العدد 5005 - الجمعة 20 مايو 2016م الموافق 13 شعبان 1437هـ

يمهل ولا يهمل... و«الظلم ظلمات يوم القيامة»

لا تخف أبداً أن ترفع صوتك من أجل الصدق والحقيقة، ومن أجل التعاطف ضد الظلم والكذب والطمع. لو فعل كل الناس ذلك سيتغيّر العالم. ومن طبيعة الإنسان أن يظلم إذا لم يجد ما يمنعه من الظلم جدياً.

الإنسان ليس ظالماً بطبعه كما يتصوّر البعض، بل إنه في الواقع يحب العدل؛ ولكنه لا يعرف مأتاه. فهو يظلم ولا يدري أنه ظالم، فكل عمل يقوم به يحسبه عدلاً، ويصفق له الأتباع والأعوان فيظنّ أنه ظلّ الله فى الأرض.

إن الأخلاق ما هي إلا نتيجة من نتائج التربية التي تربّى عليها الإنسان، ومن الظلم أن نطلب من الكادح أن يعيش ويتحدث بطريقة الأغنياء، وهو لا يستطيع أن يجد قوت يومه.

أخي لا تقف أبداً موقف المتفرج من الظلم أو البغي. القبر سيوفر متسعاً من الوقت للصمت. لمّا سألت عن الحقيقة قيل لي.. الحقّ ما اتّفق السواد عليه.. فعجبت، نرضى بحكم الأكثريّة مثلما يرضى الوليد الظّلم من أبويه.

إن من الظلم حقاً أن نعاقب الناس على عقائدهم التي لُقِّنوا بها في نشأتهم الاجتماعية، والمنطق القديم مبني على أساس أن الإنسان يعتنق عقيدته بإرادته، وإنه يصل إليها عن طريق التفكير والرويّة، وهذا خطأ يؤدي إلى ظلمٍ كثيرٍ في بعض الأحيان. ففي الواقع أن الإنسان يؤمن بعقيدته التي ورثها عن آبائه أولاً، ثم يبدأ بالتفكير بها أخيراً، وتفكيره يدور غالباً حول تأييد تلك العقيدة، ومن النادر أن نجد شخصاً تبدّلت عقيدته من جراء تفكيره المجرد وحده، فلابد أن تكون هناك عوامل أُخرى، نفسية واجتماعية، تدفعه إلى ذلك من حيث يدري أو لا يدري.

وكما يوجد في الجزء الذي نعرفه من الكون الكثير من الظلم، وغالباً ما يعاني الطيّبون وغالباً ما ينجح الأشرار. لم يبتكر العقل البشري مكيدةً أبشع من الحق والحقيقة، ولست أجد إنساناً في هذه الدنيا لا يدّعي حب الحق والحقيقة، حتى أولئك الظلمة الذين ملأوا صفحات الكتب والتاريخ بمظالمهم التي تقشعر منها الأبدان، لا تكاد تستمع إلى أقوالهم حتى تجدها مفعمةً بحب الحق والحقيقة، والويل عندئذٍ لذلك البائس الذي يقع تحت وطأتهم، فهو يتلوّى من شدة الظلم الواقع عليه منهم، بينما هم يرفعون عقيرتهم بأنشودة الحق والحقيقة.

لو كانت الجماهير مرنةً في قولها ومفهومها لتأثرت بالحكمة والاعتدال، أو أن تكون بطيئة الحركة كثيفة الذهن والإحساس، مثقلة بتقاليدٍ وخرافات، فلابدّ من استخدام الألغام والمدافع في استنهاضها واستحثاثها. لابدّ من الحماسة تهزّها، لابدّ من التطرّف يُغضبها فيستفزّها، فتنشط في الأقلّ إلى مجاراة المصلحين، وتستفيد من مجرّد الحركة.

وإنّك لتشاهد التطرّف في قوانين الطبيعة، فما معنى الزلازل والبراكين والسيول والطوفان؟ إن الأمة إذا ثارت على ما فيها من الظلم والفساد، ثارت على ما في نفسها من عبوديّة. ليس هناك طفل مسيحي وطفل مسلم، وإنما هناك طفل لأبوين مسيحيين أو مسلمين، فالطفل ليس بالوعي الكافي ليقرّر أي دين يعتنق أو أي إله يعبد. ومن الظلم نسب الطفل لأي دين كان.

لقد رأيت بعيني وجع الظلم، وغالباً ما يعاني الطيبون، وغالباً ما ينجح الأشرار، وليس من الواضح أياً من هذه الأمور أكثر إزعاجاً. إن دعاة تطبيق الشريعة يردّدون عبارات ذات تأثير عاطفي هائل على الجماهير، ونتيجة لهذا التأثير العاطفي تمر هذه العبارات دون أن يتوقف أحدٌ لمناقشتها، وتتناقلها الألسن محتفظةً بمحتواها الخرافي حتى تشيع بين الناس وكأنها حقائق نهائية ثابتة، مع أنها في ضوء التحليل العقلي عبارات مليئة بالغموض والخلط. مفعول الظلم ساعة ودعوة الحق إلى قيام الساعة.

وهنا أذكر مقولة للكاتب مصطفى الرفاعي: «إن أقبح أنواع النسيان، نسيان المشهور تاريخه يوم كان مغموراً، ونسيان التائب ماضيه يوم كان عاصياً، ونسيان العالم أن الله وهبه الفهم والعلم وسيسأله عنهما، ونسيان المظلوم آلام الظلم بعد أن يصبح منتصراً، ونسيان الطالب الناجح فضل من كانوا سبباً في نجاحه، ونسيان الداعية فضل الذين سبقوه أو ساروا معه، ونسيان الفضل لكل ذي فضل مهما كان دقيقاً».

محمد محمد قابل

مدير التنمية والتطوير

في فريق البحرين للإعلام التطوعي

العدد 5005 - الجمعة 20 مايو 2016م الموافق 13 شعبان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 11:00 ص

      الله على كل ظالم.

      قال الإمام علي عليه السلام:"الظالم والمعين ع الظلم و الراضي به شركاء ثلاثة.
      حسبي الله ونعم الوكيل فيمن ظلمني وامتد أثر ظلمه علي إلى اليوم.
      الله يسلط عليهما من يظلمهما وياخذ بحقي منهما.

    • زائر 3 | 3:59 ص

      حسبي الله على كل من ظلمني والله لن اسامحهم حتى اقتص منهم جميعا يوم القيامه الشكوى لله

    • زائر 2 | 2:12 ص

      ضدهم
      ياناطق باسم البلاد لاتكن كجبار عنيد واستمع للعبيد
      قد بح صوتنا من كثر صراخنا هل هذا ما تريد ؟ ام تريد المزيد ؟

    • زائر 1 | 12:51 ص

      مقال جميل
      حسبي الله على الظالمين

اقرأ ايضاً