نظن أن عالم الأطفال عالم مشحون بأدوات اللعب واللهو والبشاشة والمرح، إلا ان المشاهد المؤلمة التي نراها هنا وهناك، تُنبئ عن واقع مؤسف، ومؤشر على وجود حقوق ضائعة تبحث عمن يحتضنها.
لماذا يتسوّل الاطفال في الشوارع الخطرة وبين الأروقة والممرات؟ لماذا يحمل الاطفال (الشامليدر) ويخاطبونك بلكنتهم البريئة وبصوتهم المبحوح: «هل تريد ان أغسل سيارتك؟». لماذا يجروّن العربات في السوق المركزي؟ ولكن ما العمل إن كانت عائلاتهم تشكو العوز والفقر والبطالة، وهنا تنتهك حقوق الطفل مرتين، مرة عندما يجهد نفسه بأعمال الكبار نتيجة الحاجة والفاقة، ومرة أخرى عندما تضغط عليه الأسرة للعمل أو التسول.
ما يؤلم حقا ان الطفل لا يُعامل كإنسان بل كآلة لابد أن تنفذ ما تؤمر به، وعندها تضيع الشعارات وعبارة «الأطفال أحباب الله»؛ لتحل محلها «الأطفال آلة للعباد»... لا نريد أن يتفرعن الطفل كما يحصل في الدول الأوربية، وأن يرفع على الأبوين قضية يليها سحب الوصاية منهما، بل نطالب بالحد الأدني من الحقوق والمعاملة الحسنة واحترام رأيه والاستماع اليه وتعميق الإحساس بالاستقلالية لديه.
وفضلا عن تحميل الجهات التنفيذية المسئولية، وكبت الأسرة، يُضاف الإعلام كمنتهك ثالث لحقوق الطفل إذ يغرقه في الأفلام الكارتونية البطولية (السوبرمانية) والمروجة للعنف ليتلقي الطفل (المسكين المغلوب على أمره) الصنوف الغريبة العجيبة؛ ليشرع بعد ذلك في تبني التقمص الوجداني والتقليد الطفولي لتحدث الكارثة بعد ذلك.
الدولة والأسرة كلاهما يتحمل مسئولية الدور، ولن نلزم الجهات المسئولة بأكثر مما ألزمت نفسها به، إذ صدّقت البحرين على الاتفاق الدولي لحقوق الطفل لاسيما ان أحكام المادة «37» من الدستور تقضي بأن تكون للمعاهدات قوة القانون بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها في الجريدة الرسمية. كما أن مملكة البحرين صدقت على الانضمام الى اتفاق الطفل بموجب المرسوم بقانون رقم 16 لسنة 1991 وعلى اتفاق حظر أسوأ أشكال عمل الطفل بموجب المرسوم رقم 12 لسنة 2001 اللذين تم نشرهما بالجريدة الرسمية، ومن ثم تكون لأحكام هذين الاتفاقين قوة القانون ويجوز الاحتجاج بهما وتطبيقهما أمام محاكم البحرين كجزء لا يتجزأ من التشريعات الوطنية المعمول بها، ما يعني ضرورة تعديل التشريعات الوطنية التي تتعارض مع أحكام هذين الاتفاقين .
لذلك يبقى شعار ورشة حقوق الطفل التي انتهت قبل ايام ماثلا، وهو «التشريعات أولا»
العدد 427 - الخميس 06 نوفمبر 2003م الموافق 11 رمضان 1424هـ