العدد 1204 - الخميس 22 ديسمبر 2005م الموافق 21 ذي القعدة 1426هـ

زواج شاب تونسي وعجوز ألمانية يفجر مناقشات في ألمانيا بشأن الزواج من أجانب

تتحدث ألمانيا منذ أيام عن علاقة حب بين شاب تونسي يبلغ 25 سنة من العمر وسيدة ألمانية عمرها 83 سنة. تبدو القصة للوهلة الأولى علاقة حب رومانسية بين شاب قادم من بلاد الشمس المشهورة بتونس الخضراء وامرأة قالت إن هذه العلاقة أعادت لها شبابها. قبل ثلاث سنوات تعرفت أيجوني غروس على النادل خميس كنزيزي خلال رحلة استجمام أمضتها في تونس. تجدد اللقاء في تونس بين الحبيبين وتم الاتفاق على الزواج «سراً» في مارس/ آذار العام 2004 في تونس بحضور صديقين لخميس وموظف في مكتب الزواج وبلغت كلفة معاملة الزواج يورو واحد لا غير. كانت حياة خميس وأيجوني ستستمر ما بين قصة ألف ليلة وليلة وقصة رومانطيقية لولا تدخل السلطات الألمانية المختصة التي راحت تشك بأن هذه الزيجة عبارة عن صفقة الهدف منها حضور خميس للعيش في ألمانيا. واضطرت العروس الطاعنة في السن إلى الاحتجاج والتأكيد للدوائر المختصة أنها زيجة عادية ونهاية سعيدة لعلاقة حب وعلى هذا الأساس يريد زوجها الالتحاق بها لأنها مريضة في القلب وليس بوسعها السفر للعيش في بلد زوجها. لكن السلطات الألمانية المختصة لا تأخذ كلام أيجوني على محمل الجد وتتمسك بالحجة عما يعنيه زواج شاب يبلغ 25 سنة من العمر مع جدة عمرها 83 سنة أي هناك فارق 57 سنة بينهما. وجاء في رسالة وردت إلى أيجوني أن السلطات المختصة في ألمانيا تشك بصلاحية الزواج واتهموها بصورة غير مباشرة بمساعدة النادل الشاب للحصول على حق الإقامة في ألمانيا. ليست هذه قصة نادرة إذ وفقا لإحصاءات يتم في ألمانيا سنويا 60 ألف زيجة بين ألمان وأجانب بينها ثلاثة آلاف زيجة مستعارة أي فقط لغرض حصول الطرف الأجنبي على حق الإقامة في ألمانيا. في القريب سوف تنظر محكمة برلين بالقضية التي رفعتها أيجوني ضد الدولة الألمانية مطالبة بالسماح لزوجها خميس المجيء للعيش معها في بلدها. في تقرير لمجلة «دير شبيغل» هناك نوعان من الزيجات المشكوك بصحتها: الأول أن عصابات محترفة ترداد المراقص وعلب الليل بحثاً عن رجال ألمان ونساء ألمانيات يقبلون بالحصول على مبلغ يصل أحياناً لعشرة آلاف يورو نظير عقد زواج على الورق لهدف حصول أشخاص أجانب على الإقامة الدائمة في ألمانيا. النوع الثاني أن بعض الرجال الألمان والنساء الألمانيات يتبرعون بالزواج من أجانب يتعرفون عليهم خلال قضاء الإجازة ويشعرون بالأسى نحوهم ما يدفعهم إلى الزواج بهم لمساعدتهم في بدء حياة جديدة في ألمانيا من دون أن يكون هذا الزواج حقيقياً. كما هناك منظمات محلية تسعى لتزويج أجانب يتهددهم الإبعاد إلى بلدانهم الأصلية. يعتزم رؤساء حكومات ولايات يحكمها الاتحاد المسيحي الديمقراطي المحافظ فرض إجراءات أكثر صرامة على إجراءات الزواج بين ألمان وأجانب على رغم أن معاملة الزواج من ألماني أو من ألمانية مسألة صعبة للغاية. إذا رغب شخص ألماني الزواج من شخص لا ينتمي لدولة عضو في الاتحاد الأوروبي ينبغي عليه إقناع السلطات المختصة في بلده بوجود رغبة قوية للزواج من الشخص الأجنبي. وقالت أيجوني إنها خضعت لعمليات استجواب مطولة من قبل السلطات المحلية التي تشك بصلاحية زواجها من النادل خميس وسمعت أنها قد تخسر راتبها التقاعدي لأنه ينبغي على زوجها إعالتها. وشكت أيجوني من المحاولات التي قام بها المستنطقون لهدف زعزعة إرادتها وإقناعها بصرف النظر عن إحضار زوجها المزعوم لألمانيا. في الوقت الذي تم فيه استجواب أيجوني كان موظفون في السفارة الألمانية في تونس يستجوبون خميس كنزيزي، وتم اختيار عملية الاستجواب في وقت واحد للمقارنة بين إجابات كل طرف. كانت النتيجة أن قصص الحب من هذا النوع موجودة في الأفلام والروايات فقط وهكذا جاء حكم السلطات الألمانية بعدم صلاحية زواج أيجوني وخميس. هذا الحكم لم يكن مفاجأة. وقالت أيجوني غروس لمجلة «دير شبيغل» التي التقتها في شقتها في مدينة باكنانج الشفابية إنها عادت للتو من زيارة خاطفة إلى تونس إذ أمضت بعض الوقت مع زوجها الذي تربطها به علاقة زوجية وفقاً للقانون التونسي وليس وفقاً للقانون الألماني. أوضحت أنها بدورها راجعت نفسها كثيراً حين حصلت على عرض الزواج الذي قدمه لها خميس وقالت انه لم يكف عن تكرار طلبه وأبلغها أنها امرأة جميلة وأكد مراراً أنه يحبها. وكانت أيجوني قد ذكرت في شهادتها أنها التقت بالنادل في مطعم تابع لمنتجع سياحي في منطقة حمامات. لكن السلطات الألمانية لم تكن تملك فرصة كبيرة للطعن في صحة هذا الزواج لو تم زواج أيجوني وخميس في ألمانيا. في العادة ينظر موظفو دوائر الزواج المدني بالشك والريبة لكل معاملة زواج بين طرف ألماني وطرف أجنبي. قبل اشهر أوقفت دائرة الزواج المدني في مدينة زالسجيتر زواج امرأة ألمانية تبلغ 32 سنة من العمر بشاب لبناني عمره 22 سنة موجود اسمه على قائمة الإبعاد. استند موظفو دائرة الزواج على نتائج استنطاق منفرد للمرشحين للزواج إذ قدم كل منهما معلومات غير متطابقة حول مكان عقد الخطوبة. لكن محكمة مدينة براونشفايج أوقفت تدخل موظفي دائرة الزواج المدني في زالسجيتر وسمحت بالمضي بعملية الزواج وطلبت من المعترضين تقديم ثبوتات واضحة على أن هذا الزواج على الورق ليس أكثر. من أشد المسئولين السياسيين حماساً لوقف التحايل على قانون الزواج المدني، وزير الداخلية في الحكومة المحلية لولاية هامبورغ في شمال ألمانيا أودو ناجل. وقد ترأس أخيراً اجتماعاً عرض فيه موظفو دوائر الزواج المشكلات الكبيرة التي تعترضهم عند وقف زواج يشكون بصحته. ويجري التفكير بطرق للتأكد بعد إتمام معاملة الزواج المدني بأن الزواج حقيقي يتقاسم فيه الزوجان البيت والسرير على أن تمنح شرطة الأجانب الطرف الأجنبي إذناً مؤقتاً للإقامة قبل أن يحصل على الإقامة الدائمة. في الصيف المنصرم أبلغ وزير داخلية ولاية هامبورغ زملاءه التابعين للاتحاد المسيحي الديموقراطي الذي تتزعمه أنجيلا ميركل التي ستشكل الحكومة الجديدة في ألمانيا وسعى كي يجرى تدارس الإجراءات التي اقترحها في مفاوضات الائتلاف الجارية بين الاتحاد المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي لهدف فرض رقابة صارمة على الزواج المدني ومنع استغلاله لتمكين أشخاص وربما إرهابيين على حد تعبير مسئولين في الاتحاد المسيحي من دخول البلاد بصورة مشروعة. حين تم الزواج السري في تونس بين أيجوني غروس والنادل خميس كنزيزي لم يكن أي منهما يعرف رد فعل هذا الزواج. منذ ذلك الوقت تجرى مناقشات في بلد يناقش فيه كل شيء على مدى شهور، بشأن استغلال الزواج المدني على سبيل المثال من قبل إسلاميين متطرفين الذين سجلت وزارة الداخلية الألمانية زيادة مضطردة في أعداد الزواج الحاصل بين محسوبين عليهم مع ألمانيات لهدف الحصول على الإقامة الدائمة التي تضمن لهم حرية التنقل في دول الاتحاد الأوروبي ثم على الجنسية الألمانية التي تكفل عدم قيام ألمانيا بإبعادهم أو تسليمهم لدول أخرى. على موقع سكوُِّّ»موم.لم يمكن الإطلاع على طرق لتجنب مضايقات شرطة الأجانب حين تلجأ للتحري على المتزوجين المشكوك بشرعية زواجهم. المضحك هنا أن الدولة الألمانية سعت بنفسها لإنشاء هذا الموقع. إذ تم نتيجة مشروع ثقافي وضعته 16 منظمة ثقافية في ولاية بريمن بتمويل من الحكومة المحلية لهذه الولاية وأيضاً بأموال قدمتها مبرة الثقافة الاتحادية. الجدة أيجوني غروس أكدت أنها لن تتخلى عن زوجها الشاب الذي ينحدر من تونس وقالت للصحف المحلية: لقد أعاد لي شبابي. العلاقة بين الزوجين تتم عبر المراسلات البريدية لأن الوضع الصحي للعروس لايسمح لها السفر باستمرار إلى بلد زوجها ولدى سؤالها عما يفرحها في الرسائل التي تردها من الزوج في تونس أجابت: أنه يستهل رسائله بكلمة: حبي الكبير. في نهاية المطاف يريد الزوجان إقناع موظفي مكتب الزواج المدني بأن زواجهما حقيقي ونتيجة ارتباط عاطفي قوي لذلك فإن كل كلمة عاطفية ستستخدمها أيجوني ضد السلطات في بلدها للحصول في النهاية على قرار يجمعها بزوجها على أرض ألماني

العدد 1204 - الخميس 22 ديسمبر 2005م الموافق 21 ذي القعدة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً