العدد 346 - الأحد 17 أغسطس 2003م الموافق 18 جمادى الآخرة 1424هـ

القدوة عند الشباب... بين استقاء الأفكار وتجسيد الواقع

لم يكن من بينهم الإمام الخميني ولا عبدالناصر ولا غاندي

عندما يتحدث الشباب عن القدوة الصالحة وأثرها الروحي والاجتماعي ويكون أمامهم نموذج صالح لهذه القدوة يشعرون بالحرج والرهبة، إذ لا يكون الشباب أمام تجربة طرح المفاهيم والأفكار فحسب، وإنما يكونون أمام معالجة تأثير هذه الأفكار والمفاهيم في أنفسهم من خلال مدى تجسيدها في الواقع الذي يعيشونه، وأهمية هذا التجسيد في حياتهم الذي يعتبر من أشد القضايا تعقيدا وأكثرها عناء في حياة الشباب.

أسئلة كثيرة يثيرها موضوع القدوة، تضعها شرائح الشباب أمام أعينها... فلماذا هذه القدوة بالذات؟ وهل القدوة مهمة في حياة الشباب؟... هذان السؤالان وغيرهما من الأسئلة نجيب عنها في سياق التحقيق الآتي:

يستهل هادي العلوي (طالب حقوق) حديثه بالقول: «لابد من وجود قدوة لكل شاب، وليس بالضرورة أن تكون هذه القدوة شخصا معينا بالذات، إنما من الممكن أن تكون مجموعة أفكار أو مبادئ أو قيم، والبعض منهم ينتقل إلى عالم الخيال ليصنع له قدوة لأنه لا يجد من يقتدي به أحيانا في الواقع. وعموما يمكن القول إن كل من يصلح أن يقتدى به يصح أن يكون قدوة».

ويتابع: «يتخذ بعض الشباب من الأنبياء والأئمة والصالحين قدوة لهم وذلك لمحاولة الوصول إلى ما وصلوا إليه لأنهم يرون في حياة هؤلاء الأنبياء والصالحين نموذجا يستحق أن يحتذى به وغاية تسعى إليها هذه الشريحة من الناس. فيما يتخذ آخرون من الشعوب الغربية قدوة لهم منبهرين بما وصلت إليه هذه الشعوب من تطور في شتى المجالات غير أنهم يأخذون الجوانب السلبية التي تعمل هذه الشعوب جاهدة على التخلص منها كاتخاذها قدوة في اللبس أو حلاقة الشعر وغيرهما من السطحيات».

وعن أهمية القدوة يقول العلوي: «وجود القدوة ضروري في حياة الشباب، فهي تساعد على وضوح صورة مستقبلهم وفق ضوابط محددة تختلف باختلاف طريقة تفكير الشاب وايديولوجيته وأخلاقياته وغيرها من الفوارق التي تتفاوت من شاب إلى آخر، والهدف من اختيار القدوة هو الوصول إلى ما وصل إليه صاحبها. وهي ضرورية وعدم وجودها يؤدي إلى تشتتت الشاب أحيانا، إن لم يكن ضياعه في أحيان أخرى».

يتحدث عضو جمعية المنبر الوطني الإسلامي عادل الميمون عن القدوة فيقول: «قدوتي في الحياة هي الرسول الأعظم (ص)، لأنه الوحيد في تاريخ البشرية الذي يمتلك مقومات القدوة الصالحة في مختلف نواحي حياته سواء الزوجية أو في الحروب أو في السلم وما إلى ذلك، فهو أفضل الخلق أجمعين، وفي استفتاء أجرته مجلة أميركية على كبار الرجال والمفكرين من أجل التعرف على أعظم شخصية أثرت في حياة البشرية قاطبة، كان الرسول (ص) هو تلك الشخصية. وبعد الرسول (ص) يأتي صحابته (رض) الذين يعتبرون خير قدوة للناس من بعده، أما في الوقت الجاري فهناك عدد من الشخصيات التي أعتبرها قدوة لي منها شخصية المرحوم الشيخ عبدالعزيز بن باز، والمرحوم الشيخ محمد بن العثيمين، وكذلك الشيخ القرضاوي».

ويواصل الميمون: «ولا ننسى الحكومة الرشيدة التي تعد خير قدوة لنا والممثلة في حضرة صاحب الجلالة الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المفدى الذي استطاع بحنكته قيادة البحرين إلى عصر الانفتاح، وسمو ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة لتوجهه الشبابي، وسمو رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة البارع في قيادة أمور الدنيا».

ويمضي الميمون في حديثه موضحا أهمية القدوة في حياة الشباب: «القدوة مهمة في حياة الشباب إذ يعتبرون الفئة الأكبر في المجتمع، فالقدوة تساعدهم على قضاء وقت الفراغ والاستفادة منه في أمر مفيد، ولنا في حياة العظماء خير قدوة».

ويعلق أحمد الفردان - من جمعية الشبيبة البحرينية: «لا يوجد شخص محدد يعتبر قدوة بالنسبة إلي، وتظل هناك شخصيات معينة أكن لها قدرا من التقدير، منها على سبيل المثال شخصية سعد حمدان وشخصية المناضل جيفارا، ولا أنكر أنه من الضروري أن يضع الإنسان له شخصية يقتدي بها في أمور حياته».

ويضيف: «القدوة بالنسبة إلي أن آخذ من هذه الشخصيات ما يمكن أن يسهم في تكوين شخصيتي، مع ضرورة أن تكون شخصيتي مستقلة، فلا آخذ كل ما يقوله الرمز أو القدوة، بلا آخذ ما هو إيجابي (...) ويمكن أن يكون الأصدقاء قدوة أيضا في بعض الحالات».

وبالسؤال عن أهمية القدوة يوضح الفردان: «من الطبيعي أن الشاب عندما يحصل على قدوة حسنة، فستكون له شخصية منتجة وذات رؤية منطقية للحياة، وذلك لأن القدوة مرت بتجارب معينة ساهمت في صوغ شخصيتها، وأؤكد أنه يجب على الشباب أخذ الشخصية مثالا يقتدون به وليس تقمصا لها».

نادية جعفر - من جمعية الشبيبة البحرينية أيضا - قالت: «القدوة بالنسبة إلي هي والدي ووالدتي، أما على مستوى الرموز فيمكن القول إن جيفارا هو القدوة، لأنه إنسان مناضل كافح من أجل الحرية. وتنبع أهمية القدوة من أنها تعطي الإنسان الدافع إلى تقديم الأفضل، من خلال الاستفادة من الإنجازات التي قامت بها هذه القدوة».

أما فاطمة سيادي - من منتدى العمل الشبابي - فتبين: «القدوة تعتبر بالنسبة إلي الشخصية التي تتمثل فيها المبادئ والأفكار، والأهم من ذلك السلوكيات والأفعال التطبيقية لها، والتي اعتبرها المثل لا التقليد لتذكرني وتساعدني على تطوير ذاتي والتقدم نحو الأفضل».

وتضيف سيادي: «لم أفكر في موضوع القدوة إلا قبل فترة بسيطة، ولم أجد من بين كل العظماء من هو أعظم (بعده سبحانه) من رسولنا محمد (ص) ليكون قدوة لي (...) فالرسول هو أعظم الناس فكرا وعقلا وروحا وخلقا وهو (ص) بكل مميزاته وبرقي إنسانه القدوة المثلى في كل زمان، وإن كان جسده في التراب فهو وخطواته لايزالان موجودان ولا أرى في رجال الدين اليوم إلا القلة منهم من يمثل الإسلام وتعاليمه الجليلة، فحين نذكر الرسول (ص) نرى حقا ما هو الإسلام وما يجب أن يكون عليه الإنسان».

زكي الشهابي - من ملتقى البحرين الشبابي التابع لجمعية «الوفاق» - قال: «قدوتي في الحياة هي شخصية الإمام علي (ع)، لأنه رجل الكمال في كل المجالات الإنسانية، وهو الذي طبق العدالة الإنسانية والاجتماعية حين عجز عنها الكثيرون، وهو رجل الحكم الصالح الذي استطاع في سنوات قليلة أن يصلح ما أفسده الدهر. وهناك عدد من الشخصيات التي أعتبرها قدوة لي في مجالات مختلفة، ففي المجال السياسي أعتبر الشيخ علي سلمان هو خير قدوة، لأنه تبنى قضايا الشعب، وهو يعلم كيف يستخدم الخطاب المناسب في المكان المناسب، ولأن خطاباته تتميز بالواقعية والاعتدال. أما في المجال الديني فقدوتي هي شخصية الشيخ عيسى قاسم لرؤيته الثاقبة وعدم تأثره برغبات الشارع، فبوصلته في الحياة هي مصلحة الدين والوطن، وكذلك السيدمحمد حسين فضل الله كونه الإنسان الناجح في توضيح الإسلام الحقيقي، وفي تمثيل القيم الإسلامية في الواقع».

ومن جانبها توضح الباحثة الاجتماعية هدى المحمود أهمية القدوة لجيل الشباب فتقول: «القدوة تشكل عاملا مهما في حياة الشباب كون خبرتهم في الحياة قليلة، وهم بحاجة إلى الاحتكاك العملي. فالقدوة هي المثل الأعلى لهم إذ تشكل نوعا من التوجيه للسلوك، وتؤثر بشكل أو بآخر وتترك بصماتها على شخصية الشاب. وبالنسبة إلى قدوة الشباب فلا نستطيع فرض شخصية معينة عليهم، لكن يجب أن نسهم بطريقة غير مباشرة في توجيههم لاختيار القدوة الحسنة، وذلك من خلال توضيح المساوئ والحسنات لهذه القدوة».

إلى ذلك، علق نائب رئيس الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان سلمان كمال الدين على موضوع القدوة قائلا: «الإنسان القدوة هو الذي يتحلى بقيم الأخلاق والثوابت، ويتصف بالنزاهة والتفاني في عمله من دون ترقب أي مردود مادي أو معنوي (...). بالنسبة إلى قدوتي في الحياة فهي والدي، وأيضا الإمام الحسين (ع) فهو خير قدوة للأجيال، وعموما فإن قدوتي هو أي إنسان يتحلى بالصفات الحميدة».

ويضيف: «من الضروري على الشباب أن يجدوا لهم القدوة الحسنة، وأن يكونوا متأنين قبل الاقتداء بهذه القدوة، فهناك الكثير من الأشخاص تحيط بهم هالة من الإعلام والصيت ولكن بتتبع ممارساتهم تجد أنهم أناس لا يصلحون لأن يكونوا قدوة، وهذا ما يقع فيه الكثير من الشباب، فيجب عند البحث عن القدوة التعرف على دقائق التفاصيل. وأتأمل من كل الشباب أن تكون لهم قدوة في الحياة، تضيف إلى شخصياتهم أشياء جديدة»

العدد 346 - الأحد 17 أغسطس 2003م الموافق 18 جمادى الآخرة 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً