العدد 5374 - الأربعاء 24 مايو 2017م الموافق 28 شعبان 1438هـ

على رغم أنه كان كفيفاً

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

لا أحبذ الكتابة عن الأمور الشخصية في زاويتي هذه، ولكن هناك بعض الحوادث تجبرني على فعل هذا، كتاريخ اليوم مثلاً.

ففي كل مرة أقرّر تجاوز هذا اليوم من غير الكتابة أفشل؛ إذ كيف يمكن أن تتجاوز ذكرى ميلاد شريك حياتك الذي قضيت معه أجمل أيام عمرك حتى ولو كان الموت أقوى؟

فاليوم هو ذكرى مولد حسين الأمير، وعلى رغم رحيله قبل ستة أعوام، إلا أن يوم مولده مازال يوماً مهماً في حياتي، كيف لا؟ وهو اليوم الذي أنجب رجلاً استثنائياً إلى هذه الحياة؟

كان استثنائياً لأنه تحدى إعاقته البصرية، فعلى رغم أنه كان كفيفاً، إلا أنه كان قارئاً نهماً، يعرف ماذا يقرأ من غير أن ينجر وراء «موضة» الكتب السريعة؛ إذ كانت الكتب الفكرية والفلسفية والنقدية هي أكثر ما يغريه. قرأ لمحمد عابد الجابري، ومحمد جابر الأنصاري، وروجيه غارودي، ومحمد أركون، ودريدا، وجورج طرابيشي، وعبد الله الغذامي، وأدوارد سعيد وغيرهم، إضافةً إلى روايات أمين معلوف وماركيز وغيرهم، ولم يغفل الشعر الذي أحبه وكتبه فأبدع فيه.

وعلى رغم أنه كان كفيفاً إلا أنه كان عازفاً بارعاً، تعلم العزف على آلة الأورج بشكل فردي قبل أن تنتبه إلى ذلك والدته وتلحقه بمعهد موسيقي لتعلم أصول الموسيقى. شارك في الكثير من الفعاليات الموسيقية، وكان عضو لجنة التحكيم في مهرجانات الأنشودة الإسلامية في البحرين والشقيقة السعودية. وعلّم طفله «قيس» أصولها حين وجد منه اهتماماً بها.

وعلى رغم أنه كان كفيفاً إلا أنه كان أباً حنوناً وزوجاً رائعاً؛ فقد كان خير جليس لطفليه كلما اضطررت للغياب بسبب عملي الصحافي، ترك ذكريات كثيرة في ذهنيهما، فمازال قيس يتذكر لعبه معه كرة القدم، وتعليمه سياقة الدراجة الهوائية، وقصصه التي كان يحكيها له قبل نومه، ومازالت رند تتذكر كل صغيرة وكبيرة على رغم أنها لم تعش معه إلا خمس سنين غير كاملة.

على رغم أنه كان كفيفاً إلا أنه لم يترك محفلاً ثقافياً ولا فكرياً إلا وزاره، وترك به بصمته مشاركاً في النقاشات. ولم يهمل تعلم استخدام الحاسوب، فكان من أوائل من حصل على البرامج الإلكترونية الناطقة وقبلها الأسطر الالكترونية التي تحوّل ما في الشاشة إلى أحرف «برايل»، فكان الحاسوب وسيلته للقراءة بشكل أوسع وأكثر.

وعلى رغم أنه كان كفيفاً إلا أنه استطاع أن يقضي كل احتياجات أسرته المادية والمعنوية، فقد كان يذهب سيراً على قدميه إلى الدكان القريب مع طفليه لشراء الحلويات وما يحتاج إليه منزله، وكان يذهب إلى الخباز القريب وحيداً بصحبة عصاه.

هذه السيرة الحافلة كفيلة بأن تبث الأمل والإرادة في قلب كل من يسمعها، من مبصرين ومكفوفين؛ فعلى رغم أنه كان كفيفاً إلا أنه ترك بصمة لا يمكن أن تغادر بسهولة في هذه الحياة وفي قلب كل من عرفه، فرحمه الله بقدر ما كان نقياً رائعاً.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 5374 - الأربعاء 24 مايو 2017م الموافق 28 شعبان 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 23 | 11:29 ص

      الى رحمة الله وعفوه ، تعرفت عليها بالفترة قضيتها معرفة عن بعد شهدت مع زميلاتي كفاحه مع اخيه في الجامعة اعجبت بشخصيتهما وزدت إعجابا بهما حين شاهدتهم في البرامج التلفزيون من خلال المعزوفات التي يقدمونها ومن خلال البرامج الرمضانية التي كانت تستضيفهما لانهم اثبتوا للجميع أن الاعاقة ليست اعاقة الجسد وإنما اعاقة الفكر .الى رحمة الله وعفور ولا ننسى شكر من كان لها الفضل في هذه التنشئة الذي انتجت اعلاما ترك احدهم الفخر لابنائه بتلك الشخصية البارزة وما زال الآخر اطال الله في عمره يقدم للوطن عطائه

    • زائر 22 | 7:14 ص

      الله يرحمه

    • زائر 21 | 5:57 ص

      رحمك الله ابا قيس

    • زائر 20 | 4:01 ص

      عبدالواحد

    • زائر 19 | 3:24 ص

      رحمه الله عليه وحضره مع الأنبياء و المرسلين وعباد الله الصالحين
      ترك أثر طيب في كل مكان هنيئا له

    • زائر 18 | 3:13 ص

      رحمة الله عليه ...

    • زائر 17 | 2:11 ص

      الله يرحمه ويغمد روحه الجنه

    • زائر 16 | 2:07 ص

      الله يرحمه ويغفر له ويخلي اولاده الحلوين

    • زائر 14 | 1:47 ص

      رحمك الله يا ابا قيس
      لا يستطيع الزمان مهما طال ان ينسينا حسين الأمير
      وهذا الأمر ينطبق على كل شخص تعرف على الأمير او عايشه ولو للحظات

    • زائر 13 | 1:47 ص

      على الرغم من عدم معرفتي لحسين الأمير ولم ألتقي به يوما ما إلا اني بهرت بشخصيته ومهاراته المتميزة من خلال بعض الأصدقاء ممن عاشوا وتعاملوا معه عن قرب
      رحم الله حسين الأمير واسكنه فسيح جناته ويكفيك اختي إن كل من عرفه عن قرب أو سمع به لا يتذكره إلا بالخير فطوبى لأم انجبته وربته ويحق لك ان تفخري انك تزوجتي بشخص مثله

    • زائر 12 | 1:19 ص

      هو حي في حضورك أستاذة انت التي مازلت تسعين لكل جميل وما اجنل وفاءك واخلاصك

    • زائر 10 | 1:12 ص

      الله يرحمه. كان إنسانا رائعا، ومعلما بارعا، على الرغم أنني لا أعرفه كثيرا، لكنني التقيته غير مرة، وتحدثنا بالهاتف في أمور التقنية، التي كان يحبها ويبدع فيها.
      شكرا أستاذة سوسن على كل هذا الحب والوفاء. منكي نتعلم الكثير.

    • زائر 9 | 12:49 ص

      كان رائعا وانت رائعة
      ربيتي اطفالك تربية يشهد لها الجميع ومازلتي تجاهدين للتميز

    • زائر 8 | 12:30 ص

      للتو اختي سوسن شاهدت على برنامج أحمر بالخط العريض قصة حبكما وكيف نجحت ع الرغم من معارضة اهلك لهذا الزواج .. بالفعل انسان مجاهد وذكي تخطى كل صعوبات الحياة ع الرغم انه كفيف .. الى رحمة الله .. الله يصبرش ويمسح ع قلبش واخلي قيس ورند وتشوفينهم ف اعلى المراتب .. قصة جدا جميله واستمتعت بمشاهدة الحلقة وحزنت الآن ع وفاته ..

    • زائر 11 زائر 8 | 1:19 ص

      اي حلقة واي سنة ؟ نريد نچوف الحلقة
      رحمه الله

    • زائر 7 | 12:21 ص

      الأخ حسين الأمير رحمه الله لم يكن كفيفا.. بل كان ذا بصيرة ودراية بفكره وحبه وشغفه للعلم وحبه للناس .. فلقد عايشته اخا كريما ذا خلق رفيع وشهامة عالية .. فقد كان يتعرف علي في اي مكان من لمس يدي ومزاحي معه دون صوت .. انت فلان احب مزاحك معي لا تتركه .. رحمك الله بواسع رحمتك وجعل مثواك الجنة .. حياة قصيرة عمرا طويلة حبا وعطاء

    • زائر 6 | 12:20 ص

      رحم الله ابا قيس فقد رافقته في جلسات عده وتسامرنا معه عدة مرات فكان دمث الخلق يشي من حديثه عمق وبعد غور مع سهولة وعفوية التعامل مع الاخرين .

    • زائر 4 | 11:55 م

      الله يرحمه و يحفظ قيس و رند و يهديهم و يعلي مراتبهم في الدنيا و الآخرة

    • زائر 3 | 11:55 م

      رحمك الله يا ابا قيس وبارك الله فيك
      فعلا كان رجلا قويا .. ولوالدته الفضل الكبير لعنايتها .

    • زائر 2 | 10:45 م

      الله يرحمك يا بو قيس
      كان قلب كبير ومبتسم دائما ولي معاه ذكريات شخصية جميلة ورائعة
      ولما سمعت بوفاته كان الخبر جدا جدا مؤلم
      إلى جنان الخلد يا صاحب البصيرة

    • زائر 1 | 10:41 م

      رحمه الله

    • زائر 5 زائر 1 | 12:17 ص

      الله يرحمه برحمته الواسعة

    • زائر 15 زائر 1 | 2:00 ص

      الله يرحمه

اقرأ ايضاً