العدد 3752 - الجمعة 14 ديسمبر 2012م الموافق 30 محرم 1434هـ

مساحة حرة - "ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ"

"ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ" (ص: 42)... آيةٌ استوقفتني مع بداية شهر المحرم... خلته لو تكلم لرددها على مسامعي ليل نهار. وكأنه يقول: هي فرصة فاقتنصيها! تمر الروح خلال السنة بمنعطفات كثيرة، لتجيء المواسم بين الفينة والأخرى فتقوّم اعوجاجها!

جاءت هذه الآية استجابةً لدعاء نبي الله أيوب (ع) الذي كان شديد المرض، عاجزاً عن القيام، فنادته أن "اركض" فقد أجيبت دعوتك، واغتسل لتبرأ من عللك... "اركض" أيها العبد وأسرع، فمحرم وصفر يجريان، واغتسل منهما، ففي ذلك شفاؤك. كم من علل تدنسنا ونحن عنها غافلون! ويمر بنا المغتسل، فلا نغتسل!.

الشعائر الحسينية محطة نغتسل فيها من دنس الخطايا، فعن الصادق (ع): "من ذَكَرنا أو ذُكرنا عنده فخرج من عينه دمعٌ مثل جناح بعوضة، غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر" تفسير القمي (ص 616). إذ لذكر مصاب سيد الشهداء (ع) أسرارٌ فاز من غاص في بحرها!

ولو تبصرنا في العالم "الما ورائي" لإحياء عاشوراء لوجدنا معالمَ كثيرةً تتجلى، هي حقاً مغتسل بارد؛ فرصة ومبتدأ لتغيير شامل، فرصة لتوبة نصوح صادقة، وقفة لتأمل "خذ حتى ترضى" و "تقبل منا هذا القربان". إن المبادئ التي تحملها عاشوراء هي أوسع من أن تحتملها كلمات من قلم قاصر، فمن المبادئ التي حملها سيد الشهداء (ع) ما لا يختص بديانة أو طائفة بل هو للعالم بأسره، وإن ومنها ما أن استيعابه لينوء بالعقول البشرية.

الفرصة لم تفت، مازلنا في الأجواء الحسينية، فلنمنح نفوسنا المريضة ساعة نتفكر فيها في مبادئ عاشوراء، مدى تطبيقنا لها، وهل حقا اتخذنا منها محطة توديعٍ للخطايا، محطة تصفية واغتسال، محطة عروج، محطة تغيير؟.

المغتسل العاشورائي، مغتسل يحيي الأرواح الميتة أو التي تكاد أن تموت، مغتسلٌ يحيي المبادئ التي تقض مضاجع شياطين الجن والإنس، مغتسلٌ استمد ماءه من عطش الحسين وأهله (ع) في كربلاء، فاستمد الخلود!

ابتدأنا الركض؟ أم أنهيناه؟ أم مازلنا نركض؟ وعلامات استفهام أخرى تنتظر الإجابة. لكي نصل إلى الحسين... كانت كربلاء!

فاطمة عبدالشهيد أحمد يوسف

العدد 3752 - الجمعة 14 ديسمبر 2012م الموافق 30 محرم 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 12:38 م

      رد: للتوضيح

      هناك تفاسير كثيرة لهذا المصطلح ... استُخدم في النص للدلالة على "السعي" من قبيل ' وهزي إليكِ بجذع النخلة"

    • زائر 3 | 12:28 م

      رد: للتوضيح

      هناك تفاسير كثيرة لهذا المصطلح ... استُخدم في النص للدلالة على "السعي" من قبيل ' وهزي إليكِ بجذع النخلة"

    • زائر 2 | 12:25 م

      رد: للتوضيح

      هناك تفاسير كثيرة لهذا المصطلح ... استُخدم في النص للدلالة على "السعي" من قبيل ' وهزي إليكِ بجذع النخلة"

    • زائر 1 | 6:28 ص

      للتوضيح

      ""اركض برجلك"" تعني اضرب برجلك
      وهي أيضا من معجزات الانبياء صلوات الله على نبينا و آله و عليهم أجمعين
      و شكرا لك على الموضوع و رزقنا الله و إياك شفاعة الحسين عليه السلام
      و سلامي لأهل الزنج الأعزاء

اقرأ ايضاً