قال الأمين العام المساعد لشئون القطاع الخاص في الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين محمد علي مكي إن صناعة الألبسة في المملكة لم تصل إلى مستويات راقية حتى تتحول إلى صناعات نسيجية. وأكد مكي أن مصانع الملابس الجاهزة تشكل إحدى أبشع حلقات الاستغلال بحق العاملين في هذا القطاع من حيث ساعات العمل الطويلة، وأسلوب فرض نظام الحصص، وانعدام الظروف الصحية، وتدني الرواتب، وغياب القوانين الحمائية.
وقال مكي إن الدولة لم تدرج خانة خاصة لهذه الصناعة ضمن حساباتها المالية أو تصنيفاتها المهنية لقطاعات العمل، كذلك لم تشر الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية في تقاريرها إلى هذا القطاع.
الوسط-هاني الفردان
قال الأمين العام المساعد لشئون القطاع الخاص بالاتحاد العام لنقابات عمال البحرين محمد علي مكي: ان “الحكومة كانت تشجع ملاك مصانع الملابس الجاهزة على استغلال القوى العاملة البحرينية، وتركت المجال واسعا لكي يمارس أصحاب تلك المصانع كل هذه الخروقات وتجاوز القوانين، وتشغيل العمالة السائبة “الفري فيزا”، ثم تقوم الوزارة بنصيحة أصحاب تلك المصانع بتحويلهم إلى عمال دائمين في تلك الفترة، ما شكل مجالا خصبا للاستثمار الحر لشركات وتجار أجانب ومحليين من دون ضوابط تذكر، ولم يكن هم الحكومة تنمية هذه الصناعة ورفع كفاءات العمال البحرينيين، الذين كانوا يعملون في أعمال من المستويات المتدنية مهنيا، إذ تركزت العمالة البحرينية في أعمال التنظيف ونتف الخيوط، واقتصرت معظم الأعمال الإدارية على العمالة الأجنبية”. وأكد مكي أن مصانع الملابس الجاهزة إحدى أبشع حلقات استغلال العاملين في هذا القطاع، إذ وجد القائمون على هذه الصناعة مجالا خصبا لاستغلال الآلاف من العاملات، وكانت فرصة نادرة للكثير من الأجانب والمواطنين لممارسة أشد أنواع الاستغلال ببشاعة، حتى كادت أن تكون شبيهة بالسخرة، إذ ساعات العمل الطويلة، وأسلوب العمل الذي فرض نظام الحصص على العمال والعاملات، مع انعدام الظروف الصحية، وسوء المعاملة، وتدن مخجل في الرواتب، وغياب القوانين الحمائية، إذ لا اجازات مرضية أو أسبوعية، أو اجازات الوفاة وغيرها، ما دفع الحركة النقابية إلى أن توحد جهودها داخليا وخارجيا من أجل الدفاع عن العاملين في هذا القطاع، إذ على الصعيد الخارجي أثير هذا الموضوع داخل أروقة منظمة العمل الدولية. ورأى مكي أن الأسباب السابقة كانت سببا مباشرا لتخلف صناعة النسيج في المملكة، وشكلت سببا لانتكاستها الراهنة والتي تتحمل الحكومة كامل مسئولياتها في معالجة أوضاعها المتردية والهبوط الحاد لقطاع الملابس الجاهزة أو الصناعات النسيجية، فقد اقتصر العمل في هذا القطاع على بعض الصناعات البدائية الخفيفة، التي وقفت عند بعض الصناعات التقليدية التراثية التي تعتمد في العادة على آلة النول اليدوي. وقال مكي: “ان الدولة لم تدرج خانة خاصة لهذه الصناعة ضمن حساباتها المالية أو تصنيفاتها المهنية لقطاعات العمل، كذلك لم تشر الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية في تقاريرها إلى هذا القطاع، فليس هناك بند أو تصنيف لقطاع النسيج والغزل مدرج فيه هذا القطاع ضمن الصناعات التحويلية التي يشغلها نحو “23” مصنعا “ورشة” تقوم بأعمال الخياطة”، مشيرا إلى أن ذلك أدى إلى تصنيف مؤسسي نقابة الملابس الجاهزة تحت مصنف “مساعدة خياطة”. وأضاف مكي أن جميع مصانع الملابس جاءت على خلفية نظام المساعدات أو الكوتا بدعم من الولايات المتحدة ومنظمة التجارة العالمية، ولتحقيق هذه الشروط صدر قانون لتنظيم هذا المجال أو القطاع، وكان يؤمل أن تساهم هذه الشركات في استيعاب أعداد من العاطلين البحرينيين وتشكل مجالا لتشغيل المواطنين برواتب مجزية ولكن الواقع تحول إلى شيء آخر عندما جرى تشغيل آلاف العمال الأجانب بسبب سهولة استغلالهم، وتم توظيفهم بنسب تفوق بعشرات المرات نسب المواطنين وبرواتب متدنية وأوضاع وظروف عمل سيئة. وقال مكي: “إن كل تلك السلبيات دفعت بالجهات المانحة إلى إعادة النظر في دعمها واستيراد منتجات هذه المصانع، هذا إلى جانب القلق الذي يسود بسبب التطبيقات الفعلية لاتفاقات منظمة التجارة العالمية، التي أدت إلى رفع الحماية والدعم عن هذا القطاع مع مطلع العام ،2005 وجعلها عرضـــة للمنافسة الدولية والخضوع لقانون العرض والطلب والجودة والمنافسة الحرة، ما هدد هذه المصانع بالإغلاق والانتهاء إذا استمرت في سياستها، وما لم تتمكن من إيجاد البدائل، لذلك، أخذت تفكر في تطبيق سياسة تقليص نفقاتها بخفض الأجور وتسريح أعداد متزايدة من العاملين”. ورأى مكي أن هناك ممارسات غير مبررة تدخل ضمن سوء المعاملة من قبل المسئولين عندما يتعمدون مضايقة العاملات بأساليب غير أخلاقية ومضايقة النقابيات ومحاولة عدم الاعتراف بالنقابة من قبل الإدارات والعمل لساعات طويلة تتجاوز أحيانا عشر ساعات يوميا وبمرتبات زهيدة لا تتجاوز في أحسن الأحوال 150 دينارا مع العمل الإضافي ومنع الجلوس في جميع الحالات والعمل بنظام الحصص وفي بيئة رديئة تفتقر إلى أبسط مقومات الصحة والسلامة. وأكد مكي أن صناعة الألبسة، أو بالأحرى خياطة الألبسة، لم تصل إلى مستويات راقية بحيث تتحول إلى صناعات نسيجية، وإنما أخذت طابع التجارة والإنتاج السلعي ضمن صناعات تحويلية كمنتجات جاهزة من الملابس بعكس البلدان العربية الأخرى التي يلعب فيها قطاع النسيج والملابس الجاهزة والغزل والصناعات القطنية وغيرها دورا مهما في اقتصاداتها، مشيرا إلى أن مجموع العاملين في هذا القطاع يصل إلى 700 ألف عامل يعملون في نحو 158 ألف منشأة، ويعمل ثلاثة أرباع هؤلاء العمال في مصر، تونس والمغرب، وبلغ حجم الصادرات العربية من هذه السلع نحو ستة مليارات دولار. وطالب مكي الجميع بالأخذ في الاعتبار الظروف الأخرى للمرأة العاملـــة، فالمرأة العاملة تعاني أوضاعا أخرى فسيولوجية، إذ تتعرض لتعب مضاعف عند إصابتها بالدورة الشهرية، ما يؤثر على كيانها الجسماني والنفسي، إذ يكون فيها الجسم في حال هبوط عام، هذا إلى جانب الأمراض المهنية الأخرى التي تسببها صناعات النسيج والألبسة الجاهزة، ومنها على سبيل المثال أمراض الرئة والالتهابات الجلدية، وبسبب الوقوف على الأقدام لمدة طويلة تتعرض المرأة للإصابة بالدوالي، والقدم المفرطحة وسقوط أحشاء الحوض. وأكد مكي ان هذه الأوضاع والمعاملة السيئة التي مارسها أصحاب تلك المصانع وظروف العمل القاسية، والتدني الحاد في مستويات الرواتب، هي التي دفعت بوفد الاتحاد الدولي للغزل والنسيج الذي زار بلادنا في مارس/ آذار 2004 إلى مناقشة وطرح سوء المعاملة وتدني الأجور وبيئة العمل الرديئة في تلك المصانع وقد تكون الوفد من سكرتيرة اتحاد النسيج لآسيا والمحيط الباسفيكي اكيكو جونو، وسكرتير الاتحاد الدولي للنسيج نبيل كيزى، ورئيس النقابة العامة للعاملين في صناعة الغزل والنسيج والألبسة في الأردن وعضو الاتحاد الدولي للنسيج والغزل فتح الله العمراني، ونظرا إلى هذه الأوضاع السيئة لقطاع الملابس الجاهزة في البحرين وسوء المعاملة، طالب نقيب الغزل والنسيج الأردني فتح الله العمراني بدعم المطالب العمالية والإشادة بنضالات العاملات البحرينيات
العدد 1162 - الخميس 10 نوفمبر 2005م الموافق 08 شوال 1426هـ