العدد 5207 - الخميس 08 ديسمبر 2016م الموافق 08 ربيع الاول 1438هـ

مضيق باب المندب

في خضم الصراعات والحروب الطاحنة في الشرق الأوسط، تكمن أهمية المضائق المائية البحرية في العالم. من تلك المضائق «باب المندب» أكثر احتضاناً للسفن، حيث يربط البحر الأحمر بخليج عدن والبحر العربي، والمحيط الهندي. المضائق في العالم: مضيق هرمز، قناة السويس، جبل طارق الذي يفصل بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، ومضيقا الدردنيل والبسفور يفصلان بين آسيا وأوروبا، أما المندب هو رابع الممرات من حيث عدد ناقلات النفط العملاقة التي تمر به يومياً.

أما باب المندب الذي نحن بصدده يعني لغوياً «باب الدموع» يذكر بسبب أخطار الملاحة في ممره البحري.

يعتبر مضيق باب المندب النّقطة الفاصلة بين مياه المحيط الهندي، وخليج عدن ومياه البحر الأحمر، ويمتدّ هذا المضيق مسافة سبعة وعشرين كيلومتراً بين دولتي اليمن في آسيا، وجيبوتي في إفريقيا، وتحديداً في اليمن من جزيرة بريم ورأس منهالي إلى رأس سيان قبالة سواحل جيبوتي، وتعتبر جزيرة بريم اليمنيّة منطقةً تفصل باب المندب إلى قناتين: وهي قناة باب إسكندر الشّرقية، وقناة دقة المايون الغربية. يُذكر أنّ مضيق باب المندب يقع قبالة السّواحل الإفريقيّة الّتي تضمّ عدداً من الجزر الصّغيرة وتسمّى هذه الجزر بالأشقاء السّبع.

ظلت أهمية باب المندب محدودة حتى حفر قناة السويس 1869م وربط البحر الأحمر وما يليه بالبحر المتوسط وعالمه. فتحول إلى واحد من أهم ممرات النقل والمعابر على الطريق البحرية بين بلدان أوروبية والبحر المتوسط، وعالم المحيط الهندي وشرقي إفريقيا. ويقدر عدد السفن وناقلات النفط العملاقة التي تمر فيه في الاتجاهين، بأكثر من 21000 قطعة بحرية سنوياً ويقدر آخرون بمعدل 57 قطعة يومياً أي 38 في المئة من الملاحة الدولية، تمر عبر هذا المضيق نظراً لأهميته الاستراتيجية والاقتصادية.

يقع المضيق تحت سيطرة دولة اليمن لامتلاكها جزيرة بريم، إلا أن عدداً من القوى الكبرى تمتلك قواعد عسكرية قربه وحوله، وذلك لأهميته العالمية في التجارة والنقل، إذ تملك كل من الولايات المتحدة وفرنسا قواعد في جيبوتي على الضفة الغربية لمضيق باب المندب. وخلال حرب أكتوبر/ تشرين الأول عام 1973 أغلقت القوات البحرية المصرية، بالتنسيق مع السلطات اليمنية، مضيق باب المندب لحصار إسرائيل بحرياً. يمثل هذه الممر الاستراتيجي أهمية بالغة لمصر وخاصة نحو 98 في المئة من البضائع والسفن الداخلة عبر قناة السويس تمر من هذا المضيق، هذا يعني تعطيل الملاحة في المضيق يدفع السفن للإلجام عن استخدام قناة السويس، فتحرم مصر من عائدات القناة التي تمثل جزءاً مهماً من دخلها القومي.

وبحسب تقديرات إدارة الطاقة الأميركية U.S. Energy Information Administration في العام 2013 بلغت كمية النفط التي عبرت مضيق باب المندب قرابة 303 ملايين برميل يومياً، ما يساوي 6 في المئة من تجارة النفط في العالم، وتقول إدارة الطاقة الأميركية إن إغلاق مضيق باب المندب سيحول دون وصول ناقلات النفط من دول الخليج إلى قناة السويس، وخط «سوميد» لنقل النفط من البحر الأحمر إلى البحر المتوسط، وستضطر هذه الناقلات إلى الإبحار جنوباً إلى رأس الرجاء الصالح للوصول إلى الأسواق الأوروبية والأميركية، ما سيزيد أضعاف تكاليف النقل.

هكذا تأثير هذه الطاقة الاسترايجية على العالم اقتصادياً وجيوبوليتكياً، وما هذه الحروب إلا من أجل الثروة النفطية والغاز، وتقاسم النفوذ في عالمنا العربي والإسلامي وتقسيمه إلى دويلات طائفية وعرقية، والضحايا هي الشعوب المغلوب على أمرها.

علوي محسن الخباز

العدد 5207 - الخميس 08 ديسمبر 2016م الموافق 08 ربيع الاول 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً