لابد لنا من وقفة مصارحة نتناول من خلالها البرامج القديمة لوزارة العمل التي لم تتغير بتغير الزمن، ليس لأنها أنتجت وأثمرت واستطعنا بها الوصول إلى إرضاء طموح العاطلين عن العمل والمرور بهم الى بر الأمان، بل لأن أكثر هذه البرامج لا تقدم ولا تساعد العاطلين في الحصول على عمل وخصوصاً من ناحية الفئة الحاصلة على الثانوية العامة أو المتسربين من الدراسة لأسباب خاصة بهم وأكثرهم تسجيلاً في الوزارة وقد يصل عددهم إلى آلاف ومنهم من أقبل على هذه البرامج ولم يستفد منها عدا ضياع الوقت من دون مقابل مادي في أكثر البرامج وفي نهاية الدورة تسلم له ورقة يكتب عليها المدة التي درسها من دون ضمان للوظيفة ومن دون الاعتراف بها في أكثر الشركات!
ولا يعني هذا أن هذه الفئة لا تحتاج الى تدريب - بل على العكس تماماً - ان الحاصلين على الثانوية العامة أو المتسربين من الدراسة هم أكثر الناس احتياجاً إلى البرامج التدريبية التي تؤهلهم للحصول على الضمان الوظيفي مثل التعاقد مع الشركات الخاصة الموجودة في البلد لتدريبهم وإلحاقهم بالشركة بعد اجتياز التدريب برواتب جيدة وهذا ما لا نراه بكثرة في وزارة العمل!
ومثل التدريب أو الدراسة التي لها مردودها على العاطل ونتائجها المثمرة من ناحية علمية ومادية وسرعة الحصول على عمل، إذ من غير المعقول ان يتم زج العاطلين في دورات تدريبية قد تصل مدتها إلى شهور من دون مقابل مادي أو ضمان الوظيفة بعد انهاء الدورة وهذا ما نراه في وزارة العمل وبكثرة!
وللأسف الشديد فإننا لا نرى طرح برنامج دراسة الدبلوم للحاصلين على الثانوية العامة والمسجلين لدى الوزارة بكثرة والذي تصل مدته إلى 3 سنوات ترسلهم الوزارة إلى معاهد تتعاقد معهم مثل معهد البحرين للتدريب ومعهد بيرلا وغيرهما من المعاهد الموجودة في المملكة... الغريب في الأمر هو إلحاق أشخاص أو أعداد قليلة جداً تعد على أصابع اليد لا يتجاوز عددهم «30» شخصاً سنوياً لكل معهد أو أقل بكثير من دون علم جميع العاطلين بهذه البرامج أو وضع الإعلان ضمن الإعلانات الأخرى للوزارة!
فمثل هذه البرامج هي التي يقبل عليها العاطلون في حال تعثرهم في الحصول على وظيفة جيدة لتحسين مستواهم العلمي والخروج بشهادة الدبلوم على أقل تقدير لمصارعة الشركات بهذا المؤهل للحصول على وظيفة ما وسط هذا الغبار!
وغير المجدي في هذه البرامج الطويلة التي تصل مدتها إلى 3 سنوات وقد يكون العاطل في سن الثلاثين هو عدم حصوله على الدعم المادي خلال مدة الدراسة. ولعلمي بأن برامج الدبلوم تحتاج إلى موازنة كبيرة فإنني أسأل عن تجاهل الشركات الخاصة والمؤسسات والمصارف والحكومة الدعم لهذه البرامج وتيسير أمور العاطلين وتوفير برامج تدريبية عالية لها ايجابيات كثيرة لا دورات لا تقبل شهادتها في أصغر شركة أو مؤسسة؟!
ومن المحزن حقاً أن ما يعرض على العاطل دورة لمدة شهرين في برامج الكمبيوتر أو الهندسة مثل (الأوتوكاد) وغيره وهي تحتاج على الأقل إلى 3 سنوات دراسة أو أكثر لا يستفيد منها العاطل وتخسر الوزارة من ناحية مادية مبالغ كثيرة جداً!
ومن حرصنا الشديد على التطوير في وزارة العمل فإننا ندعو القائمين على قسم التدريب إلى مراجعة حساباتهم وإعادة صوغ البرامج التدريبية بما يتناسب مع وضع المملكة وطرح برامج لها هدف وغاية والأخذ بوجهة نظر العاطلين عن العمل فإنهم أكثر الناس معاناة وضياعاً، ولا عجب أن ترى بعضهم وصل الى سن الأربعين وهو يبحث عن عمل أو برنامج جيد يؤهله للحصول على عمل! ونسأل عن التأمين الذي وعد المسئولون بالوزارة بإقراره في شهر يوليو/ تموز الماضي للعاطلين عن العمل والذي أشار وزير العمل إليه قائلاً ان مملكة البحرين تعد الدولة الأولى التي ستفعل نظام الضمان الاجتماعي على العاطلين عن العمل في هذه المنطقة إذ تسعى الوزارة إلى إقراره في شهر يوليو، وسيعطى العاطل مبلغاً شهرياً وذلك بعد النظر إلى مستواه الاجتماعي ومستوى تعليمه ووظيفته السابقة ان وجدت ومن ثم سيحدد الراتب الشهري له وسيمنح العاطل 3 عروض للعمل وإذا لم يقبل أحدها لأسباب غير مقنعة يلغى ضمانه الاجتماعي! وإلى الأن لم تزل وعوداً وتصريحات لم نشهدها على الواقع ومر علينا شهر يوليو مرور الكرام من دون تصريحات بهذا الشأن، ويبدو أن العام سينتهي من دون أن نرى شيئاً ملموساً لهذا المشروع! فساعد الله العاطلين عن العمل على بلواهم!
سامي العنيسي
العدد 744 - السبت 18 سبتمبر 2004م الموافق 03 شعبان 1425هـ