بعد أن مات طفل يبلغ من العمر 5 سنوات غرقا في إحدى برك السباحة بقرية كرزكان بسبب عدم انتباه الأسرة إليه، لابد وأن نطرح هذا الموضوع الذي أصبح قريبا منا وليس ببعيد، ألا وهو الغرق في البحر أو برك السباحة.
حقا إن للسباحة متعة كبيرة تبلغ ذروتها في أشهر الصيف المتمثلة في يونيو/ حزيران ويوليو/ تموز وأغسطس/ آب؛ وذلك لاعتبارات كثيرة أهمها ارتفاع حرارة الجو الأمر الذي يدفع الأشخاص إلى الارتماء في أحضان البحر أو برك السباحة بهدف تخفيف الحرارة وترطيب الجسم بالماء إضافة إلى لمعان الماء وقت المغرب في هذه الشهور واعتدال الموج وقلة التيارات البحرية. وجميع هذه المواصفات والمميزات تغري الناس بالذهاب إلى البحر؛ لذلك نرى الكثير من الأسر يصطحبون معهم أولادهم من مختلف الفئات العمرية بهدف التنزه وإسعادهم بمنظر الماء ومتعة السباحة والاستمتاع بالشمس والهواء... لكن أحيانا يكون الخطر قابعا وراء هذه المتعة والاستمتاع ولهذا يجرنا الحديث عن ارتياد البحر وبرك السباحة إلى منحى آخر وهو مسألة الغرق وهي إحدى المشكلات وخصوصا في الصيف والتي تمثل الجانب المأسوي لدى الناس بسبب تقاعس البعض وتغافلهم أحيانا عن اتباع قواعد الأمن والسلامة وأخذ الحيطة والحذر، والمشكلة تكمن في أن البعض لا يجيد السباحة ومع ذلك يدخل البحر ويذهب إلى أماكن أعمق وبالتالي فهو يدفع بنفسه إلى الموت، ولأننا في أيام الاجازات فإن هذه الحالات يكثر حدوثها بين طلاب المدارس والأطفال... لكن من المسئول عن هذه المشكلة؟ قمنا بتتبع بعض الآراء الناس بشأن هذا الموضوع.
راشد ابراهيم يقول: إن الحديث عن البحر ذو شجون، فمتعة السباحة تبلغ ذروتها في فصل الصيف كما تبلغ مأساة الغرق الذروة ذاتها في الوقت نفسه. وما يدفع الناس الى ارتياد البحر في فصل الصيف تحديدا أمور عدة أهمها ـ وهو ما يتفق بشأنه الجميع ـ ارتفاع درجات الحرارة وتشبع الجو بالرطوبة، وهذا بدوره يدفع الناس إلى الارتماء في أحضان البحر طلبا للمتعة ولتبريد الجسم من وهج الحرارة العالية. كما أن هناك عوامل أخرى تساعد على ارتياد البحر ومنها الإجازة الدراسية للطلاب فمن خلال وقت الفراغ الكبير للطالب يتجمع البعض منهم للذهاب إلى البحر لقضاء وقت جميل وممتع يتم من خلاله الاسترخاء على الشاطئ ومن ثم القيام بالسباحة في عرض البحر. كما أن غالبية الموظفين يجعلون اجازاتهم متوافقة مع شهري يوليو وأغسطس، وهي الفترة المناسبة لارتياد البحر فيذهب رب الأسرة مع الأسرة للبحر والسباحة، ولهذه العوامل وغيرها ترى الشاطئ امتلأ عن آخره واكتظ بالمرتادين.
ومن هذا المنطلق يجب علينا ألا نغفل الشق الثاني من الموضوع وهو الغرق وخصوصا في فصل الصيف، إذ يقول محمد حسن: إن البحر ومنذ القدم وصف بـ «الغدار» فهو لا يعرف صديقا أبدا، والغرق الكثير في فصل الصيف ينتج ـ من منظوري الشخصي ـ من عدة عوامل منها، وأهمها عدم معرفة السباحة. فالكثير من مرتادي البحر لا يملكون من مهارة السباحة قسطا لا قليلا ولا وافرا، وإنما تأخذه العزة بالإثم أمام أصحابه فيقوم بعمل استعراضي لبعض الحركات، ولذلك يجب على كل من يرتاد البحر للسباحة أن يكون ملما ولو بقليل من مهارة السباحة، وكذلك وجود اللياقة البدنية التي تؤهله لذلك، فإن لم تكن العضلات مؤهلة لمهارة السباحة فلا فائدة تذكر من معرفة السباحة فهما قرينان متلازمان عند القيام بعملية السباحة في البحر.
كذلك حبذا أن يكون مجموع المرتادين للسباحة في البحر ثلاثة أشخاص فما فوق فالجماعة مهمة إذ ربما جرف التيار أحدهم أو كان بعضهم به مرض مزمن وعاوده أثناء السباحة فيستطيع حينها من معه إنقاذه وإسعافه؛ لأن الغريق بمفرده لا يستطيع تحريك ساكن ولا أن يدفع البلاء عن نفسه. وكذلك اختيار المكان المناسب للسباحة فالكل يعرف قدر نفسه، وعليه أن يحدد الموقع الذي يناسبه ويلائمه حتى يصل إلى متعة السباحة وتجنب مأساة الغرق.
الغرور بالنفس
ويقول سلمان عبدالله إن قضية الغرق قضية مهمة، ويجب العمل على تلافيها والحد قدر المستطاع منها. ولكن لكل قضية عوامل ومسببات تساعد على ظهور هذه القضية، وأرى أن العوامل جميعها محصورة في عامل واحد وهو اغترار النفس وشعورها بفتوة الشباب وإبراز ذلك لمرتادي البحر فيعمد احدهم إلى الدخول في عرض البحر ومخر عبابه والسباحة لوحده منفردا مستعرضا مهارته في السباحة، وهذا لا يليق أبدا فالمسألة أخطر من ذلك وإذا ما حدث طارئ له صعب إسعافه وإنقاذه لابتعاده عن الجميع فلربما جرفه الموج إلى ابعد من ذلك. ومن اغترار النفس كذلك تجاهل البعض لأمور السلامة وعدم اتباعها فيأتي أحدهم مصطحبا معه «الجيتسكي» ويقوم بالسياقة داخل الأماكن غير المسموحة بذلك، وهنا فعلا يعرض نفسه والآخرين للخطر فربما صدم أحد الأشخاص وهذا يعني إلحاق الضرر به وربما إصابته ببعض الكدمات والتي لا يستطيع على إثرها السباحة، وبالتالي يكون ذلك الشخص المصدوم فريسة سهلة للأمواج والسبب هو كما أسلفت اغترار النفس والتي منها كذلك السباحة في أوقات غير مستحبة مثل فترة الظهيرة أو بعد غروب الشمس وهذه الأوقات يكون مردودها غير ايجابي في غالبية الأحيان.
ويواصل: ففي فترة الظهيرة تكون درجة الحرارة عالية ومرتفعة جدا، وأحيانا يصاب الشخص بضربة شمس أو دوار ما يجعله يفقد السيطرة على نفسه، وبالتالي تكون النتيجة الغرق. وكذلك السباحة بعد غروب الشمس ففي ظل انعدام الرؤية تكون عملية السباحة مجازفة خطيرة ولا تحمد عقباها، وخصوصا أن فرق الإنقاذ لا تشرف على البحر بعد غروب الشمس. وبالتالي فحري على كل شخص أو فرد يرتاد البحر أن يكبح جماح نفسه ولا يثق فيها أكثر من اللازم حتى يضمن سلامته أولا وسلامة الجميع ثانيا؛ فالبحر له متعة جميلة عند السباحة وترطيب الجسم بالماء البارد لخفض درجة الحرارة المرتفعة والتراشق بحبيبات الماء مع الأصدقاء، ولكن شريطة اتباع أنظمة السلامة المتبعة في ذلك، وهي كثيرة وموجودة لدى جهة الاختصاص ويجب على كل من يرتاد البحر عموما وفي فصل الصيف خصوصا أن يأخذ نسخة من تلك الأنظمة والأمور والالتزام بها حتى يتم تجنب مشكلة الغرق.
أهمية التوعية
إن متعة السباحة في فصل الصيف أفرزت قضية الغرق التي تنتشر كثيرا في الفصل ذاته. يشار إلى ان القضية لها أبعاد كثيرة منها وأهمها ثلاثة عوامل هي: الوعي وهو في المقام الأول، ومن ثم القانون ثانيا، ثم يأتي عامل الخدمات ثالثا. وباتباع هذه العوامل الثلاثة يتم الحد كثيرا من انتشار ظاهرة الغرق التي تنتشر في فصل الصيف، فمن جانب الوعي لابد من وضع الجميع في الصورة بالنسبة إلى حوادث الغرق، ويتمثل ذلك في وضع برامج توعية مستمرة ومتعددة الوسائل، ومنها أولا طرق الوقاية إذ يفضل في الراغب في السباحة أن يكون بالغا عاقلا خاليا من بعض الأمراض التي قد تؤثر عليها السباحة مثل حالات الصرع المزمن والمصابين بالتشنجات وأمراض الأزمة القلبية الحادة وحالات حساسية الصدر وبعض أمراض العيون ومرض الأذن الوسطى، ومن أمور الوعي كذلك يرجى عند السباحة الابتعاد عن الأماكن الخطرة والتي يقوم رجال الإنقاذ والسلامة بلفت نظر المواطنين إليها بواسطة لائحات وإرشادات ذات ألوان مختلفة تشير إلى أن هذا المكان مسموح السباحة به، وكذلك المكان الذي يجب أن يسبح فيه بحذر إضافة إلى المكان الممنوعة فيها السباحة منعا باتا كما يحذر الدخول للسباحة ليلا وأثناء هيجان البحر الشديد في النهار وفي وقت الظهيرة.
التعاون والتنسيق
ويقول أحد مرتادي السواحل إن الصيف وما يسببه من ارتفاع في درجة الحرارة يعتبر من أكبر العوامل التي تدفع الناس إلى الشواطئ، وهذه عوامل الإغراء لمرتادي الشواطئ للنزول إلى البحر من دون مراعاة ما إذا كانوا يجيدون السباحة أم لا، وكذلك تجاهل أو نسيان أو عدم الأخذ بالاعتبارات المتعلقة بعوامل الأمان للسباحة وكيفية النزول الى البحر، وكيفية التعامل معه في جميع الحالات والظروف فخلال اليوم الواحد ينقلب الجو ويكون له تأثير على ارتفاع الموج وغير ذلك من الظواهر الطبيعية. وللحد من ذلك وحفاظا على سلامة جميع مرتادي البحر في جميع مناطق لابد من إبراز المناطق الخطرة والمناطق المسموح السباحة بها بحرية والمناطق المسموح بالسباحة فيها ولكن بحذر شديد، ووضع علامات تدل على شدة التيارات البحرية وارتفاع الموج وبالتالي يحظر النزول في البحر لأن عامل الأمن والسلامة ربما يكون غير متوافر تماما في هذا الوقت ما يسبب غرق الكثيرين لمرتادي البحر آنذاك، ولكن المشكلة هي أن الكثير من الاخوة من مرتادي البحر لا يلقون بالا لهذه الأمور وتأخذهم العزة بالإثم فينزل إلى البحر من دون مراعاة ما إذا كان يجيد السباحة أم لا وعلى اثر ذلك تحدث حوادث الغرق والتي يكون سببها المباشر الفرد نفسه من خلال تصرفاته وجهله أحيانا
العدد 332 - الأحد 03 أغسطس 2003م الموافق 05 جمادى الآخرة 1424هـ
زهـــــــــــــــــور
السلام عليكم بقول الصراحة يعني اذا احد بروح برك المفروض ينتبه الى اولاده
رد
شكراً جزيلاً على الموضوع المفيد ..... جزاكـ الله خيراً ^_^