استمع القضاة في محاكمة صدام حسين المتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية أمس، إلى بعض من أقوى الأدلة حتى الآن التي تربط بين الرئيس السابق والمتهمين الآخرين الذين يحاكمون معه، وبين أعمال تعذيب مزعومة. وقال الشاهد علي حسن الحيدري للمحكمة إن حرس صدام كانوا يصعقون المعتقلين بالصدمات الكهربائية في مقر جهاز المخابرات في بغداد، وكانوا يقومون بتسخين أنابيب البلاستيك وإسقاط قطرات البلاستيك المنصهر على أجساد الضحايا. وأضاف الحيدري «كان الرجل يغادر ماشياً وبعدها يلقونه ملفوفاً في بطانية». ووجه الحيدري اتهاماً مباشراً إلى أخ صدام غير الشقيق (برزان التكريتي) الذي كان رئيساً للمخابرات، ما أدى الى انفعال التكريتي في الجلسة ونعت الشاهد بالكلب الكذاب. واشتكى صدام أمس من تعرضه للضرب والتعذيب من قبل الأميركيين. وعلى صعيد الانتخابات، قال رئيس الجبهة العراقية للحوار الوطني صالح المطلك في تصريحات لـ «الوسط» إنه لن يستبعد القيام باعتصامات واحتجاجات جماعية وسيلة ضغط تجاه النظر في خروقات الانتخابات. ودعا المطلك القوى المعارضة إلى عدم دخول البرلمان المقبل.
بغداد، عواصم الوسط، وكالات
استؤنفت أمس محاكمة الرئيس العراقي السابق صدام حسين بتهم تتعلق بارتكاب جرائم ضد الإنسانية إذ أدلى شاهد بأدلة قوية عن عمليات القتل والتعذيب التي تعرض لها رجال من قرية الدجيل، في وقت دافع فيه الأخ غير الشقيق لصدام برزان التكريتي عن موقفه وأخيه الرئيس المخلوع. وانتهت أمس العملية العسكرية المسماة القمر المنير بينما قتل جندي أميركي في حادث منفصل. وظهر صدام في قاعة المحكمة بعد تغيبه عن الجلسة السابقة وقوله للقضاة أن يذهبوا للجحيم. ودخل كبير القضاة رزكار محمد أمين وهو القاضي الكردي الذي يحاكم صدام قاعة المحكمة بعد الساعة 11,30 صباحا بقليل وجاء صدام بعده بعشر دقائق يرافقه المتهمون السبعة الذين يحاكمون معه. وقال أمين انه يزمع الاستماع الى أقوال خمسة شهود فيما يتوقع ان يكون الجلسة الأخيرة العام الجاري قبل تأجيل الإجراءات لمدة نحو شهر. غير ان هناك احتمالاً لعقد جلسة أخرى اليوم (الخميس) قبل التأجيل. ويطالب الادعاء بإدانة صدام وآخرين لإقدامهم على قتل 148 شخصا من الدجيل شمالي بغداد قائلا «ان صدام أمر بأعمال القتل للانتقام من محاولة لاغتياله في البلدة العام 1982 عندما كان رئيسا. ويواجه المتهمون عقوبة الإعدام إذا أدينوا». وربما يواجه صدام محاكمته في اتهامات أخرى من بينها اتهام يتعلق بغزو الكويت في العام 1990 وقمع خصومه الشيعة والأكراد وقتل خصومه السياسيين. وحتى الآن استمعت المحكمة الى عشرة من شهود الادعاء ابلغوا المحكمة بشأن التعذيب والضرب والمصاعب التي عانوا منها في عهد صدام . وأدلى ثمانية شهود بأقوالهم من وراء ستار خوفا على حياتهم وحجبت أسماؤهم في المحكمة. لكن الشاهد الأول الذي استدعي أمس ظهر علانية ووقف على بعد أمتار من صدام الذي دون ملاحظات وتابع الإجراءات من داخل قفص الاتهام في قاعة المحكمة التي تخضع لإجراءات أمنية صارمة في بغداد. وذكر الشاهد ان اسمه علي حسن الحيدري وقال ان عمره كان 14 عاما وقت مذبحة الدجيل. وتحدث الشاهد بهدوء وأبلغ المحكمة عن شقيقه الذي اعدم في عهد صدام وأسرته التي اعتقلت بعد عمليات القتل. وقال انه نقل الى مقر حزب البعث في الدجيل اذ شاهد تسع جثث ترقد في الخارج. وقال «تعرفت عليها جميعا» قبل ان يذكر اسماء الضحايا المزعومين. وقال إنه نقل الى مقر جهاز مخابرات صدام في بغداد اذ شاهد عمليات تعذيب مروعة. وقال ان الحراس كانوا يستخدمون الصدمات الكهربائية مع المعتقلين وكانوا يقومون بتسخين أنابيب بلاستيك ويتركون قطرات البلاستيك السائل تسقط على أجساد الضحايا. وقال الشاهد «كانوا في غاية من الألم لما يتجمد البلاستيك». وقال «كان الرجل يغادر ماشيا وبعدها يلقونه ملفوفا» في بطانية. «وكانت شهادته من أقوى الأقوال التي استمعت إليها المحكمة حتى الآن. كما وجه الحيدري اتهاما مباشرا الى أخ صدام غير الشقيق برزان إبراهيم التكريتي الذي كان رئيسا للمخابرات. وقال ان برزان كان موجودا في المبنى الذي وقع فيه التعذيب وفي إحدى المناسبات ركل برزان الحيدري بقوة وهو يرقد مصابا بالحمى. وقال «تألمت لعدة أسابيع من هذه الركلة». من جانبه قال صدام انه تعرض للضرب والتعذيب من قبل الاميركيين بينما دافع التكريتي أمام المحكمة عن الرئيس المخلوع والإجراءات التي اتخذت بعد محاولة اغتياله الفاشلة في الدجيل، مؤكدا ان كل ما قاله الشهود هو «ملفق وكاذب». وقال برزان «أنا استغرب كيف يرتضي إنسان مسلم على نفسه ان يتكلم كلاماً غير صحيح». وأضاف «سيادة القاضي هؤلاء الناس (الشهود) مجرمون ولو كنت محل عواد البندر العام 1982 لاتخذت الإجراءات نفسها». ميدانيا، أعلن الجيش الاميركي ان عملية القمر المنير التي قامت بتنفيذها قوات عراقية بمساندة قوات اميركية والتي بدأت يوم الاثنين الماضي انتهت مساء أمس الأول من دون ان تسفر عن وقوع أية اشتباكات مع مسلحين في محافظة الانبار غرب البلاد. كما قال الجيش الاميركي أمس في بيانين منفصلين ان جنديا اميركيا وتسعة مسلحين قتلوا في عمليات متفرقة يومي أمس وأمس الأول جنوبي بغداد. من جهتها، أعلنت وزارة الداخلية العراقية أمس إصابة مدير عام في وزارة الزراعة في محاولة اغتيال فاشلة أدت الى مقتل احد حراسه الشخصيين، فيما قتل أربعة عراقيين بينهم اثنان من رجال الشرطة وأصيب 15 آخرون في هجمات متفرقة في بغداد وشمالها. من جهة أخرى، انتقدت المحكمة الجنائية العراقية العليا أمس قرار الولايات المتحدة إطلاق سراح مسئولين بعثيين سابقين من دون الرجوع إليها، في وقت قال فيه مسئول أردني إن الأردن لم يتلق معلومات من أية جهة عراقية بقدوم المسئولين البعثيين السابقين الذين أطلق سراحهم، قائلاً إنه لن يسمح بدخولهم إذا أتوا من دون تنسيق مسبق.
بغداد أ ف ب
قام الرئيس العراقي السابق صدام حسين أمس بأداء الصلاة على مقعده لحوالي عشر دقائق خلال إدلاء شاهد بإفادته. وكان صدام طلب في وقت سابق من رئيس المحكمة رزكار ايمن رفع الجلسة لفترة قصيرة لكي يتمكن من أداء الصلاة لكن من دون جدوى. وقام الرئيس المخلوع حينئذ بالاتجاه نحو مكة المكرمة وأدى الصلاة وهو جالس لحوالي عشر دقائق فيما كان شاهد يواصل الإدلاء بإفادته بشأن القمع الذي تعرض له سكان قرية الدجيل بعد هجوم على موكب صدام العام .1982
العدد 1203 - الأربعاء 21 ديسمبر 2005م الموافق 20 ذي القعدة 1426هـ