العدد 234 - الأحد 27 أبريل 2003م الموافق 24 صفر 1424هـ

التعريف بدور الطالب والأستاذ الجامعي

يمثل الطالب الجامعي ثقلا كبيرا في المجتمع، فهو ضمانة مستقبل أي مجتمع، ويمكننا أن نستشرف مستقبل المجتمع العالمي من خلال طلاب اليوم. إذا فعلى طلبة الجامعة أن يدركوا حقيقة موقعهم في الجامعة والمجتمع، وذلك من أجل المحافظة على نشاطهم التقدمي. كما يجب ان يكون للطالب الجامعي دور التقدم والأسبقية في المجتمع، وعليه أن يعتبر نفسه ملزما بنوعين من الإعداد والبناء في الجامعة، وهما البناء العلمي والإعداد الفكري والأخلاقي.

من هنا بات لزاما على خريج الجامعة أن يكون مثقفا لا متخصصا في مادة واحدة فقط. فعليه أن يتميز كمثقف ومولد للثقافة عن غيره من المواطنين بنوع من القيم يسعى اليها ويتميز بها، ويتصرف وفق نمط من السلوك فرضه عليه الوسط الاجتماعي. ولما كان المثقف في طليعة المطالبين بالحرية: الحرية الجامعية والوطنية، فحري بهذا الطالب أن يكون أول المتحملين للمسئولية المضطلعين بحسن أدائها، إذ لا حرية صحيحة من دون مسئولية.

إذا، على الجامعيين أن يدركوا حقيقة رسالة الطالب الجامعي ومسئولياته التي تتلخص في الآتي:

1- تحصيل العلم.

2- تحصيل الأخلاق.

3- الوعي الوطني وحمل ريادة الفكر الإنساني.

4- المساهمة في تنوير المجتمع وخدمته.

إن الطالب الجامعي حسب ما يرى الكاتب محمد جواد رضا 1984م مهما أكدنا حقه في الاستقلال الفكري - وهذا أمر جوهري في الحياة الجامعية - فإن هذا التأكيد يظل طموحا يجب أن تقود الجامعة طلابها اليه، لأن الطالب الجامعي لايزال إنسانا متكلا على مربيه وأئمة فكره من أساتذة الجامعة، ولو لم يكن كذلك لما كان في الجامعة، والطالب الجامعي يظل باحثا عن القيادة العالمة العارفة القوية التي تسهم في شد بنيانه العقلي والفكري. وقد يقع تحت نوبات من الضعف فيرحب بالمحاسبة اللينة والمثوبة السخية التي تأتيه من غير استحقاق، وبالإجراء الإداري الذي يعفيه من مسئوليات التقصير، ويختصر الطريق أمامه الى التخرج، غير أن هذا الطالب عندما يخرج الى معترك الحياة خالي الوفاض ضعيف الفكر قليل المعرفة فإنه آنئذ يلعن الذين القوا به في ميدان المعركة وقد سلحوه بسيف من خشب.

وإذا تأملنا الدور الذي يجب أن يقوم به الاستاذ الجامعي، فإننا نستطيع ان نقول: إن هذا الاستاذ ينبغي ان يكون البوابة الى فهم قضايا كثيرة تهم الطالب والجامعة والمجتمع. يجب أن تقترن كلمة استاذ جامعي بالعطاء. وعلى الاستاذ الذي يلعب دورا رئيسيا في العملية التعليمية أن يبذل جهدا لإفهام الطالب وتوجيهه، فالاستاذ الجيد الذي يحاول تطوير عقول الناس، لا يجد صعوبة في تطوير ذاته والتلاؤم مع أنظمة الجامعة والانسجام مع المادة الدراسية ومع طلبته مهما استعصت الأمور.

ويذكر سعيد التل وسميح أبومغلي وآخرون (1997) في كتابهم قواعد التدريس في الجامعة عدة نقاط عن واجبات استاذ الجامعة، منها:

- يجب أن يكون أستاذ الجامعة نشطا متفاعلا مع كل الطاقات الأكاديمية والاجتماعية، مشاركا في الحياة الجامعية مع الطلبة وموجها لهم خارج قاعات التدريس في لقاءاتهم ونشاطاتهم الاجتماعية والثقافية والرياضية والفنية، يسهم في تشجيعهم ويحفزهم إلى التعاون والعمل التطوعي لخدمة المجتمع.

- إن دور استاذ الجامعة وفاعليته مرتبطان بتحديث العمل والمعرفة والخبرة، لذلك يتعين على استاذ الجامعة أن يسعى إلى توظيف علمه ومعرفته في خدمة مجتمعه. فعليه أن يبادر إلى حضور المؤتمرات والندوات المحلية والعالمية في مجال تخصصه، وأن يقوم بزيارات للاطلاع على تجارب الجامعات والدول الأخرى في مجال الخدمة العامة.

إضافة إلى ما ذكر عن الاستاذ الجامعي، هناك صفات تناسب موقع هذا المعلم المربي، ومن أولوياتها صفة التواضع والرحمة والتسامح التي تمثل أكبر مراتب القوة، والابتعاد عن الانتقام الذي يوصف بأنه أول مظاهر الضعف. ففضل المعلم كبير ولا يمكن أن ينكر، ولكن للأسف هناك من يغفل عن أداء واجبه أو من يرى أن مهنة التدريس هي «مهنة من لا مهنة له»، وأجمل ما فيها أنها تدر عليه رزقا (المعاش) في نهاية كل شهر مثلها مثل أي مهنة أخرى.

كما أن على الأستاذ أن يذكر نفسه دائما بأن المستفيد (الطالب) هو بحاجة إليه ليقتبس من علمه ومعرفته وخبرته، وهذا لا يعني أن يحيط علم الأستاذ بكل شيء، فهذه صفة من صفات الله تعالى وحده ولا يمكن أن يملكها إنسان، لكن من المتوقع منه أن يكون ملما بأمور كثيرة عن مادته التخصصية. ولا يقف الحال عند هذا الحد، فالطالب يحتاج أحيانا إلى استاذ يسمعه ويناقش معه بعض الأمور، ويرشده أكثر من أن يلقنه معلومات تخص مادته الدراسية. فإلى من يلجأ هذا الطالب الذي لا يجد ملجأ له في البيت ولا في الجامعة أو المدرسة؟

هذا جانب مهم جدا في حياة الطالب لا ينبغي تجاهله. فإن وجد الأستاذ الذي يكون موضع ثقته، آوى إليه وأقر واعترف له بكل أخطائه. وعلى الأستاذ الاحتفاظ بأسرار طلبته ليكون ملاذا آمنا لهم وملجأ لفتح قلوبهم. عندئذ تكون الحاجة إلى الاستاذ حاجة نفسية، وهذا جانب لا يستهان به. ولطالما كان لكلمات الأستاذ تأثير كبير في الطلبة أكثر من تأثير كلمات آبائهم.

وترى الاتجاهات الحديثة بأنه يجب على الأستاذ/ المربي أن يكون ملما بعلم النفس التربوي، إذ إن جزءا كبيرا من عمله هو المساهمة في تربية تلاميذه. «فالعلم والتربية» جزءان لا يتجزءان وهما رسالة وأمانة، والأستاذ الأمين هو الذي يرى أن هذه المهنة هي الأمانة الكبرى والرسالة المقدسة التي يسعى الى أدائها على أكمل وجه. وقد حظيت هذه المهنة بكثير من الأحاديث الشريفة. فقد روي أن رسول الله (ص) قال: «إنما بعثت معلما».

وقال (ص): «خيركم من تعلم العلم وعلمه».

وقال (ص): «إن الله وملائكته وأهل السماوات والحوت في البحر والنملة في حجرها ليصلون على معلم الناس الخير...».

إن الاستاذ المؤمن برسالته التي أكرمه الله بمنحها إياه تراه فارسا محاربا في ميدان التربية والتعليم، همّه الأكبر وشغله الشاغل هو التفكير في «كيف يصنع رجالات الغد وينفع البشرية بهم». فهو يستحق ما قاله الشاعر العربي أحمد شوقي.

قُمْ للمعلمِ وَفِّهِ التبجيلا

كادَ المعلمُ أنْ يكونَ رسولا

أعلمتَ أشرفَ أو أجلَّ منَ الذي

يبني ويُنشِئُ أنفسا وعقولا؟

ولا شك أن الأستاذ والطالب هما المحوران الرئيسيان في العملية التعليمية التعلمية. إذ يرى الباحث نور الدين أن مسئولية اخرى تقع على عاتق الأكاديميين (أساتذة وطلبة) والذين يصفهم بالفئات المثقفة والمفكرة والمتعلمة والمدققة التي تمتلك مقومات التحرك الاستثنائي، ألا وهي مسئولية الهداية، ويعلل ذلك بقوله: «ولأنكم تمتلكون مقومات أكثر، وستسألون عنها يوم القيامة». إننا باعتبارنا أساتذة وطلبة جامعيين نشترك في مسئولية كبيرة، هي هداية المجتمع وتنويره، ولابد أن تربطنا علاقة وطيدة حتى تتم عملية الهداية والتنوير بنجاح. ولكن كيف يمكننا أساتذة وطلبة تطوير مجتمعنا، ونحن بعيدون عن بعضنا؟ لابد من تضييق الهوة التي تفصلنا، ولابد من تحطيم الجدار الذي يقف حاجزا بيننا، ولا بد من وجود الحوار المؤدب بيننا واحترام الرأي الآخر باعتباره مفتاح التقدم الذي يصنع التسامح والذي بدوره يذلل صعاب العمل الجماعي المشترك.

أستاذة الترجمة وعلم اللسانيات في جامعة البحرين

العدد 234 - الأحد 27 أبريل 2003م الموافق 24 صفر 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 9:39 ص

      مسؤوليه كبيره ع الطالب الجامعي

      الله يعطيكم الصحه والعافيه ومشكورين ع الموضوع الرائع

    • زائر 1 | 9:37 ص

      مسؤوليه كبيره

      اشكركم ع هذا الموضوع الرائع ولكم جزيل الشكر

اقرأ ايضاً