العدد 2868 - الثلثاء 13 يوليو 2010م الموافق 30 رجب 1431هـ

كشكول رسائل ومشاركات القراء

عبدعلي محمد أحمد... وداعاً


بالأمس القريب خطف الموت من الساحة الوطنية البحرينية رمزاً آخر من رموزها ورائداً من روادها الطيبين الأوائل ممن أثروا الحركة بفكرهم السياسي النير ومواقفهم البطولية الرائعة.

حين غادرت البلاد وقبل وفاته لم أتصور بأنني سوف لن أراه أبداً. آخر مكالمة هاتفية تلقيتها منه قبل سفري بيومين وآخر رسالة نصية يدعوني فيها لحضور حفل زفاف ابنته في مأتم البدع وأنا في الخارج.

تحدث معي وكعادته لم يشكُ حاله رغم تفاقم المرض، بل فتح دفتر الوطن بهمومه وشجونه... تحدثنا طويلاً وكلانا يقول ما العمل؟

عبدعلي أحمد، اسم يعرفه كل رفاق دربه ومحبيه ممن عاصروا وأياه مسيرة جبهة التحرير الوطني البحرينية منذ بداية الستينيات من القرن العشرين طوال مراحل النضال التحرري.

هذا الإنسان ينتمي إلى ذلك الجيل الذي تميز بحزب الكادحين في وقت كانت القوانين الأمنية الاستعمارية في غاية العنف والشراسة.

على رغم ذلك ظل عبدعلي صامدا على طريق الشوط، مؤمناً بحتمية الانتصار على قوى الظلم والطغيان وتخليص البلاد من براثن الاستعمار البريطاني، لم يأبه بجبروت ووحشية «بوب دلمان» ومن ثم «آيان هندرسون» وكافة مرتزقة وزبانية عصابة القتل والإرهاب آنذاك.

كان الراحل كادراً حزبياً فذاً يعلم بدقائق الأمور ويعرف ما يريد من خلال ثقافته التقدمية العالية وإيمانه الراسخ بثوابت الاشتراكية العلمية.

حين نتأمل حياة الفقيد نرى أنها سيرة حافلة لمناضل صلب تربى في أجواء الكادحين ونذر حياته من أجلهم.

لعبدعلي قراءاته ونظرته الخاصة حول متغيرات الساحة الدولية في الربع الأخير من القرن العشرين، لم تهزه الأحداث المؤسفة التي تلت انهيار الاتحاد السوفياتي ودول المنظومة الاشتراكية وانقلاب الموازين، ولم تأخذه الإشاعات والدعايات المغرضة والمضادة حول نهاية الفكر الاشتراكي، بعكس الآخرين من المتقلبين والانتهازيين ممن اهتزت نفوسهم وأطرافهم وتخلوا عن مواقفهم منجرين وراء آلة الإعلام الزائف ودفنوا ما كانوا يحملون في أفكار من أعماق آبار مظلم، مختارين لأنفسهم الليبرالية غذاءً وملبساً!

تعرفت على أبي أنس في ربيع العام 1974م، في وقت كان الوطن يعيش عرساً ديمقراطياً لم يدم طويلاً ـ بعد قدومي إلى البلاد في زيارة خاصة. أخذني قريبي وأخي العزيز ع.ح. في جولة داخل سوق المنامة سيراً على الأقدام بعد سنوات من الغياب على خطوات من شارع الشيخ عبدالله استمهلني وأوقفني أمام دكان متواضع بداخله شاب أسمر متوسط القامة، استقبلني بكل حفاوة وترحاب، كان هو بعينه عبدعلي، طبعاً لم يكن بالإمكان إطالة الزيارة والحديث أكثر من دقائق معدودة لان عيون وجواسيس القسم الخاص في كل مكان، وجدت في عينه الحزم والإيمان بعدالة قضيتنا وحركتنا التحررية.

عبدعلي ذاكرة حزبية غنية، بل قاموس يضم الذكريات والأحداث والمحطات التي مرت بها جبهة التحرير الوطني البحرينية من أعوام النضال السري، كان يعرف أدق الأمور التنظيمية ومراراً حين كنت التقي به كان يكرر امتعاضه ورفضه لبعض المغالطات والمعلومات الخاطئة التي كان يطرحها البعض أو يكتب من الصحف بعيدة كل البعد عن حقيقة الحزب وقيادته التاريخية.

كثيراً ما كنت ألح عليه بضرورة توثيق هذا الكم الهائل من المعلومات تمجيدا لتاريخ الجبهة ودورها في قيادة نضال الشعب البحريني.

لقد سررت جداً حين علمت مؤخراً أن الراحل قد أنجز جزءاً كبيراً من تلك المذكرات رغم حالته الصحية قبل رحيله وتركها مودعة على أمل أن تنشر يوماً ما...

عزيزي أبو أنس، لقد أثار رحيلك المفاجئ هزة عميقة في كياني، انك لم تكن رفيق درب فحسب، بل كنت أكثر من ذلك كبحريني أصيل تحمل في قلبك المرهف هموم الناس البسطاء وتجاهر بالحق، رحلت عنا وعن هذا العالم، الذي كنت تحلم بان يكون أكثر عدلاً، أفقدك كما يفقدك الكثير من أبناء جيلك من البحرينيين الأصليين ممن أحبوا هذا التربة ونذروا حياتهم من أجل هذا الوطن الغالي.

رحلت عنا بجسدك ولكنك ستظل دائما علماً من اعلام الحركة الوطنية ورمزاً خالداً من رموز جبهة التحرير الوطني البحرينية وستبقى بنبلك وإخلاصك في قلوبنا مضيء لنا الدرب لكي نتحدى تلاوين هذه الساحة الرديئة المليئة بالانتهازيين والمنافقين ممن يحاولون بأقلامهم المأجورة هدم ما تبقى من أمل وصدق ووفاء في زمن الذل والهوان.

عبدالرحمن خليفة


إدارة أموال القاصرين... تضيّع حقوق القصر

 

أتقدم بكتابي هذا راجياً من الوزير والمسئولين في وزارة «العدل» أن يزودوني برد وجواب قانوني بخصوص ضياع حقوق القصر في إدارة أموال القاصرين. تدور تفاصيل القضية حينما شاء القدر ورحل والدي من الدنيا مخلفاً وراءه عقاراً يتكون من عدة ورش، ويوجد في إحدى الورش بعض من المعدات والأدوات القديمة (الخردة)، تقدمنا بطلب لإدارة أموال القاصرين لجرد الموجودات وبيعها حسب القانون وإخراج نصيب القاصرين منها وتأجير الورش بقيمة 600 دينار شهري، فقامت إدارة أموال القاصرين بجرد الموجودات واتخاذ الإجراءات للبيع وبعد مدة شهر تفاجأنا بإيقاف الإجراءات والسبب عدم موافقة العم وكيل الجدة على البيع لكي يخسر القصر وذلك حسب قول إدارة أموال القاصرين. كل ذلك فقط لكي يخسر القصر شهرياً 600 دينار وبدون اتخاذ أي إجراء من الإدارة لحماية حقوق القصر. وحيث إن الجدة ترث فقط من قيمة الموجودات وأما العقار فملك للقصر فقط، وكان والدي يملك المنزل الذي تعيش فيه حالياً جدتي الذي حصلت عليه من ميراث ابنها المتوفى، ويوجد فيه محل وتوجد في المحل موجودات لم يتم جردها من قبل إدارة أموال القاصرين وذلك خوفاً من نفوذ العم. لماذا لايتم اتخاذ أي إجراء قانوني ضد العم من قبل الإدارة ولا نعلم كيف قامت إدارة أموال القاصرين بتسليم الوثيقة للعم بدون جرد حقوق القصر. وبذلك فإدارة أموال القاصرين لا تستطيع الحفاظ على أموال القاصرين ولا حمايتهم حيث بتلك الأفعال تقوم بتضييع أموال القصر. هذا حالنا مع إدارة أموال القاصرين منذ العام 2003.

وأود أن ألفت إلى أننا تقدمنا بشكوى لوكيل وزارة «العدل» لشئون القصر ولم نرَ أي حل للمشكلة، وكذلك تقدمنا بشكوى أخرى لوكيل وزارة «العدل» وقام بمقابلتنا وإصدار أوامر بالتحقيق وعمل التقرير عن التركة قبل سنة ولم نرَ أي تحرك أو حل للمشكلة.

وهنا أسأل الوزير والمسئولين: أين هي فوائد أموال القاصرين منذ العام 2003؟ هل تتحمل الإدارة خسارة القصر 600 دينار شهرياً؟ لماذا لا تتخذ إدارة أموال القاصرين أي إجراء قانوني ضد العم؟ وأخيراً هل إدارة أموال القاصرين لديها قوانين لحماية حقوق القصر أم فقط القوانين للحجز على أموال القصر؟ آملاً الحصول على إجابات لأسئلتي وحل المشكلة.

علي فرج علي رضا


ثقافته... بطاقته للوصول للبرلمان

 

لاشك بأن دور الثقافة والخبرة في المجال الوطني سواء الخبرة السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الدينية لها دور كبير في مدى تقبل المواطن وإقباله بالتصويت لمرشح نيابي دون آخر هذا من وجهة نظر العقلاء، وللثقافة العامة والمعرفة بما يدور في مملكتنا الحبيبة الأثر الأكبر في تعزيز موقف أي نائب يسعى لأن يكون عضواً يمثل المواطن في مجلس التشريعات وسن القوانين وحماية حقوق المواطنين والدفاع عنها وهذا ما لا يختلف عليه اثنان، ولكن وبعد انقضاء ثمانية أعوام منذ تأسيس الحياة النيابية في مملكة البحرين كنتاج للحركة الإصلاحية، وهذا يعد صورة لنجاح وتقدم للديمقراطية في مملكتنا الحبيبة وعلينا أن نصقل هذه المبادرة الكريمة وتفعيل الحياة البرلمانية من خلال منح الثقة للمرشح الصالح الذي نتيقن من مدى مقدرته على خدمة الوطن والمواطن عبر قبة البرلمان.

مع الأسف لم نتعلم من هذه الثماني سنوات التي مضت الكثير فاليوم وحتى كتابة هذه الأسطر أرى بعض المرشحين الذين تم تأكيد خوضهم الانتخابات النيابية لا يمتلكون أدنى ثقافة برلمانية، اقتصادية، سياسية، اجتماعية ولا حتى دينية وكل ما يمتلكونه هو سنوات مضت من عمرهم بين أحياء مناطقهم ولو سألت أحد هؤلاء المرشحين الفقراء ثقافياً عن أبسط القضايا في الشأن البحريني لوجدته يرتبك و»يتلعثم» بالرد ولا يدري بما يجيب ومن الأمثلة على ضحالة ثقافة بعض هؤلاء المرشحين للمجلس النيابي؛ جهل المرشح لمكونات علم البحرين هذه الراية وهذا الرمز الوطني الذي من المفترض أن يدرك رمزيته كل مواطن صغيرهم وكبيرهم؛ حيث إن بعض الأخوة المرشحين اعتمد علم البحرين (القديم ذي ثمانية رؤوس) في مراسلاته لأبناء دائرته معلناً عن ترشحه للمجلس النيابي، وهنا أقول إذا كان هذا المرشح يجهل المعرفة بهذه الراية الوطنية ومكوناتها فكيف له أن يسنّ ويشرع القوانين ويعدل فيها وكيف له أن يستشهد بالدستور في عمله كنائب برلماني؟ لا غرابة في فشل الكثير من النواب في ذلك ولكن الأغرب أن يصل مثل هذا المرشح (لا سمح الله) إلى قبة البرلمان ويحمل مسمى نائب برلماني سواء كان هو أو غيره من المرشحين الذين ما إن فازوا سيكون الخاسر الأكبر هو المواطن المسكين، حيث كما نعلم أنه لا تقدم إلا بالعلم والمعرفة ولا نرتجي خيراً من نائب جاهل غير مثقف لا يمتلك من الخبرة الوطنية أو النشاط الثقافي أو الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي ما يؤهله ليكون نائب يعتلي قبة البرلمان ويدافع عن حقوق المواطن. إن الثقافة العالية التي يتمتع بها أي مرشح تمكنه من الوصول إلى ما يخدم وطنه ومجتمعه بالحجة والدليل المقنع والمؤثر في الآخرين من الأعضاء حتى وإن كان منفرداً في فكرته المطروحة للنقاش والإقناع وبالتالي الوصول إلى إقرار الفكرة، إن النائب يعد مشروعاً وطنياً وليس مصلحة شخصية فهو يصوغ القوانين ويعدلها لذلك لابد أن يكون النائب صاحب خبرة وعلم وثقافة وملم بأمور الاتفاقات الدولية ويفهم مواد الدستور وتفاصيلها ومدرك أن القانون يجب أن يتفق مع الدستور هذا هو النائب الذي يريده الشعب وليس الذي يسعى للوصول إلى البرلمان لكي يقال له سعادة النائب ويُحسن من مستواه المعيشي دون إنتاجية للوطن والمواطن.

عبدالهادي الخلاقي


إلى متى؟

 

كثيراً ما يقف الإنسان حائراً أمام بعض المواقف التي قد يتعرض لها أو تقابله أثناء يومه، سواء أكان في محيط عمله أو في محيطه الاجتماعي، تزرع فيه إحساساً قد يثقل في صدره ويتساءل أحياناً ماذا يجب على فعله... هل أبادر أم أنسحب؟ هل أناقش أم أصمت؟ فيأخذه النزاع على هذه الأمور بعيداً في فكرة فيجد ذلك الموقف الذي كان أمامه قد انتهى!

وهنا تبدأ المرحلة الثانية في الفكر ويبدأ نوع جديد من التساؤل... لماذا لم أفعل شيا مما أنا مؤمن به؟ لماذا وقفت صامتاً إزاء موقف كان لابد لي من دور فيه؟

وهكذا تبدأ في حياة كل منا معركة داخلية ما بين أن نكون ما نحن عليه وما بين أن تتكون شخصية أخرى قبلت على نفسها أن تتقوقع في محيطها وترفض الإفصاح أو الإعلان عن ما بداخلها حتى لا تتعرض لما هو أشد من ذلك.

إلى متى سيقبل الإنسان على نفسه أن يعيش في محيط وهو عالم بظلمه؟

إلى متى سيقبل أن تهدر إنسانيته حتى يكتسب رضاء الناس عليه؟

إلى متى سيقبل أن يفقد صحته حتى يشار له بالبنان؟

إلى متى سيقبل أن يواد حلمه وطموحه وفكرة وعقلة وإبداعه وقدرته على العطاء والإنتاج حتى تنتهي رغبته في كل ذلك؟

إلى متى سيقبل أن يستقي العلم... ممن لا علم عنده على رغم علو مرتبته العلمية؟

إلى متى سيقف أمام كل هذه الأمور متفرجاً دون أن يجد الحلول التي قد تعيد له إنسانيته وقدرته على الوقوف والمواجهة حتى يصل إلى القناعة التي آمن بها طول عمره.

ليس هناك أحد منا لم يتعرض لموقف في حياته فرض عليه هذا لانوع من الأسئلة سواء أكانت في مجملها أو بعضها... وقد يجد البعض منا الحلول فيبادر فيها وقد لا يجد الآخر ذلك فتظل هذه الأسئلة حبيسة بداخله يتعايش معها كل يوم في فكرة حتى تؤدي به إلى قبول الواقع المظلم ويعيش حالة الرضا ويقنع عقله بذلك... فيصبح كالآلة التي تعمل دون الإحساس بأي شعور.

كثيراً منا قد فقد بشريته وأطلق العنان لنفسه بالتجبر والتسلط ورفض النقاش والنقد والوقوف مع الخطأ ومحاباة الأحبة والقربات فأنشأ بذلك إنساناً ضعيفاً منافقاً غير قادر على العطاء والإبداع.

هذه الدائرة التي بدأت وأغلقت وأحكم غلقها وأصبحت كالطوق الخانق الذي منع الصوت من الوصول والحق من أن يسمع، جعلت المجتمع يتراجع للخلف في علمه وعطائه وإبداعه وحتى في أخلاقه وتعامله.

صالح بن علي


شبابنا والملل

 

«مليت»، «طفشت»، «زهقان»، «ملل»، عبارات طالما يرددها ويكررها الكثير من الشباب في مجتمعنا على مختلف وظائفهم ومهنهم العلمية أو العملية. وإذا كان في السابق يتبادلها الشبان بين بعضهم في مجالسهم وأحاديثهم، فاليوم وبعد الثورة التكنولوجية فإن هذه الظاهرة أجلى ما تكون في العالم الافتراضي «عالم الإنترنت» من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، وسوف نأتي على ذكر هذه المسألة لاحقاً كملاذ يهرب إليه «المتمللون». فذاك الطالب يستغيث صارخاً «مليت» من الدراسة، وهذا الذي قد أكمل مشواره الأكاديمي ولم يجد عملا للآن تراه يتململ تململ الكئيب اليائس الفاقد للهدف. فعلاً فالملل ما هو إلا الوجه الآخر لفقدان الأمل والقنوط من تحقيق النجاحات والإنجازات، وبالتالي فهو كفيل بوضع الشاب في بوتقة ضيقة محكمة مظلمة لا يستوعب ولا يقوى على رؤية وإدراك ما يجري ويدور من حولها.

يشبه إبراهيم الفقي (أحد رواد التنمية البشرية ومدرب للبرمجة اللغوية العصبية NLP) الإنسان في طريقة أسلوبه وعمله كالكمبيوتر. في شرح مفصل ومسهب له يمكن الرجوع إليه من خلال موقعه الإلكتروني، نقتبس هنا فكرة عمل عقل الإنسان كما تعمل الوحدة العملية المركزية CPU في الكمبيوتر. أحيانا يعمل الـ CPU بطريقة خاطئة، ولذلك فالمخرجات تكون خاطئة غير لائقة، والحال لا يختلف كثيراً بالنسبة للإنسان، إذ إن التفكير بالملل والإحباط يعطل القوى الخارجية والفعالة له. فعندها تمرض روح المبادرة لديه، منتظراً التغيير من العالم الخارجي المحيط به كأن تتنزل عليه مائدة من السماء. ولذلك فإن معظم «المتمللين» يعللون أسباب مللهم بأن «ما في شي نسويه» أو أن «تمللت من أن أسوي نفس الشي كل يوم» أو «مليت من الطرف الآخر أو الشخص الفلاني»، كل هذه العبارات وقريناتها تفتقر لعبارة «أنا»!

يقول الله تعالى: «لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»، المعضلة في أن هؤلاء الشباب قد سئموا من واقع ليس لهم الخيرة في تغييره أو تبديله، أو بالأصح كانوا قد أقنعوا أنفسهم مسبقاً بعدم إمكانية تحسينه أو تطويره، ومجدداً بالنتيجة فالمخرجات تكون خاطئة لأن المدخلات خاطئة. ومما يزيد الحال سوءاً، فإن الحلول التي يلجأ إليها الشباب هي كالسراب تقرب البعيد وتبعد القريب مستغيثين بالعالم الافتراضي «الإنترنت» لتحقيق ذاتهم. بينما تستغل الشركات والدول ورجال الأعمال وغيرهم الفرص المتاحة والواعدة على الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، ترى المتمللين يقضون ساعات وساعات في الدردشة والكلام عديم القيمة في طيات صفحات الإنترنت. ولعل أكبر دليل على ذلك ناهيك عن شفافية نشاطاتهم المخيبة للآمال، هو دافعهم الذي يستحسنونه والذي زج بهم لهذه الشبكات «إضاعة الوقت» الوقت هذا الذي لا يعوض والذي يقيم في علم الموارد التجارية على أنه أحسم عامل من عوامل النجاح، يأتي الشباب ويضيعونه هباءً منثوراً.

أما وإن أردت القضاء على هذا الملل فانجز العمل، وهنا لا يعني الانتظار من الآخرين تخصيص ذاك العمل بل أنت من عليك تعيينه. غير نظرتك لنفسك وغير استراتيجيتك يتغير المحيط بك كما حدث لذاك الأعمى الذي كان جالساً أمام باب قصر الملكة اليزابيث في لندن «Buckingham Palace» عندما كان جالساً وأمامه قبعته ولافتة كتب عليها «أنا أعمى، الرجاء مساعدتي». كان يمضي طيلة اليوم ولا يحصد سوى جنيهات قليلة فيرجع خائباً حزيناً إلى خرابته. حتى جاء اليوم الذي امتلأت قبعته بالجنيهات، وذلك لأنه غير ما كتب على اللافتة إلى «إنه الربيع ولا أستطيع رؤية جمال الزهور!».

غير استراتيجيتك عندما لا تسير الأمور بالشكل المرغوب، وبكل تأكيد لن تحصد إلا نتيجة أفضل بكثير من «الملل»، وأعتقد أن التغيير لازم لإنجاز وأداء أفضل في شتى مجالات الحياة مستنداً في ذلك إلى القابلية الواسعة لتقبل مختلف الاحتمالات، متبنياً حلولاً من مختلف الزوايا. وعليه استشعر الأمل لكي تقضي على الملل.

علي محمد الحجيري


إعصار القدر

 

تمضي الأيام بنا قُدُماً، ونلملم أشلاءنا شظايا، ما تبقى من تهشم ذلك اللوح النابض، شيئاً فشيء... نستشعر وجود أصحاب القلوب البيضاء والنفوس الرحيمة.

نكمل مسيرتنا، ونترقب احتضار أحلامنا أمام عينينا، لحظة بلحظة، ويوم بآخر... كعاشق آلمه موت محبوبته، ونحفر الرمال بأيدينا ليسيل الدمع منهمراً يأخذ حطام سفناً؛ ليسكنها القاع، ونضرب بدموعنا عنق الأرض، الواحدة تلو الأخرى... في يأس، فنشعر حينها بيد تمسح على رأسنا في خفاء، لكي لا نقنط من رحمة الله، فنعيد تشييد القصور، و بناء الأحلام، واكتساء بديع الألوان، فنبتسم بعدها بابتسامة صفراء.

دائماً ما نعبث بأمواج البحر، بعدها نعود أدراجنا في إحدى زوايا غرفنا نقبع، وبين الاحتواء والتبعثر نغفو، فتعصف بنا رياح الخذلان من نافذة المترقبين، وتستبقينا بين شتات الأرواح تائهين، حيث كنت أنا وصديقتي ندرس معاً المرحلة الإعدادية، نجترّ أذيال الهزيمة، نقيس مدى ارتفاع شهقاتنا، ونتخطى جميع الغوائل في سبيلها، نعم كنا نمثل النصف الضائع لبعـضنا، أيام معدودات، وتدور الرحى على إيقاعات الزمن تتراقص؛ لتزيد من نبضات قلبنا، فتعزف سيمفونية انزلاق على قارعة ذلك الفراش تستجدي سنبلة قمح جاءت على متن ريح تائهة، فما كان من الضعف إلا أن ينتشل أحشاء صديقتي ويجمّد أوصالها، رويداً رويداً، فكانت تعاني من حمّى شديدة وتشعر بألم يقضمها ببطء... خليةً خلية، ويصفع قوتها بالتلاشي، فما كان علي إلا إنقاذها من ذلك الوحل، وزراعة قلبها، وجعلها تدرك بالفعل مدى احتضار معشوقتنا بضعفها، فنزعت الموجعة المدفونة بين طيات أملها، لترى بصيصاً من نور يشق عنان السماء ويبعثر الغيوم لينير حلكة ليلها، وما أبيت، فقد أنزلت آلاف السحق لذلك الضعف الذي أرحامه عاقرة، لا تنجب واقعاً، تتضوع الرماد وتتطاير كما الدخان، فانتشلتنا الرحمة، وبدأنا من قعر قنوط اللاشيء، نشد من أزر بعضنا، وفعلاً، وجدت ذلك السقم قد بلل بعثرات أملها اليابسة بالحدث، حيث جعلها تتجسد في قطرة ندى بين الزهور ساقطة، يغطيها غبار رحيق، تسير حيث تكون الأمنية تتمايل شوقاً لمن يتمناها وكأي أمنية صادقة في عذوبتها ونقائها، فأمست تمارس طقوس انتظارها في وهم، مستسلمة للجرح، تسير إليه بخطوات مرتجفة، عاجزة، حاملة معها ضعفها، وهي تتمنى من هذا المساء أن يتصلب، ويخرج الثلج عن تجويف القالب وتكتمل الأمنية.

بعد تمدد جزيئات الماء وتضخم خلاياه، وسيلانه ، مع دوران العقرب لأول نصف دائرة، إلى أن يترك تلك البقعة على الأرضية، يومين أو ثلاثة كعقوبة تعزيزية للقدر حينها دون قصد جنائي، هرةٌ ما تدفع الباب المغلق جزئياً و يعاود بعض الريح إقفاله على هيئة القاضي، ليترك الباب نصف مغلق و تأخذ الشمس بسياط الجلاد وينتهي الأمر بأسمى آفاق التفوق، ونسيج النجاح.

زينب عادل


الغيداء

 

إذ الغيداء تلقي شعرها

و أبيات ودٍ وشوقٍ و قصائد

وكل الاسماء تعدو وأنها

لها اسم يبقى خير وارد

وإذا غنت ألقى بصوتها

العذب أحلاماً ومزناً يغردُ

فكيف بالمزن غرد باسمها

وبالتغريد يعلو غير متباعد!

فلا التغريد يتركني أسهو بها

ولا المزن بتغريدها كان صاعد


غريب هو حزني

 

غريب هو حزني لأنه اكثر من الحيرة تعقيدا

به لون القلق و بواقي من اليأس

كما لو تهت في انفاق التيه

كما لو ان للحزن سراديب

ودمعة جفت كيلا تواجه قسوة الزمن

سألت فنصحها البشر

او خرجت متخفية بقطران المطر

لاتفارق عيني صورة المهتز امامي

حين ارتاده موتا كان حاضرا بأعماقي

لايقربني شيء ،لكن شدني

دمه الملون،ليس كدم الحب الذي تخثر في قلبي

قلبي الباقي...املك رجفته وحدته بين البشر حاجته لأهله بعد رمية القدر

ونفس نهايته

غفران محسن محمد

العدد 2868 - الثلثاء 13 يوليو 2010م الموافق 30 رجب 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 1:38 ص

      رد على ليش الان تتذكرهم

      هذا يدل انك اما غير مطلع على الماضي او انك ما تعرغ السياسة حالك مثل حال الذين يخربون ولا يعرفون ليش ولاكن هذا حالنا ويفولون شعب البخرين واعي.

    • الحقيقة المرة | 12:31 م

      من المسئول ( ابطال بعد موتهم ) وين الحقيقه

      برزت في الفتره الخيره اسماء بصراحه اول مره نسمع عنها على انهم مجاهدين او محررين الى البلد او مقاومين الى الاستعمار ايام الجلاد هندرسون او بوب او غيره من الجلادين الاجانب او البحرينين المشكله ان هولاء على ما يبدو كانو من الشوعين الغير مرغوب فيهم وخاصه فى حقبه المقاومه الكبيره من الخمسينيات القرن الماضى. المشكله الان يكتبون عنهم بعد موتهم وهذا اكبر غلط وخاصه مثل مرهون وغيره وألان عبد على يعنى ليش الخوف وهم احياه وعند مماتهم يصبحون أبطال

    • زائر 4 | 4:46 ص

      رحمك الله يا ابو انس

      رحمك الله يابن خالي وحشرك مع آل محمد

    • زائر 3 | 3:50 ص

      الخلاقي

      هاي مشكلتنا .. لا ويبونا نرتقي ونحقق مصالح للمواطن
      شوفوا انتوا شقاعدين تصوتون حق من

    • زائر 2 | 3:43 ص

      غفران شعرك معبر

      وفقك الله وحفظك

    • السيد ليث | 1:23 ص

      معك ياصالح بن علي

      كلامك كله صح بس عند الناس الحين هو الخطأ وهذا ما أخبر به النبي ص كيف بكم إذا رأيتم المنكر معروفا والمعروف منكرا أو كما قال.. والسبب كما عاينته بنفسي هو أن المتصدين والمتسلقين للعمل السياسي والإنساني والإسلامي قلوبهم بها مرض وبالتالي لايمكن لهم أن ينتجوا شيئا فعملهم هو إزاحة الغير وليس التعاون من أجل إنجاز العمل وقس على ذلك الكثير لذلك فإن عطائهم لأنفسهم وليس لله وهذا السبب الذي يجعلهم غير منتجين أكبر سؤال عن الأخلاق التي يتباكون عليها اليوم أين ذهبت جهود كل تلك السنين في المساجد والمآتم

    • زائر 1 | 12:28 ص

      المرحوم عبدعلي

      قدم الكثير وفي المنافي والسجون والكرماء لم ينسون العطاء مثل الدكتور خليفة ,

اقرأ ايضاً