العدد 427 - الخميس 06 نوفمبر 2003م الموافق 11 رمضان 1424هـ

رسالة من سجناء جو

هكذا هم سجناء جو، أخبارهم مليئة (بالأكشن) والتطورات، إذ في تصعيد لافت، سرّبوا لنا رسالة مؤلفة من 25 ورقة عن ظروف فك الإضراب الأخير، الذي وصفه أحد النشطاء الحقوقيين بـ «الغامض»، بعد تسوية ما بين الداخلية والنواب وبعض الجهات الحقوقية.

قال لي أحد السجناء في آخر محادثة من هاتفه المحمول الذي هرّبه إلى داخل السجن: «أنهينا الإضراب على أمل تنفيذ مطالبنا المتمثلة» في إعادة النظر في الأحكام «التعسفية والغيابية» - بحسب قوله - والسماح للجهات الحقوقية بزيارة السجن، ووقف التعذيب النفسي والجسدي، وحسن المعاملة والتأهيل والتعليم، وفصل الفئات العمرية المتفاوتة عن بعضها بعضا، وفصل المرضى عن الأصحاء، إلا إن أيا من هذه المطالب لم تنفذ بعد! بل اتخذت بعد فك الإضراب إجراءات سماها بـ «العقابية»، وذكرت الرسالة انه مُنعت الاتصالات الهاتفية وقُلص وقت الزيارة من ساعتين إلى ساعة واحدة، وتم تقليل عدد الزوار، ومنع الحاجات التي يحملها الأهالي إلى أبنائهم والتي تُستثمر للأعمال اليدوية، ومنع الأكل أثناء الزيارة، وإيقاف الأهالي بعيدا عن الموقف المخصص لمبنى الزيارات.

ربما لم يكن توقيت الرسالة مفاجئا، إذ تزامن مع فشل الجهات الحقوقية في الحصول على إذن بمعاينة وزيارة السجن (على رغم أنها وُعدت بذلك)، وترافق التوقيت مع سماعنا عن محاولة انتحار أحد السجناء، وتسربت أنباء من الداخل عن بقاء «انتزاع الاعترافات تحت التعذيب النفسي والجسدي»، وبعد تسلمي رسالتهم بأسبوع تلقيت اتصالا هاتفيا من أم أحد السجناء، أكدت فيه ما تسرب إلينا من معلومات. البعض اعتبر عدم الاستجابة للمطالب مُتوقعا ولاسيما أن الداخلية لوحت باستخدام القوة للسيطرة على الإضراب الأخير قبل ثلاثة أشهر.

الآن وبعد أن مرّ على التسوية نحو ثلاثة أشهر، ثبت لنا أن مطالب السجناء مازالت معلقة، الأمر الذي يترك باب التحليل وصوغ السيناريوهات على مصراعيه.

السيناريو الأول: أن يتجه السجناء للتصعيد، إذ لوحت رسالتهم (شديدة اللهجة) إلى عزمهم على تنفيذ إضراب آخر، قد لا ينتهي إلا بالحصول على (ضمانات) لتحقيق مطالبهم، حينها ستشدد إدارة السجن رقابتها ولن تسمح بتهريب هاتف محمول للداخل (كما حصل سابقا)، وقد ينتهي كما انتهى الإضراب الأخير، ولاسيما أن بعض العناصر داخل السجن لا تحبذ الاصطدام وهذا النوع من الاحتجاجات، وهذا ما ساهم في إنهاء الإضراب الأخير بهذه الصورة «الغامضة».

السيناريو الثاني: في حال سُمح للجهات الحقوقية بزيارة السجناء والاطلاع على أوضاع السجن ومقارنتها بالمعايير الدولية من حيث طريقة نزع الاعتراف، وتوفير التعليم والتأهيل، بعد هذه الخطوة ربما يهدأ السجناء، وربما تُقدم إليهم (الوعود) لترطيب الأجواء ولثنيهم عن الإضراب، وتحقيق ولو جزء بسيط من مطالبهم.

لسوء الطالع، كل المعطيات ترجح السيناريو الأول، ولكن نتمنى أن يضبط كل الأطراف( الداخلية/ إدارة السجن/ النيابة العامة) أعصابهم لصوغ سيناريو ثالث!

ليس دفاعا عن السجناء، وليس دفاعا عن «المجرمين» على حد تعبير الداخلية، ولكن لصالح مَنْ لا يُعاد تأهيل السجناء؟ لصالح مَنْ لا يتم علاجهم من الإدمان بل تُسرب إليهم المخدرات في زنازينهم (كما أخبرنا أحد المفرج عنهم أخيرا)؟ لصالح مَنْ يُدمج ذوو الستة عشر ربيعا مع الكهل الخمسيني في زنزانة واحدة ليتعلم منه فنون الإجرام؟ كم هم الذين دخلوا في قضايا اشتباه سرقة وخرجوا مدمنين؟! لماذا لا يُحول السجن إلى معقل للإصلاح والردع لا الفساد؟

ليس دفاعا عن احد... ولكن دفاعا عن إنسانية الإنسان... ودفاعا عن القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء

العدد 427 - الخميس 06 نوفمبر 2003م الموافق 11 رمضان 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً