تزوجت ياسمين افيسار من أسامة زعتر بعد قصة حب وتمنيا أن يعيشا معا في السراء والضراء، لكن العروس إسرائيلية يهودية والعريس فلسطيني مسلم والآن لم يعد لديهما ما يمكنهما أن يسمياه وطن.
وقصة كفاح الزوجين التي تذكر بقصة روميو وجوليت نادرة من نوعها عن الحب عبر الحدود في أرض تمزقها سنوات من الصراع بين «إسرائيل» والفلسطينيين.
والتقت افيسار (25 عاماً) وهي راقصة باليه بزعتر (26 عاماً) عندما كانا يعملان معاً في جمعية للرفق بالحيوان على الحدود بين القدس والضفة الغربية المحتلة.
وتزوجا قبل عامين، لكن «إسرائيل» لم تمنحهما حق الإقامة في الدولة اليهودية. فعاشا في مدينة رام الله بالضفة الغربية، لكن بصفة مؤقتة لان تصريح افيسار الذي أصدره لها الجيش الإسرائيلي لعبور الحدود إلى المدينة الخاضعة للسلطة الفلسطينية مؤقت.
وتمنع «إسرائيل» منح تصاريح الإقامة فعلياً لجميع الرجال الفلسطينيين الذين تقل أعمارهم عن 35 عاماً بمقتضى قانون أقر أثناء الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت العام 2000 بهدف تشديد اجراءات الأمن لمنع تفجيرات انتحارية. ويمنع الجيش الإسرائيلي عموماً، كذلك الإسرائيليين من دخول الأراضي الخاضعة للحكم الذاتي الفلسطيني.
والزواج بين اليهود والعرب نادر سواء في «إسرائيل» أو الأراضي المحتلة والقلة الذين يفعلون ذلك يلتزمون الهدوء تجاه علاقة ينظر إليها الكثير من الإسرائيليين والفلسطينيين باستياء.
وتقول افيسار التي تعبر نقطة تفتيش إسرائيلية كل يوم تقريباً للعمل نادلة في القدس «نحن في وضع كابوسي يشبه كتابات كافكا. كل ما نريده هو حقنا في العيش معاً كزوجين».
وقال زعتر وهو نحات «السلطات دأبت على محاولة ابعاد كل منا عن الآخر». وأضاف «نحن متحابان ونخطط لمستقبلنا معاً إذا أمكن ان يكون لنا مستقبل».
وكلمة «اذا» هذه تتردد أصداؤها في حياتهما كلها. فوضعهما الذي لا يتسم بالتيقن يجعل أفكارا مثل شراء منزل أو انجاب أطفال غير واردة.
ولجأ الزوجان للمحكمة العليا الإسرائيلية لاجبار الحكومة على السماح لهما بالعيش معاً الى أجل غير مسمى سواء في «إسرائيل» أو في الأراضي الفلسطينية، لكن فرصهما في النجاح غير أكيدة.
فيوم الاحد الماضي أيدت المحكمة العليا الإسرائيلية بغالبية ضئيلة قانونا يمنع الفلسطينيين المتزوجين من إسرائيليين من الحصول على حق الإقامة ورفضت طلبات استئناف ضد وضع يندد به منتقدون باعتباره إجراء عنصريا وانتهاكا لحقوق الإنسان.
وفي الالتماس الخاص المقدم من الزوجين أشار المحامي مايكل سفارد الى دراما شيكسبير الرومانسية «روميو وجوليت» وقارن بين العداء المستحكم بين عائلتي مونتاجيو وكابيولت وبين الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وكتب سفارد مقتبسا عن شيكسبير يقول «هو باعتباره عدوا لا يمكنه قطع عهود الحب مثل االمحبين. وهي التي لا يقل حبها عن حبه امكاناتهما أقل في الالتقاء مع حبيبها في أي مكان». ويدفع سفارد بأنه وفقا لإعلان الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والقانون الدولي «من حق صاحبي الدعوى العيش في حياة اسرية واختيار كل منهما لشريكه بحرية». وقالت سابين حداد المتحدثة باسم وزارة الداخلية الاسرائيلية إن زعتر غير مؤهل بحسب القانون الاسرائيلي لطلب اقامة في «إسرائيل». وأضافت ان هناك استثناءات قليلة لذلك.
وسن هذا القانون بعد أن دفع المسئولون الأمنيون بأن سياسة سابقة كانت تسمح بمنح الجنسية أو الإقامة لا غلب الفلسطينيين المتزوجين من إسرائيليين قد تساعد المهاجمين الانتحاريين على دخول «إسرائيل». وغالبية المتضررين من هذا القانون من عرب «إسرائيل» الأكثر ميلا من اليهود للزواج من فلسطينيين من الضفة الغربية. وتقدر جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان أن هناك أكثر من 25 الفا من هذه الاسر تعيش مفترقة عندما تمنع «إسرائيل» أحد افرادها من الحصول على إقامة. وقال شارون ابراهام وايس المحامي لدى الاتحاد الإسرائيلي للحقوق المدنية «من حق الدولة عدم منح الجنسية لأي شخص لكن الاسلوب الذي يعمل به النظام اليوم عنصري ومضر».
وتمنح «إسرائيل» الجنسية لاي شخص يثبت أن أحد جديه على الأقل كان يهوديا. ويشكل العرب خمس المواطنين الإسرائيليين.
ويتهم وايس «إسرائيل» بتقييد منح تأشيرات دخول للفلسطينيين للحد من أعداد العرب المقيمين بالدولة اليهودية وهو زعم ينفيه المسئولون. وعلى رغم الصعوبات يسعى زعتر وافيسار لإقامة حياة كريمة في رام الله.
لم يتمكن زعتر من ايجاد عمل منتظم وهي مشكلة تواجه الكثير من الفلسطينيين في الضفة الغربية التي يعاني اقتصادها من الضعف حتى من قبل تعليق تزعمته الولايات المتحدة للمساعدات الأجنبية للحكومة الفلسطينية التي تقودها حالياً حركة المقاومة الفلسطينية (حماس).
ودخل الأسرة الرئيسي يأتي الآن مما تكسبه افيسار من تقديم الطلبات على طاولات في مقهى بالقدس. لكن الزوجين مازالا يحلمان بالعيش معا في سعادة.
تأمل افيسار في فتح مدرسة باليه للفلسطينيين اذا منحتها «إسرائيل» تصريحا طويل الأجل للإقامة في الضفة الغربية. وتقبلت أسرتها في «إسرائيل» زواجها. وبعض أقارب زعتر اتهموه بخيانة شعبه بالزواج من إسرائيلية لكنهم الآن يتقبلونها.
وقالت افيسار «الكثيرون ينظرون الى باعتباري من النمط التقليدي المرسوم في أذهانهم عن الاسرائيلي الجندي أو المستوطن كما يرى الاسرائيليون جميع الفلسطينيين باعتبارهم ارهابيين». وأضافت «نأمل في ان نوضح للجميع أن هناك سبيلا آخر»
العدد 1349 - الثلثاء 16 مايو 2006م الموافق 17 ربيع الثاني 1427هـ