العدد 5029 - الإثنين 13 يونيو 2016م الموافق 08 رمضان 1437هـ

مصارعة الثيران في الفجيرة بلا مصارعين ولا دماء


تختلف مصارعة الثيران في الفجيرة الإماراتية عن المتعارف عليه عالميا، فتبدو هذه الرياضة اقل وحشية: لا دماء ولا مصارع هدفه أن يصرع الحيوان، بل ثيران تتصارع في ما بينها على مكانتها المعنوية... والمادية.

يتحلق إماراتيون وسياح أسبوعيا حول سور حلبة رملية قرب شاطئ الإمارة الصغيرة في شرق البلاد، يتابعون بشغف وترقب ما يعرف بـ "مناطحة الثيران"، وهي رياضة طابعها شرس، إلا أنها تحفظ حياة "مزاوليها"، وهما في هذه الحال ثوران يقارع كل منهما الآخر حتى النصر.

تحت الأنظار الشاخصة لمشاهدين من مختلف الأعمار، يتحرك أكثر من عشرة متحكمين بالثيران يمسك كل منهم بحبل غليظ مربوط بالثور، على إيقاع الأوامر التي يصدرها معلق عبر المذياع. بإشارة منه، يباعد هؤلاء ما بين الثيران، بانتظار أن يعلن المعلق اسم المتباريين المقبلين.

يصدح اسما "الدكتور توماس وجاكسون" عبر المذياع. يتقدمان إلى وسط الحلبة، على وقع رنين يعرف بـ "الونان" يصدح عبر المذياع، يشبه صوت التصفيق الذي يهدف إلى بث مزيد من الحماسة والتشويق، قبل ان ينخرطا في منازلة تستمر دقائق معدودة، وسط تصاعد التراب من الحلبة.

كل أسبوع، يشارك زهاء 80 ثورا في جولات المناطحة التي تستمر ساعات، ويتابعها من خارج الحلبة عشرات الرجال والنساء والأطفال، يتوزعون وقوفا أو داخل سياراتهم التي غالبا ما تكون ذات دفع رباعي.

وتختار الثور الفائز لجنة تحكيم مؤلفة من ثمانية رجال كبار في السن. وعلى رغم أن الفائز لا يمنح جائزة مالية، إلا انه يوفر لصاحبه بشكل غير مباشر، مدخولا مهما.

ويقول حمد المطروشي، وهو مربي ثيران وعضو في اللجنة، لوكالة فرانس برس "عندما يتميز ثور، أي عندما يفوز بشكل متكرر، يمكن أن يصل سعره إلى 600 ألف درهم إماراتي (136 ألف دولار)".

يضيف "لكن سعر الثور المتفاوت الأداء، يمكن أن ينخفض إلى 120 ألف درهم أو 80 ألفا".

يهتمون بالثيران "أكثر من أولادهم"

وعلى عكس مصارعة الثيران في دول أخرى خصوصا جنوب شرق آسيا، لا يراهن المتفرجون على الثور الفائز، لكون المراهنات ممنوعة في الشرع الإسلامي والقانون الإماراتي.

وتختلف "مناطحة الثيران" في أوجه عدة عن المصارعة التقليدية. فبدلا من "الماتادور" (المصارع) ذي الزي الملون، يتواجد في الحلبة أشخاص يرتدون "الدشداشة" البيضاء، ويمسكون بحبل يضبطون به حركة الحيوان.

كما يغيب الرداء الذي يستخدمه المصارع لجذب الثور قبل الانقضاض عليه بغرز آلة حادة في جسده لإضعافه، كما في المصارعة الاسبانية مثلا.

وتشكل الاختلافات مفاجأة لمن يتابعون المصارعة بالفجيرة للمرة الأولى، ومنهم سواتي (12 عاما)، وهي فتاة هندية قدمت مع عائلتها من دبي.

وتقول أنها توقعت رؤية مصارع يحمل رداء يتبارى مع الثور، "إلا أنني عندما أتيت إلى هنا، اخبرني والدي أن ثورين سيتصارعان مع بعضهما البعض".

ويؤكد المطروشي وجود اختلافات أخرى، أهمها مصير الحيوان نفسه.

ويقول "هناك، يمكنهم أن يسيئوا معاملة الحيوان أو يعذبوه. هنا نحن رحيمون معه. نقدم له العناية الطبية، نهتم به، ونطعمه بشكل جيد".

ويوضح محمد عبدالله، الموظف الحكومي الذي يملك 15 ثورا، كيفية اعتناء أصحاب الثيران بها.

ويوضح "نمنحها الطعام والغذاء من أفضل أنواع البروتينات والفيتامينات"، مقدرا وصول كلفة إطعام ثيرانه لعشرة آلاف درهم (2700 دولار) شهريا.

ولا تصنف الثيران وفق أوزانها، بل يمكنها أن تشارك في المصارعة منذ بلوغها العامين والى حين بقائها قادرة على القيام بذلك.

وأبرز ثيران الفجيرة هو "ريلا"، الثور الأسود الضخم الذي يفوز بشكل متكرر، وبات ذائع الصيت إلى درجة ان زوارا من سلطنة عمان المجاورة، يأتون خصيصا إلى الفجيرة لمشاهدته.

ويقول عبدالله ان هذا الثور "بات له جمهوره الخاص"، وان صاحبه رفض عروضا لبيعه وصل بعضها إلى 300 ألف درهم (زهاء 82 ألف دولار).

ويتابع أصحاب الثيران نموها منذ الصغر، وباتوا يملكون من الخبرة والمعرفة ما يمكنهم من تبيان ما إن كان الثور سيصبح "مقاتلا".

ويكثف هؤلاء تمارين الثيران الصالحة للنزال، عبر جعلها تمشي في البحر لتقوية عضلات قوائهما، ولاحقا في الجبال لتقوية عضلات صدرها.

ويقول المطروشي ان بعض أصحاب الثيران "يهتمون بها أكثر مما يهتمون بأولادهم".

إلا ان كل هذه العناية لا تلقى رضى المدافعين عن حقوق الحيوانات.

وتقول ميمي بيخيشي، مديرة الفرع البريطاني لمنظمة "بيتا" المدافعة عن حقوق الحيوانات، لفرانس برس "هذا الشكل السخيف وغير الإنساني من الترفيه البشري لا يمكن إلا أن يكون مقلقا للثيران، التي ستصبح هائجة جراء ضجيج المشاهدين والتعامل معها بخشونة".

تضيف "في هذا الزمن، يجب ان نكون قد تخطينا ممارسة همجية مماثلة".

ويؤيد السائح الإثيوبي كيداني هذا الرأي. ويقول ان الرياضة "غير صائبة لان الثيران تؤذي بعضها البعض"، وان المنظمين "يجعلون الثيران شديدة الغضب".





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً