الاحتفالات بذكرى المولد النبوي الشريف التي تشهدها البلاد في هذه الفترة من كل عام وتبدأ من يوم 12 إلى 17 ربيع الأول تبعث هذا العام رسالة رافضة من أبناء الأمة لكل صور الإساءة لنبي الأمة محمد (ص)، وخصوصا أن حملة الرسوم الدنماركية والأوروبية المسيئة لرمز الدين مستمرة بلا توقف. كما تدعو هذه الاحتفالات إلى الوسطية في الفكر الإسلامي بعيدا عن التشنجات والتطرف والطائفية.

ومع صدور تعميم رئيس الوزراء سمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة بشأن عطلة ذكرى المولد النبوي الشريف غدا الخميس 12 ربيع الأول 1429 الموافق 20 مارس/ آذار 2008 لوزارات المملكة وهيئاتها ومؤسساتها، كانت وزارة العدل والشئون الإسلامية استعدت فعلا لإقامة حفلها السنوي في هذه الذكرى الشريفة مساء اليوم.

ويبدو الاهتمام بهذه الذكرى متعدد المستويات في البحرين، بدءا من الجهات الرسمية والأهلية انتهاء عند الأنشطة والاحتفالات التي تتكرر في كثير من مناطق البلاد. ولا تقتصر صور إحياء الذكرى على بيانات التهنئة، فقد أصدر مجلس الشورى بيانا بالمناسبة تقدم فيه رئيس وأعضاء المجلس بالتهاني والتبريكات إلى قيادة البلاد وإلى شعب البحرين والأمتين العربية الإسلامية، فيما توجد استعدادات أخرى متعددة لإحياء هذه المناسبة بحيث تحوي المضامين الإسلامية والإنسانية والأخلاقية والحضارية لرسالة الإسلام.

ويبدو احتفال هذا العام مهما ومنتظرا من جانب المواطنين والمقيمين كحال السنوات الماضية وأكثر، فكما صرح وزير العدل والشئون الإسلامية الشيخ خالد بن علي آل خليفة فإن الاحتفال الذي سيقام مساء اليوم بعد صلاة العشاء بمركز الفاتح الإسلامي يؤكد ضرورة الوقوف مع صفحات السيرة العطرة والشمائل المحمدية للاستفادة منها على مستوى الفرد والجماعة، وباب الأهمية في تصريح الوزير هو إشارته إلى المحاولات الاستفزازية للنيل من شخص الرسول الكريم (ص)، وهي لا تزيد المسلمين إلا حبا وتقديرا لشخصه الكريم وتمسكا بدينه وهديه، ولهذا زاد بقوله إن «احترام الأنبياء جميعا أحد أهم المبادئ الإسلامية التي يربي عليها الإسلام أتباعه الذين لا يرضون بالإساءة أو التقليل من شأن أي نبي من الأنبياء الكرام عليهم جميعا الصلاة والسلام».

وتنبع أهمية إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف من هدف تذكير الناس بسيرة المصطفى، وهذا ما جعل وزارة العدل والشئون الإسلامية تعدّ فعاليات مصاحبة للاحتفال الرسمي من حلقات تلفزيونية متنوعة ومحاضرات لعلماء أجلاء في المساجد والجوامع والمآتم.

ويجمع الكثير من المواطنين والمقيمين على أن الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف هو مناسبة لتأكيد الأخوة الإسلامية، وتعزيز الوحدة الوطنية بين فئات المجتمع، والحفاظ على مكتسباتها، والتصدي لكل الظواهر الدخيلة المفتتة للمجتمع الإسلامي وعلى رأسها الطائفية والتعصب الأعمى، فيما يشترك علماء الدين والمثقفون مع فئات المجتمع المختلفة في الدعوة إلى تأكيد وسطية الدين الإسلامي وأطروحته الدينية والاجتماعية والإنسانية التي تحمل كل معاني المحبة والخير والعطاء والتعايش والتقدم.

وقد امتازت البحرين عن كثير من الدول الإسلامية بأن احتفالها السنوي الذي تنظمه وزارة العدل والشئون الإسلامية يقدم رسالة مشتركة لأبناء البلاد من الطائفتين مفادها أن الالتفاف حول تعاليم الدين الإسلامي الحنيف واستحضار سيرة النبي محمد (ص) يجب أن يكون هو العصب الرئيس الذي يشد بنيان المجتمع البحريني بلا تفرقة أو تمييز أو ممارسات مرفوضة دينيا واجتماعيا، ما جعل المشاركة في هذه الاحتفالية تكبر عاما بعد عام لما فيه من عطاء فكري وثقافي كبير، علاوة على رونقها الديني المقدس في نفوس الناس.

خلاف الاحتفال الرسمي، تشهد مختلف مناطق وقرى البحرين احتفالات مبهجة، تتزين فيها المساجد والمآتم وتستقبل الندوات والمحاضرات والقصائد الشعرية والأناشيد التي تعكس معانيها الاعتزاز بالانتماء إلى الدين الإسلامي ومحبة النبي الكريم، وتتجه بعض الأنشطة نحو تعزيز الوحدة الإسلامية وتجديد العلاقة بين الطائفتين الكريمتين، بالإضافة إلى فعاليات ومناسبات تتنوع بين إصدار المطبوعات والمنتجات الإعلامية المسموعة والمرئية والمقروءة، وتنظيم الزيارات للمرضى والمسنين وذوي الاحتياجات الخاصة في المستشفيات والمراكز المختلفة، وفي القيام بشكر ومباركة جهود المدراء والمسئولين والعاملين والموظفين والأطباء في هذه المستشفيات والمراكز، وهي مبادرة قام بها مكتب آية الله الشيخ حسين النجاتي في العامين الماضيين، فيما تشهد المهرجانات التي تنظمها اللجان في القرى إقبالا كبيرا من جانب أهل البلد، وتستقطب العاصمة المنامة في احتفالاتها التي تنظم في جميع مآتمها ومساجدها المواطنين والمقيمين من مختلف مناطق البلاد.