل معهم، هو ما صعّب علينا الأمر... رغم قوتنا، رغم الأمل الذي داخلنا، رغم الصبر الذي نصبره نحن.

لذلك، فنحن نتلقى الخبر بألم وبحزن شديد، ولا ننكر، بدموع حارة لفقد هذا العدد، ولكننا راضون بقضاء الله وقدره، ولكنه شيء مؤلم، جداً مؤلم، 4 أشخاص في نفس اليوم، ما هو السبب؟ جميعهم يعانون من نفس الحالة وهي تسمم في الدم، وهو ما يستدعي منا النظر في الأمر؛ ما هي الأسباب، لماذا يحصل هذا، لماذا نفقدهم جميعاً بنفس السبب؟

أنا لا أنكر حب الأطباء (الله يخليهم)، فهم ليسوا مقصرين، لكن أيضاً هناك إهمال يحصل في المستشفى. ما يجري شيء غير طبيعي.

• هل لكِ أن تفصلي أكثر، بالنسبة لما أسميته بالإهمال، ففي أي اتجاه يكمن هذا الإهمال؟

- في جميع الاتجاهات، هناك إهمال في كل النواحي بالنسبة للمرضى، حالياً في الطوارئ هناك إهمال، حيث يبقى المريض 4 أيام في القسم المذكور من دون سرير...

• تقصدين لا يوجد لديه سرير داخل الأجنحة؟

- نعم، لا يوجد لديه سرير في الأجنحة، وبعض الأحيان يحتاج إلى قسم العناية المركزة ولكن لا يجد سريراً شاغراً في العناية المركزة أيضاً، وبالتالي يضطر المستشفى إلى إدخاله في قسم RR في الطوارئ، طبعاً إذا وُجد له سرير هناك.

وبالتالي، لكم أن تتخيلوا مدى المضاعفات التي ستطرأ عليه أثناء وجوده في الطوارئ، رغم المضاعفات التي يعانيها من المرض أساساً، وهو ما يزيد من المعاناة، يزيد من الآلام وبالتالي تنتكس حالته من أسوأ إلى أسوأ، بدلاً من أن تتم مساعدته على تعدي هذه المرحلة الحرجة، تزيد معاناته بسبب وجود الأسرّة في الأجنحة وفي RR بالطوارئ وكذلك في العناية المركزة.

فهذا إهمال جداً كبير، أن يبقى المريض لمدة 4 أيام في الطوارئ، حتى يصل الجناح فليست له القدرة على تحمل الألم بتاتاً.

• بالنسبة لكِ؛ كم عدد المرات التي تحتاجين فيها الدخول إلى المستشفى بسبب السكلر؟

- أنا لست من الأشخاص اللائي يترددن كثيراً على المستشفى، إذ إنني أحاول مساعدة نفسي بنفسي، ولكن في بعض الأحيان لا أستطيع تحمل الألم وبالتالي أضطر إلى التردد على المستشفى بكثرة.

• كم عمركِ الآن؟

- 32 عاماً.

• هل أنتِ متزوجة؟

- كلا.

• تحدثتِ قبل أن نبدأ في التسجيل عن أن المجتمع ينظر إلى مريضة السكلر على أنه كائن قادم من الفضاء الخارجي، حديثنا عن الغربة التي تشعرين بها في مجتمع يعتبر السكلر وصمة؟

- للأسف، المجتمع ينظر إلى مريض السكلر أو مريضة السكلر نظرة شفقة، لأن مريض السكلر عضو غير فعال في المجتمع، أو غير قادر على أن ينتج في المجتمع، مع أن مريض السكلر لديه قدرة جبارة في أن ينتج.

فعلى سبيل المثال، نحن أكملن الدراسة وخريجات جامعات، ولدينا شهادات...

• في أي تخصص درستن؟

- بالنسبة لي لدي بكالوريوس في علم النفس، ودبلوما في المحاسبة، ومع ذلك عاطلة!

• عاطلة منذ كم عام؟

- منذ سنتين تقريباً.

• ماذا تفعلين طوال هذه الأعوام التي تنتظرين فيها الحصول على وظيفة؟

- أحاول السعي وراء الوظيفة، ولكن للأسف إلى حد الآن لم ألق أي فرصة في الحصول على وظيفة.

• هل تعتقدين أن إصابتكِ أو مرضكِ بالسكلر هو سبب أو حائل دون الحصول على وظيفة مناسبة؟

- أستطيع القول إنه حائل دون حصولي على الوظيفة، فأثناء إخضاعنا للمقابلة في الشركات لا أنكر إصابتي بعارض صحي إذ لا أود أن أبدأ حياتي العملية بكذب وبالتالي أضطر إلى مصارحتهم بكوني مريضة السكلر، وهذا الشيء يكون عائقاً أو حاجزاً عن مواصلتي في العمل حيث لا يقبل أرباب العمل ذلك، أو لنقل ليس الكل من يتقبل مريضة السكلر.

أستطيع القول إن لدي قدرة جبارة، وهذا ليس مدحاً في نفسي، ولكن هذا ما أشعره بداخلي، حيث أشعر بداخلي وجود رغبة في العطاء ورغبة في الإنتاج والمشاركة في تنمية المجتمع، ورغبة جداً كبيرة في العطاء وشعور بأنني قادرة على أن أنتج في المجتمع، ولكن للأسف أن البعض يحطم هذا الشيء رغم قوتي الداخلي وشعوري الداخلي القوي جداً بقدرتي على الإنتاج، رغم أنني لا تهزني مثل هذه الكلمات، ولكن كما تعرفين فإن الإنسان طاقة وبعض الأحيان لا يتحمل هذه الكلمات التي توجّه إليه.

• إذاً، تعتقدين أنه من القسوة الحكم على مريض السكلر بأنه غير قادر على العمل قبل تجربته، صحيح؟

- بالتأكيد، شعور قاسي بل إنه مؤلم، جداً مؤلم.

• تحدثتِ قبل قليل بأن هناك إهمالاً في عدة نواحي، وتناولتِ محور ما يتعرض له مريض السكلر عندما يتوجه إلى طوارئ السلمانية من ناحية نقص الأسرّة التي يعاني منها المستشفى، هل لكِ أن تتناولي محوراً آخر حتى نفسح المجال لمريضة السكلر الأخرى بالحديث؟

- سوف أعطي المجال لأختي للحديث معكِ حول النواقص الأخرى الموجودة، وعن النواحي الأخرى التي بها نقص.

• أهلاً بكِ أختي الكريمة، أنتِ معنا في برنامج "صحة" على الوسط اون لاين، ونتحدث عن هموم ومعاناة مرضى السكلر... في البداية، كيف تلقيتن نبأ الوفيات الأربع بالسكلر يوم الثلثاء الماضي؟

- أولاً أشكركم على إتاحة الفرصة لنا كمرضى لإيصال صوتنا، ثانياً تم استقبال هذا الخبر العين عبرى وفي القلب حسرة، في يوم واحد نتلقى خبر 4 وفيات، أطفأنا 4 شموع، كل شمعة انطفأت حرقت ما في داخلنا. فكل شمعة تنطفئ تشعل الشموع الأخرى، فكان خبراً مفجعاً، كان أصعب يوم مرينا به هو بالأمس، خلال استقبالنا لهذا الخبر المؤلم.

• هل تعتقدون أن هناك إهمالاً بحقكم في مجمع السلمانية، حيث تحدثت الأخت الكريم عن نقص الأسرّة وما يعانيه مرضى السكلر من الانتظار عندما يتوجهون إلى طوارئ السلمانية، ريثما توفر لهم أسرّة داخل الأجنحة... تحدثتِ قبل أن نبدأ التسجيل عن مشاكل أخرى تتعلق بالأدوية، فما هي هذه المشاكل؟

- المشاكل التي تتعلق بالأدوية هي أنه بين فترة وأخرى يتم تغيير الأدوية من شركة إلى أخرى، فالشركة الأخرى للأدوية المسكنة نشعر أن بها آثار جانبية كثيرة، فلست أنا الوحيدة التي تشعر بذلك، إنما هناك مرضى آخرون يشعرون بنفس الإحساس. فعلاجنا هو نفسه يقتلنا، ولكن ليس لدينا أي مصير آخر، ليس لدينا أي حلّ آخر...

• هل أخبرتم الأطباء المشرفين على علاجكم بالآثار الجانبية التي تنجم عن تغيير هذه الأدوية؟

- سابقاً نعم، تم الإخبار... أما في الوقت الحالي خلال تغيير الأدوية الجديدة فلم يتم الإخبار.

• منذ متى تم تغيير الأدوية في هذه الفترة الجديدة التي تحدثتِ عنها؟

- في غضون شهر أو شهرين.

• أنتِ لا تتحدثين عن تغيير الدواء إنما عن بلد المنشأ، إليسى كذلك؟

- نعم، صحيح... أتحدث عن الشركة التي تنتج هذه الأدوية، عن العلاج نفسه، عن اسم المسكنات نفسها ولكن تكون تابعة إلى شركة مختلفة، وأكثرها تكون أدوية رخيصة، وبالتالي نشعر أن الآلام تزداد دون أن تقل، وأصبحنا نستقبل الأموات أكثر.

• كم عدد مرات دخولكِ المستشفى بسبب آلام السكلر؟

- للأسف، كثيرة.

• شهرياً، كم تقدرينها؟

- طوال الشهر تقريباً!

• أسبوعياً تدخلين إلى المستشفى؟

- يطول مكوثي تقريباً لمدة شهر.

• هل أنتِ طالبة أو موظفة؟

- بحسرة وقهر أني متخرجة ودارسة ولدي شهادة لغة إنجليزية، وكمبيوتر، ومحاسبة، وتسويق، ومبيعات... أكملت كل هذه التخصصات دون أن أحصل على وظيفة مناسبة!

• ومنذ كم عام تنتظرين الوظيفة؟

- منذ 3 سنوات تقريباً؟

• كم عمركِ؟

- 26 عاماً.

• هل أنتِ متزوجة؟

- منفصلة.

• هل كان مرضكِ هو أحد الأسباب؟

- للأسف، زواجي هو الذي أثر عليّ من ناحية وعكاتي الصحية، فسابقاً لم يكن دخولي المستشفى بهذا الكمّ الهائل، لم يكن تواجدي خلال أيام معدودة كما هو الآن، أما بعد الزواج فأصبحت مقيمة في هذا المكان (المستشفى)، أنا أعتقد أن الحالة النفسية تؤثر في مرضى السكلر بشكل كبير.

• هل تعتقدين بأن هناك مشاكل أخرى تواجهكن تودين الحديث عنها؟

- نناشد المجتمع، نناشد وزير الصحة، نناشد جلالة الملك، أن ينظروا إلينا بقلوبهم البيضاء، بأياديهم المعطاء، ينظرون إلينا كأفراد من هذا المجتمع، أن ينقذوا ما تبقى منا.

• وبماذا تطالبن أيضاً؟

- أن يكون لنا حق في هذا البلد، أن نشعر أننا فئة من هذا المجتمع لدينا حق العمل، لدينا حق المعيشة، لدينا حق الاهتمام من ناحية الصحة، من ناحية المادة، من ناحية المعنوية، من جميع النواحي. للأسف، أن معظم المرضى لديهم قدرة هائلة في العمل، في العطاء، لديهم مواهب عديدة، للأسف ولكن لا نجد أي شخص يحتضن هؤلاء.

• أعزائي زوار موقع الوسط أون لاين هذه بعض هموم وآلام مرضى السكلر عبرو عنها وهم على أسرة المستشفى البيضاء ففي كل يوم يزرعون الحديقة بالصبر والقوة والإرادة بكل ما هو إيجابي ولكنهم في كل يوم يقطفون من هذه الحديقة وروداً غضة، لكن كما قال المريضتان سنظل قوة وإرادة رغم الآلام، أعزائي هذه علياء علي تحييكم من الوسط أون لاين، دمتم في رعاية الله.

صحيفة الوسط البحرينية - العدد 5384