أطلقت رئيسة مركز التوحّد في الرياض الأميرة السعودية الجوهرة بنت فيصل بنت تركي آل سعود دعوة عاجلة لإنشاء رابطة خليجية تأخذ على عاتقها مهمة دراسة مدى انتشار اضطربات التوحّد بين الأطفال في منطقة الخليج العربي، بهدف الوقوف على حجم الانتشار وأسبابه لرصد العلاجات المشتركة وتوحيد الجهود للحد من تلك الاضطرابات.
وأكدت الأميرة الجوهرة ـ خلال زيارتها الأخيرة لجامعة الخليج العربي بهدف التعرف على البرامج والدورات التدريبية المتخصصة التي تقدّمها الجامعة لهذه الفئة لنقلها إلى المملكة العربية السعودية ـ ندرة المتخصصين في اضطربات التوحد في منطقة الخليج العربي وقلة المراكز المتخصصة برعاية أطفال التوحّد، ما يحتم العمل على تفعيل البرامج التدريبية ورسم استراتيجيات فاعلة لتبادل الخبرات والعمل على مشروعات مشتركة.
مشددة على ضرورة تعريب البرامج والمناهج الموجهة إلى فئة التوحّد والمعلمين العاملين معهم في منطقة الخليج العربي، لتتناسب مع الثقافة العربية والإسلامية، ولتتواءم مع طفل التوحّد الذي يصعب عليه تلقي التوجيهات بأكثر من لغة.
إلى ذلك، تبنت الأميرة الجوهرة مشروع (السعودي للتدريب والتعليم) وأخذت على عاتقها تأمين فرص التدريب للشباب إيمانا منها بأهمية تنمية العقول الشباب وتطوير المهارات، حاملة شعار (بالحب نلتقي).
وخرّج المشروع نحو 8 آلاف متدرّب نصفهم من الذكور والآخر من الإناث؛ لينطلق المتدربون بعد اجتياز التدريب إلى إدارة مشاريعهم الخاصة أو إلى العمل في الشركات والمصارف، وأوضحت الأميرة الجوهرة أنّ تدريب العقول واكتساب المهارات لا يقف عند حد، وإن برامج التدريب أجدى بكثير من تقديم المساعدات العينية لمن يحتاج إليها، مؤكّدا أنّ الجهود الآنية تركز على تدريب المعلمين العاملين مع أطفال التوحد لذلك فأن هذا اللقاء يبحث أوجه التعاون مع جامعة الخليج العربي لإيجاد برامج تدريب مبتكرة للكوادر السعودية العاملة مع أطفال التوحّد.
وأكّدت أن التدريب في مجال التوحّد لا يقتصر على المعلمين فحسب بل ينسحب على تدريب الأسرة الحاضنة بأكملها بما في ذلك البيئة التي يعيش فيها الطفل. وقالت إن كلفة رعاية طفل واحد يعاني من اضطرابات التوحّد تصل إلى 30 ألف ريال سعودي، وتصل لأضعاف ذلك في الدول الأجنبية، معتبرة أن الكلفة عالية جدا ولا يستطيع الأهالي تكبدها ما يحتم البحث عن الأيدي الخيّرة التي تساهم في دعم هذه الفئة. من جانب آخر، أكّدت رئيسة جامعة الخليج العربي رفيعة غباش حاجة منطقة الخليج إلى إجراء دراسة مسحية تقف على حجم انتشارالتوحد، مشددة على ضرورة توحيد الجهود وإقرار برامج تدريب مشتركة لتبادل الخبرات جراء تعاظم انتشار اضطرابات التوحد في منطقة الخليج ككل، لدرجة تصل ان تعاني الأسرة الواحدة من وجود أكثر من طفل متوحّد فيها.
وقالت الدكتورة غباش ان تجربة البحرين تمتد لـ 12 سنة، وإن هناك أربعة مراكز في البحرين للعناية بالمتوحّدين بالإضافة إلى نادي للرعاية المسائية، مشيرة إلى ان البحرين تطبق بروتوكول التشخيص متعدد التخصصات وهو تشخيص دقيق جدا وتستمر المفحوصات لأكثر من شهرين ذلك؛ لأن النتيجة تغير مسار حياة الطفل.
ثم استعرضت نائبة رئيس مركز عالية للتدخل المبكر سمية حسين تجربة مركز عالية في جلب المتخصصين من أميركا واستيراد البرامج الأجنبية المتقدّمة منذ العام 2004، حتى استطاع المركز دمج 4 من المتوحّدين في عدد من المدارس الخاصة في البحرين.
وقالت: إن التدريب في البداية اعتمد على خبراء أجانب ظلوا يتابعون المتدربات إلى أن أصبحن مدرّبات متخصصات يستطعنَ تدريب غيرهنّ من المعلمات الجدد، لكنها أكدت قلة الدعم الموجه لفئة أطفال التوحّد على عكس الفئات الخاصة الأخرى، مشيرة إلى مركز عالية أوشك أنْ يتوقف عن العمل بسبب قلة الدعم لولا تدخل بعض المصارف الخليجية مثل بيت التمويل الخليجي الذي تفهم أهمية وجود مراكز تخدم هذه الفئة وتفهم أن الرعاية تحتاج إلى موازنة ثابتة ومتسمرة. فيما قال الأستاذ المشارك في علم النفس في جامعة الخليج العربي محمد هويدي إان أكبر قضية يواجهها الخليج هي ندرة المتخصصين في الإعاقات الذهنية ونقص أشد في المتخصصين في اضطرابات التوحّد، لافتا إلى أن جامعة الخليج العربي خرجت منذ العام 1986 دفعات متخصصة في الإعاقة الذهنية، وإن الإقبال على التسجيل في برنامج الإعاقة الذهنية والتوحّد في ارتفاع مستمر، بيد أن التوحّد يعتبر تخصصا جديدا وهو اضطرابات في الجهاز العصبي تظهر على شكل أعراض سلوكية، ويُصاب بها طفل واحد بين الآلف طفل؛ أي 5 إلى 10 في العشرة آلاف طفل.
وأكد المجتمعون من اختصاصين أكاديميين وطلبة الدراسات العليا في نهاية اللقاء على ضرورة تبني مشروع إنشاء رابطة خليجية تأخذ على عاتقها مهمّة دراسة مدى انتشار اضطرابات التوحّد بين الأطفال في منطقة الخليج العربي، وأسباب الانتشار للتوصل إلى صوغ برامج تدريبية مشتركة.
العدد 1928 - الأحد 16 ديسمبر 2007م الموافق 06 ذي الحجة 1428هـ