تباينت ردود فعل الجمعيات والشخصيات السياسية البحرينية على إعدام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين شنقاً يوم أمس، فقد عبر عضو كتلة الوفاق النيابية النائب الشيخ حمزة الديري عن ترحيبه بحكم الإعدام، معتبراً أن يوم أمس هو» انتصار لقيم الحق والعدل والإنصاف»، كما قال رجل الأعمال فيصل جواد :»إنغيمة كبيرة أزيلت من المنطقة بإعدام الطاغية صدام الذي حول حياة بعض العوائل البحرينية إلى مآتم، كما أنه قضى على مصادر النور والضياء في العراق»، بينما وصف الأمين العام لجمعية العمل الوطني (وعد) إبراهيم شريف توقيت الإعدام بأنه «يستفز مشاعر الناس، فلم نسمع أن أحداً اعدم في يوم العيد».
وفي الاتجاه المعاكس اعتبر التجمع القومي الديمقراطي (بعثيون ومستقلون) إن «صدام حسين مات شهيدا، وان إعدامه كشف عورات المشروع الأميركي في المنطقة»، فيما أعلن الوزير السابق والمفكر البحريني علي فخرو أن «شنق صدام حسين لن يحل أزمات العراق المتراكمة»، ولكنه اقر ان النظام العراقي السابق ارتكب جرائم كثيرة.
وفي حين التزمت الجهات الرسمية الصمت إزاء الحدث، مفضلة عدم التعليق عليه، تجمعت مئات العوائل البحرينية أمام شاشات التلفزة لساعات طويلة يوم أمس لتتابع مجريات إعدام صدام حسين أولاً بأول وخصوصا اللقطات المصورة التي بثتها الفضائيات العراقية، فيما اتسم الوضع العام بالهدوء، وشوهدت بعض السيارات تحمل صورا لعدد من الشخصيات الدينية التي قضت في عهد النظام السابق، بينما لم تسجل مسيرات فرح في الشوارع مؤيدة أو معارضة لحكم الإعدام.
اعتبر الوزير السابق والمفكر البحريني علي فخرو أن شنق الرئيس العراقي السابق صدام حسين «لن يحل ازمات العراق الأمنية والسياسية والاجتماعية، فالعراق امام مخاطر طائفية حقيقية»، معتبرا أن محاكمة صدام تحوم حولها شبهات كثيرة تتعلق بالموضوعية والشرعية والنزاهة قائلا: «منذ البداية كنت من المؤمنين بأن المحاكمة أجريت تحت ظرف الاحتلال ومن قبل سلطات حكومية مختلف بشأن شرعيتها ومدى تمثيلها لجميع قوى الشعب، ما يفتح الباب للطعن في هذه المحكمة وبالتالي الطعن في عدالتها وعدالة أحكامها».
واعتبر فخرو في تصريح لـ «الوسط» ان توقيت تنفيذ الحكم غباء أميركي بقوله «في الواقع إن ما يدلل على أن هناك جوانب سياسية وراء تلك المحاكمة هو الغباء الأميركي المعروف بأن ينفذ الحكم بالإعدام في يوم مقدس عند المسلمين وهو العاشر من ذي الحجة الذي يصادف عيد الأضحى المبارك، ولا يستطيع الإنسان أن يرى إلا أهدافا خفية وراء توقيت الإعدام من أبرزها وأهمها الإمعان الأميركي في إيذاء مشاعر المسلمين وعدم الالتفات إلى معتقداتهم بشكل محزن وغير طبيعي».
وأضاف فخرو «لسنا هنا بصدد الأخطاء الكثيرة التي ارتكبها العهد العراقي السابق ولسنا هنا بصدد الحكم على ما ارتكبه صدام في الماضي كرئيس الدولة، ولكننا هنا بصدد محكمة قامت بترتيبات من قبل سلطات احتلالية وسلطات محلية مختلف بشأن نزاهتها».
وأشار فخرو إلى أن تقييم تجربة حزب البعث في العراق وسورية لا ينبغي أن يتجاوز فشل النظامين البعثيين في البلديين العربيين للاتفاق على وحدة اندماجية أو فيدرالية بحيث تقوم دولة عربية قوية غنية بثرواتها الطبيعية وغنية بإمكانات بشرية ضخمة كانت فيما لو قامت ستقلب موازين القوى في المنطقة، وتجعل من المستحيل قيام مشروع أميركي صهيوني كما نراه حاليا.
من جانب آخر رأى فخرو أن «مستقبل العراق سيعتمد كثيرا على أمرين رئيسيين: الأمر الأول هو مدى تغير الرأي العام الأميركي وقواه السياسية ضد القيادة اليمينية الأصولية المسيحية في الحزب الجمهوري، وأعتقد أن مجيء الديمقراطيين قد يغير من ذلك وخصوصا إذا ظل الأميركي العادي على موقفه الحالي المعارض لبقاء الاحتلال، والأمر الآخر يعتمد على مدى تلاحم القوى السياسية العراقية بالاتفاق على حد أدنى من الثوابت الوطنية».
اعتبر الأمين العام لجمعية العمل الوطني (وعد) إبراهيم شريف «ان توقيت إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين في يوم عيد الأضحى يمثل استفزازا لمشاعر الناس، ففي تاريخ أوروبا لم يعدم أحد في يوم العيد، وهذا قلة ذوق».
ولكن شريف رأى أن «الموضوع الأساسي هو: لماذا الاستعجال في إعدام صدام قبل فتح ملفات أهم من موضوع الدجيل، كملف حلبجة الذي قتل فيه 5000 شخص، وملف الحرب العراقية الإيرانية التي أوقعت مئات الألوف (...) ولكن يبدو أن بعض الملفات لا يراد فتحها لأن مسئولين عرباً وغربيين كباراً متورطون فيها، إذ قاموا بتمويل الحروب أو إعطاء معلومات استخبارية أو تزويده بأسلحة، فكان المطلوب هو ذبح هذه الملفات لكي تطوى تلك الفترة في حين أن المحاكمة تمثل فرصة لتعرية كل من ساند صدام حسين في يوم الأيام».
وأضاف شريف «ماكنة القتل بدأت في العام 1973، ونصف جرائم هذه الفترة كانت بتواطؤ من حكومات كثيرة، وصدام لم يفكر في اقتحام الكويت إلا بهذا التشجيع الكبير، وبالتالي فإن التعجيل في تنفيذ حكم الإعدام محاولة لإخفاء الملفات الأخطر».
الزنج - التجمع القومي
أكد التجمع القومي الديمقراطي أن «إصرار الولايات المتحدة الأميركية على تنفيذ حكم الإعدام - الباطل شرعا وشريعة - بحق الرئيس المجاهد صدام حسين صبيحة يوم عيد الأضحى المبارك، وعلى خلفية إعلان الرئيس الأميركي بوش نيته رسم استراتيجية جديدة للتحرك في العراق، لتفضح حقيقة توجهات هذه الاستراتيجية الآثمة الهادفة لإحكام السيطرة على العراق من خلال زرع فتنة ثأر دموية بين العراقيين تسود لعقود من الزمن، و القتل على الهوية الذي بدأ فعلاً بعد إعلان تنفيذ الإعدام مثال على مضامين هذه الاستراتيجية التي يشارك فيها النظام الإيراني الحاقد وأتباعه في العراق».
علّق رجل الأعمال فيصل جواد على إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين قائلا: «هذا المجرم دخل كل بيت بحريني وعراقي وعربي بسبب جرائمه، وهناك عوائل في البحرين حوّل هذا الطاغية حياتها إلى مآتم لقتله أبناءها الذين فقدوهم في العراق بالإضافة إلى آلاف العوائل العراقية التي فقدت شبانا في عمر الزهور، وتشهد على ظلمه الفاحش مئات المقابر الجماعية المنتشرة في العراق من شماله وجنوبه، والحروب الكارثية التي سببها هذا الطاغية لكل المنطقة».
وأضاف جواد «في هذا اليوم وبتنفيذ حكم الإعدام بصدام فإن جزاءً بسيطاً من الجرائم التي ارتكبها في كل العراق وخصوصا للعوائل العلمائية قد تحقق، ونكرر في هذا اليوم عزاءنا إلى آل الحكيم الذين فقدوا 70 شخصا والى آل الصدر الذي انتهك هذا الطاغية كل الخطوط الحمراء بإعدامه المفكر الإسلامي الشهيد محمد باقر الصدر وشقيقته بنت الهدى والشهيد الصدر الثاني وغيرهم من كبار العلماء الذين عرفوا بالزهد والتقوى والإخلاص».
وقال جواد إن «من المؤسف حقا أن الطاغية المقبور قضى على كثير من أوجه العراق المشرقة كالحوزات العلمية التي كانت مصدر النور والعلم والضياء والاجتهاد، كما جعل الناس أسرى في بلدهم، وتسبب في الحروب التي تضرر منها ملايين البشر»، مؤكدا أنه «بإعدام صدام أزيلت غيمة سوداء كبيرة في العراق والمنطقة، وهذه بداية صفحة مشرقة إن شاء الله، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا سيبدأها العراقيون بكل مكوناتهم».
أعلن عضو كتلة الوفاق النيابية الشيخ حمزة الديري «ان إعدام الطاغية أمس يعتبر يوم انتصار الدم على السيف وانتصار المظلوم على الظالم، وهذا اليوم تحققت فيه نبوءة الفيلسوف الكبير والمفكر الرائد الشهيد السيد محمد باقر الصدر الذي أعدمه صدام مع شقيقته الفاضلة بنت الهدى، واليوم يوم الفرحة والبهجة التي دخلت قلوب المظلومين الذين حاربهم واضطهدهم صدام، واليوم انتصار قيم العدل والحق والإنصاف، واليوم يفرح كل عشاق الحرية والعدالة والكرامة، ويتألم ويحزن أنصار الدكتاتورية والاستبداد والظلم ومن كان يعيش على فتات صدام حسين في كل مكان».
وردا على سؤال عن رؤيته في توقيت تنفيذ الحكم أجاب الديري: «العراقيون أدرى بمسألة التوقيت، ولا شك أن هذا يعتبر نوعا من قاصمة الظهر على أولئك المجرمين، ولكن اعتقد أنهم سيبقون يمارسون جرائمهم ضد الشعب العراقي، وربما يشارك بعض البعثيين في العملية السياسية القائمة في العراق الآن، ولكن الرؤوس الكبيرة ستقف ضد تطلعات الشعب العراقي كما كانت دائمًا»?
العدد 1577 - السبت 30 ديسمبر 2006م الموافق 09 ذي الحجة 1427هـ