غادرنا مدينة Leh التي تقع على ارتفاع 11000 قدما والذي يهيمن عليها قصر ملك Leh الملك Sengge Namgyal المبني من تسعة طوابق عند حوالي الساعة العاشرة من صباح يوم في شهر مايو/أيار. القصر هو تحفة معمارية لفن المعمار التبتي والذي يعتقد بانه كان مصدر وحي وراء بناء قصر Potala الشهير لـ - Dalai Lama في لاهاسا بالتبت.
ان الطريق والتضاريس تحتم الحاجة لاستعمال عربة قوية متينة قابلة الاعتماد عليها. تقدمنا نحو khardungla وعربتنا تتعوج وسط ممر فردي في طريق وعر. ميزة khardungal هي انها اعلى طريق في العالم يمكن للسيارات ان تقطعه إذ تقع على ارتفاع 183000 قدما.
وفي الطريق كان الهواء محملا باوكسيجين يكفي فقط للتنفس انه كان يخترق الملابس الصوفية والجاكيت التي كنا نرتديها. ومن حين إلى آخر كان يظهر المرموط الصغير بني اللون الذي يشبه إلى حد ما القط ويقفز على الصخور ثم يجري نحو السيارة ولكن على بعد مسافة آمنة.
ان محاولاتنا لنلتقط صورا له باءث بالفشل لانه عندما كانت السيارة تتوقف يختفي وراء الجبال والصخور.
السماء فوق Leh وحولها هي زرقاء صافية والفضل لذلك يعود الى غياب التلوث الشديد الذي تعاني منه السهول.
حتى تلوث الصوت متغيب هنا. كان الصمت يحيط بنا وكذلك الهدوء ونحن نتقدم نحو khardungla. وفي صباح يوم من شهر مايو عندما كانت السهول اسفل تحترق من درجة حرارة عالية وحتى في Lehالتي تقع على ارتفاع 11,000 قدما كانت الحرارة شديدة إلا ان khardungla Top كانت تبدو مثل جبال ايفريست إذ الثلج كان يكسوها وكأنها تبدو في قمة الشتاء. وفي محاولة فاشلة لاحتساء ا لدفء من اكواب الشاي الساخن الذي قدمها إلينا رجال الجيش المرابطون هناك على الطوال ليضمنوا ان الممر الجبلى الثلجي يبقى مفتوحا طوال السنة كنا ننظر من حولنا في خوف ودهشة.
ووسط تلك البيئة الثلجية شاهدنا مئات من رايات صلاة متعددة الالوان وهي تقدم صلواتها في صمت عبر رفرفتها لتهدئة إله الجبال لسلامة المسافرين وكتيبة الجيش الصغيرة المرابطة في khardungla من غضب الجبل.
نظرنا الى الجنوب فوق وادي السند الشهير الذي ربما حتى الآن يخفي بداخله نشوء حضارة اليوم وكان بامكاننا ان نشاهد مرتفعات وقمما تكسوها الثلوج لسلسة جبال گanskar الشامخة. ونحو الشمال كان هناك Sasser Massif الذي هو طبقة بارزة متقلبة من سلسلة جبال karakoram.
صديقي من الجيش من Leh والذي كان يسافر باستمرار في عطلات جبلية Phuntsog Wangdus كان اجداده من سكان وادي Nubra قبل ان يهاجروا الى مدينة Leh التي يسهل الوصول اليها. وكان هو ايضا مرشدنا خلال الرحلة. ان معرفته الدقيقة عن المكان ساعدتنا في معرفة الفوارق الدقيقة لوادي Nudra الشهير. Nubra تعني حديقة. يقع هذا الوادي بين khardungla وجبل Siachen الثلجي وحصل على اسمه من نهر Nubra الذي هو فرع نهر Shyok الذي له اصله في قطعة ثلج متحركة طولها 78 كم - جبل Siachen يتفرغ النهران في Sasser Massif من الشرق والغرب ثم يتحد الاثنان ويتدفقان كنهر Shyok الذي ينهي رحلته في السند العظيمة في Baltistan. الانهر خلال رحلتها تتجزأ في عدة قنوات ماء لها قاعدة مسطحة وتترقرق وسط الوادي الذي في بعض الاماكن هو رملي مثل الصحراء. وعندما يذوب الثلج تحصل الانهر على طابق منحدرات نهر تتدفق مياهه بسرعة وقد تكون مصدر بهجة الى عشاق المغامرات ومحبي الطبيعة.
كان علينا ان نشق طريقنا وسط قطع كبيرة من الثلج وكان المنظر يبدو كأنه احدى مناظر ديزني لاند إذ كانت هناك كتل ثلجية ناشئة عن تجمد الماء اثناء تقطيره وحليمات تتدلى واخرى تنمو على طول الطريق وترفض الذوبان. قطعنا رحلتنا وسط مسافات وعرة وكان جلمود الثلج الذي يتقطر منه الماء يرغم عربتنا لتتحرك بكل حرص وسط حواجز حجرية خيالية. اننا وضعنا الثقة في سائق عربتنا وادركنا بكل تأكيد اسباب رايات الصلاة التي كانت ترفرف وتسأل الله ليضمن سلامة المسافرين مثلنا والذين هم من محبي المغامرة.
جردت الطبيعة نفسها من كل شيء في مناطق ما وراء كارجيل وعلى طول طريق كارجيل وLeh ووادي Nubra. قمم الجبال التي كانت مجردة من أية خضرة تبدو قاسية وتمتلك صفة تألق سريعة الزوال. انها تبدو وكأنها مطلية بظلال من الرمادي والبني أو البنفسجي كما تجدها ايضا في ظلال زهرية وصفراء وزرقاء. احيانا كثيرة جميع الالوان هي مرئية وهي تجري نحو اسفل تلك الجبال. وادي Nubra يبدو احيانا وكأنه مفروش باشواك Seasick الكثيفة والصفصاف وpoplar العصبي. تتبعثر اعشاب الزهر البري في الوان قرمذية وصفراء وحمراء وتقدم منظرا ساحرا إذ تبدو مثل مفرش طبيعي ضخم. ان وجود الخضرة سويا مع ارتفاع منخفض نسبيا لوادي Nubra بالمقارنة مع Leh يضخ كمية كافية من الاوكسجين في الهواء ليتنفس بحرية و سهولة.
امتد الطريق الذي كان يقع على ارتفاع 11,000 قدما بعد ان قطع قطعة ارض رملية شاسعة على طول نهر Shyok الذي كان يؤدي الى مدينة الاديرة Disket. اما جانب الطريق الايمن الذي كان الطريق المفضل لدينا والذي كان يحتضن نهر Nubra أخذ بنا إلى Panamic آخر قرية آهلة بالناس في الطريق الى جبل الثلج في Siachin.
يمتد الطريق بعد Panamic الى جبل الثلج في Glacier. إلا انه مسموح للسياح الوصول حتى Panamic فقط. قررنا زيادة Panamic قبل العودة الى Deskit لقضاء الليل. ان الرحلة على طول نهر Nubra كانت ممتعة للغاية. مررنا بقرى صغيرة هادئة وهي Lukng وTirit وTegar وSumeru. كل قرية يوجد فيها بستان للمشمش. محاط بشجر الصفصاف والاشواك بعكس الصحراء الجبلية رمادية اللون التي تشكل محيط المكان.
اخبرنا Wangdus انه في الماضي ليس بالبعيد كانت تلك القرى على ممرات تجارة اواسط آسيا يدب فيها النشاط والحيوية عندما توقفت هنا القوافل التي كانت تحمل البهارات والملح وتستعد لرحلة طويلة مرهقة تستغرق اسبوعين يتم خلالها السفر عبر الصحراء الجبلية في Karakoram وسلسلة جبال Kunlun. انها كانت رحلة لايتوافر فيها اي شيء حتى علف للمواشي والحيوانات التي تحمل الاثقال والتي اعتمد عليها اصحاب القوافل لاجل معيشتهم. Panamic التي كانت اكبر قرية في المنطقة اصبحت نقطة مركزية للتجارة.
وعلى الطريق شاهدنا عددا من ينابيع ماء الكبريت الساخن المنبثقة من جانب الجبل والتي فرد عليها غطاء من ظلال مغرة صفراء. ادرك السكان ميزات مداواة تلك الينابيع وقاموا ببناء قنوات وايضا اكشاك على مواقعها لتقنيين الماء ولتسهيل الاستحمام. وصلنا في اليوم الثاني الى Deskit. ان دير Deskit الذي مرت عليه القرون كان يقع فوق قمة جبل مخروطي الشكل وقدم مشهدا ساحرا لعدة اديرة صغيرة تقع في قرية Deskit عند اسفل.
كان الوادي مليئ بمفاجئات لنا. عندما تقدمنا نحو Hundar على ارتفاع 11,000 شاهدنا عدة جبال رملية لها نماذج فرضتها عليها الرياح. تلك الجبال الرملية الذي يبلغ ارتفاعها من 60 إلى 80 قدما هي مزعجة مثل تلك التي هي في جاسلمير براجستهان التي يسهل الوصول اليها والتي تحتاج فقط إلى جمل ذي سنامين الذي هو في الأصل من منغوليا والذي لا يجد نفسه غريبا بين تلك الرمال. ذلك الجمل هو من نوع Bactrian وهو تراث باقي نقل من الايام القديمة حين كان يتم استعمال الحيوانات لحمل الاثقال وكان يستعملهم التجار على الممرات التجارية في اواسط آسيا.
وعند الظهر تبعنا الشمس التي كانت تستعد للمغيب واليت بدأت تتبلور في كرة حمراء كبيرة. وبدأت السماء الزرقاء ايضا بالتحول الى لون قرمذي وبدأت الظلال بطريقة تدريجية تبدو أطول فيما بدأ غطاء اسود حريري يفرد نفسه على ممتلكات الطبيعة لتحميها من ظلم الانسان على الاقل في الليل.
الكاتب اديب رحالة مشهور. بالاتفاق مع مجلة آفاق الهند