العدد 5012 - الجمعة 27 مايو 2016م الموافق 20 شعبان 1437هـ

مسجد مغولي مميز في باكستان يتداعى ببطء بسبب الإهمال المزمن


يمثل مسجد شاه جهاني في جنوب باكستان نموذجا نادرا عن الإرث المغولي خارج مدينة لاهور المعروفة بكونها مركز الثقل الثقافي للبلاد، غير أن العيوب الكبيرة التي شابت أعمال التأهيل ألحقت أضرارا دائمة بهذا الصرح ما يؤدي إلى تبدد ميزاته مع مرور الزمن.

فقد بدأ تشييد هذا المسجد سنة 1644 بأوامر من الإمبراطور المغولي شاه جهان المعروف أكثر لكونه المسئول عن تشييد معلم تاج محل الشهير في الهند إحياء لذكرى زوجته التي توفيت خلال عملية توليد سنة 1631.

وبحسب المعتقد الشعبي، عثر على أساسات هذا الصرح مدمرة في صبيحة أحد الأيام. عندها اقترح مستشارو أمير خان الحاكم المغولي لولاية السند في جنوب باكستان حيث المسجد، عليه إيجاد شخص "تقي لدرجة أنه لم يرتكب أي معصية في حياته" لإيكال مهمة وضع حجر الأساس لهذا المسجد إليه.

ونقلت الرسالة بواسطة أجراس مع دعوة الرجال الذين تنطبق عليهم هذه المواصفات إلى التوجه خلال الليل إلى باحة المسجد المستقبلي في مدينة ثتا. وفي الصباح، كان 450 حجرا موجودة في مكانها في أساسات هذا الصرح.

ويوضح سيد مراد علي شاه وهو سليل أمير خان "هكذا انطلقت أعمال البناء".

ويقول "في تلك الفترة المباركة، كان هناك مئات الرجال الأتقياء والقديسين، لكن اليوم لم يعد هناك أي من هؤلاء لترميم المسجد".

هذا المسجد الذي انتهى تشييده سنة 1647 والذي يتميز بقببه باللون الرملي وزخارفه الزرقاء هو من المباني القليلة جدا المشيدة خارج لاهور العاصمة الثقافية لباكستان من السلالة المغولية التي حكمت شبه القارة الهندية حتى القرن التاسع عشر.

وقد كان هذا المسجد الرئيس في ثتا التي بقيت على مدى قرون عاصمة إقليمية كما أنه كان يكتظ بالمؤمنين خلال صلاة الجمعة أو في شهر رمضان.

ويتميز الصرح بهندسة معقدة لناحية تنظيم أحجاره وخزفه المصقول باللون الفيروزي. وتم تصميم الهيكل الممتد على مساحة 6300 متر مربع بطريقة تسمح ببلوغ صوت إمام المسجد إلى جميع المصلين في كل زوايا الموقع خصوصا بفضل عشرات القبب المنتشرة على طول الأروقة المحيطة بالباحة الداخلية الفسيحة.

غير أن أفول أمجاد ثتا اعتبارا من القرن الثامن عشر تسبب بتدهور وضع المسجد.

إهمال موظفين

وقد نفذت السلطات الفدرالية الباكستانية أعمال ترميم في السبعينات غير أن الأذى الناجم عنها كان أكبر من منفعتها. فقد ألحقت هذه الأعمال أضرارا دائمة بأبرز ركائز جمال هذا المكان خصوصا بنظام الصوت الفريد في داخله.

ويوضح الأستاذ الجامعي المحلي محمد علي منجي أن "أمورا كثيرة استبدلت خلال الأعمال وهذه التعديلات دمرت العمل الأصلي الرائع وتسببت باختلال في نظام الصوت".

ويقول رئيس مديرية الآثار في السند قاسم علي قاسم إنه "لم تتم استشارة أي خبير في التراث أو عالم آثار لإجراء الأعمال (لترميم الموقع) وقد تعرضت ميزاته الأصلية لضرر كبير".

كذلك طالت هذه التشوهات واجهة القوس الضخم عند مدخل المسجد. وبعض الأحجار المزخرفة بنقوش لآيات قرآنية نقلت إلى المتحف الوطني في كراتشي من ثم تركت في مستودع من جانب موظفين مهملين.

ولم تتم استعادة هذه الأحجار إلا هذه السنة. لكن عوضا عن إعادتها إلى موقعها الأصلي، وضعت في نسخة عن القوس مقامة أمام المتحف. هذا القرار أثار سخط المراجع الدينيين المسئولين عن هذا المسجد والذين يطالبون بإعادة هذه الأحجار.

ولا تزال حفنة من المؤمنين يتوجهون إلى المسجد للصلاة في حين يزور السياح الموقع لالتقاط الصور أمام الخزف المصقول مع أشكاله الهندسية أو الزخارف الزاهية التي بدأت تتحلل بفعل الرطوبة.

ويشير قاسم إلى أن جهودا تبذل لمحاولة تجفيف المياه من التربة المحيطة والتصدي لتهديدها لهيكل الصرح.

لكن على رغم فرادة تاريخه وميزاته، لا مشروع شاملا لترميم هذا الصرح المميز الذي يبدو أنه في طريقه إلى التداعي البطيء.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً