العدد 1 - الجمعة 06 سبتمبر 2002م الموافق 28 جمادى الآخرة 1423هـ

أفغانستان: حروب دامية وصراعات انجليزية - روسية

لورانس وجهوده لم يكونا أكثر من لحظة في تاريخها

في العام 1747 حصل أحمد شاه، للمرة الأولى، على الاستقلال التام لأفغانستان، وذلك بعد إلحاقه الهزيمة بالقوات الفارسية التي كانت تهيمن عليها. ومنذ ذلك الحين لم يهدأ هذا البلد، بل تعاقبت عليه الثورات والانقلابات والاحتلالات، وضروب الفوضى الناتجة في معظمها، عن التنافس والصراع بين الانجليز والروس. وفي العام 1855، بعد حرب أهلية طاحنة اندلعت قبل ذلك بستة عشر عاما، وأوقعت عشرات الألوف من الضحايا، اعترفت السلطات الانجليزية المهيمنة هناك، بمرشح الروس دوست محمد لحكم البلاد، ضد مرشح الانجليز سوجاه شاه. وكان الانجليز يأملون من ذلك الاعتراف وقوف دوست محمد وخلفائه إلى جانبهم، لكن الذي حدث هو ان العلاقات الوثيقة التي أقامها ابن دوست محمد مع الروس، أثارت حفيظة الانجليز وحذرهم، مما أدى إلى اندلاع واحدة من أعتى الحروب الانجليزية - الأفغانية، وهي حرب حقق فيها الانجليز انتصارا مكّنهم من الاحتفاظ بالسيطرة على مضيق خيبر، وإدارة منطقة بيشين، والهيمنة على السياسة الخارجية الأفغانية.. وكل ذلك في مقابل دعم مادي سنوي تدفعه لندن إلى ملك أفغانستان. وفي العام 1907، لأسباب تتعلق بتسويات دولية شاءت روسيا الاذعان لها بعد ثورة 1905، اعترفت روسيا بأن أفغانستان ضمن نطاق دائرة النفوذ البريطانية.

ولكن في العام 1919، سرعان ما دبّ الخلاف من جديد، واندلعت حرب أفغانية - انجليزية طاحنة. وعلى اثر تلك الحرب تمكن الأمير أمان الله من دفع الانجليز إلى الاعتراف باستقلال بلاده. وما ان حصل أمان الله على ما يريد حتى راح يخوض سلسلة من الاصلاحات شبه العلمانية على النمط الذي كان يمارسه مصطفى كمال في تركيا... فما كان من رجال الدين والاقطاعيين - بتحريض من الانجليز «وكان هذا هو الدور الأساسي الذي لعبه لورانس في أفغانستان في ذلك الحين» - إلا ان ثاروا وأجبروا أمان الله على التنازل عن العرش في العام 1929. والجنرال نادر شاه الذي استولى على السلطة إثر تنازل أمان الله، جرى إغتياله في العام 1933، ليحل ابنه محمد ظاهر شاه ملكا محله، في مملكة دستورية. ونظام محمد ظاهر شاه هذا، هو الذي جرى الاطاحة به في العام 1973 لصالح جمهورية معلنة تبوأ رئاستها محمد داود اعتبارا من العام 1977. وكان من أول ما فعله داود حظر الاحزاب. وفي 23 ابريل/ نيسان 1978، قام انقلاب عسكري أسفر عن 3000 قتيل بينهم داود نفسه. واستولى على الحكم اثر ذلك نظام شيوعي موالٍ لموسكو بقيادة طرقي، الذي اضطر إلى مواجهة العديد من الاضطرابات الاقليمية، والصراعات الشيوعية - الشيوعية. وبعد أشهر اطاح أمين بطرقي، لكنه لم يتمكن من فرض النظام والأمن فاستدعى السوفيات لمساعدته فدخلت قواتهم لتشرف على انقلاب جديد قتل فيه أمين نفسه، وأحل محله في الحكم زعيما شيوعيا آخر هو بابراك كمال... وهكذا بدأ في أفغانستان ذلك العصر الدموي الجديد، الذي لم تنته فصوله حتى اليوم

العدد 1 - الجمعة 06 سبتمبر 2002م الموافق 28 جمادى الآخرة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً