مازال يشغل الصحف الأميركية كارثة الإعصار "كاترينا"، وسوء إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش لتداعيات هذا الإعصار إذ تربط الغالبية بين الفشل في السياسة الخارجية منذ هجمات 11 سبتمبر/ أيلول وما تلاها من غزو العراق، وما تشهده أميركا على مستوى السياسة الداخلية الفاشلة لإدارة المحافظين الجدد. وهناك مقالة تحت عنوان "أسامة وكاترينا" تسخر من أن بوش ونائبه ديك تشيني قد يكونا مناسبين للتعامل مع زعيم "القاعدة" أسامة بن لادن لكنهما حتما ليسا مؤهلين لمواجهة "كاترينا". وإذ شهدت مصر الأربعاء الماضي ولأول مرة تجربة لانتخابات رئاسية تعددية، أتت بعد ضغوط دولية وشعبية من أجل إجراء إصلاحات ديمقراطية في مصر لاحظت الصحف الأميركية أنها أول انتخابات تعددية تنافس فيها 9 مرشحين مع الرئيس حسني مبارك الذي فاز في نهاية الانتخابات بولاية خامسة، ورجحت أن "التغيير" بدأ فهذه المعركة هي امتحان أيضا للمعارضة المصرية ومقدمة لمعرفة واختبار حظوظها في الانتخابات التشريعية المقبلة. "نيويورك تايمز": بوش وتشيني وسط بن لادن و"كاترينا" وصب توماس فريدمان في "نيويورك تايمز" جام غضبه على إدارة الرئيس بوش على خلفية إخفاقها في احتواء كارثة "كاترينا". وكتب في مقال تحت عنوان "أسامة وكاترينا" انه إذا افترضنا أن بوش ونائبه تشيني كانا الرجلين المناسبين للتعامل مع أسامة بن لادن فهما بالتأكيد ليسا مؤهلين للتعاطي مع كارثة "كاترينا" وكل ما كشفت عنه من فساد واختلاط للأولويات في السياسة الداخلية للولايات المتحدة. ولفت فريدمان، إلى أن كارثة "كاترينا" لم تؤد إلى اقتلاع أسقف المنازل والأبنية في "نيو أورلينز" فحسب بل أكدت أيضا خطأ مزاعم الإدارة بأن أميركا قادرة على خفض الضرائب، وتأمين التربية الصالحة لأبنائها، ومنافسة الصين والهند والنجاح في العراق ومواصلة تحسين بنيتها التحتية والتعامل مع حالات الطوارئ من دون أن تكون مدينة للصين.
دروس "كاترينا" وإعادة النظر في السياسية الداخلية
إلا أن فريدمان لم يفقد الأمل نهائيا من إمكان الاستفادة من تجربة إعصار "كاترينا"، فقال إنه إذا تعلم بوش من دروس "كاترينا" فستكون لديه الفرصة لإعادة النظر في سياساته الداخلية بعد 11 سبتمبر/ أيلول بما يتناسب مع الأوضاع الراهنة. مؤكدا أن ذلك إن حصل فسيكون الإعصار دمر "نيو أورلينز" لكنه في الوقت نفسه ساهم في تجديد أميركا. أما إذا عاد بوش إلى سياساته المعتادة فستكون "كاترينا" دمرت المدينة ورئاسة بوش بكاملها.
"غلوبل إنتلجنس": مبارك والإبحار في الأوضاع المصرية
وتعليقا على الانتخابات الرئاسية التي انطلقت في مصر، كتب "غلوبل إنتلجنس" "مركز الدراسات الاستراتيجية والجيوسياسية" من على موقعه على الإنترنت أن انتصار مبارك هو أمر محسوم سلفا في الانتخابات التي جرت لأول مرة بوجود عدة مرشحين. وإذ أكد أن هذا الفوز لن يؤثر على الاستقرار في البلاد، اعتبر أن المرحلة الفاصلة بين الانتخابات الرئاسية والانتخابات البرلمانية المقررة في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل تشكل مرحلة حساسة للنظام الحاكم الذي يحاول الإبحار وسط أوضاع مضطربة، وللمعارضة أيضا التي تحاول جني أكبر قدر ممكن من المكاسب. فبعد التعديلات على الدستور المصري في مايو/ أيار الماضي والتي سمحت بتعدد المرشحين في الانتخابات الرئاسية واجه الحزب الحاكم وضعا يجد فيه نفسه مضطرا لإحراز تقدم على طريق تحقيق الإصلاحات الديمقراطية والتي بدورها ستجعل من الصعب على هذا الحزب الاستمرار في السلطة.
تفكك المعارضة المصرية قبل الانتخابات
أما المعارضة المصرية فلاحظ أنها بدأت تتفكك، فبعد أن دعت حركة "كفاية" إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية، دعت حركة "الإخوان" المسلمين أتباعها للتصويت ضد مبارك مع رفض دعم أي مرشح للمعارضة أيضا. لكن المعارضة المصرية وجدت في الانتخابات الرئاسية فرصة لتحديد حجم الدعم الذي تتمتع به كل من القوى التي تنضوي تحت لوائها. كما تحتاج لمعرفة حظوظها في الانتخابات البرلمانية المقبلة. وحذرت في هذا الإطار من أن الحزب الحاكم سيحاول استغلال الانقسامات في صفوف المعارضة من حيث مشاركتها في الانتخابات الرئاسية للزعم بأنه حصل على تفويض واضح من الشعب المصري.
الانتخابات الرئاسية لم تكن حرة لكن تاريخية
ورحب مايكل سلاكمان في "نيويورك تايمز"، بالانتخابات المصرية. وركز على الهدوء الذي ساد الشارع المصري إذ جرت الانتخابات بسلاسة ومن دون أية مشكلات تذكر. وذكر أن أتباع مبارك كانوا مستعدين لفوزه. ونقل عن خبراء ومحللين مطلعين، انه صحيح أن الانتخابات في مصر لم تكن حرة ولا عادلة، وخصوصا ان إمكانات مبارك المادية والإعلامية تفوق بكثير إمكانات المرشحين الآخرين، إلا ان هذه الانتخابات تشكل خطوة مهمة إلى الأمام، وإن كانت صغيرة جدا، في بلد يعيش في حال طوارئ منذ عقود. وشدد هؤلاء على انه لم يسبق أن تمكن أي من الأطراف المعارضة بأن رشح أحدا للرئاسة المصرية ما كان يتسبب بموجات عنف شديدة يوم الانتخابات وهو ما لم يحصل لحسن الحظ هذه المرة
العدد 1102 - الأحد 11 سبتمبر 2005م الموافق 07 شعبان 1426هـ