يتوقّع المحللون أن تُبدي الشركات العالمية الكبرى إقبالاً متزايداً على عمليات الدمج والاستحواذ على مدى الاثني عشر شهراً المقبل، كما تُظهر في الفترة عينها قدرةً أكبر على تمويل الصفقات، وذلك وفق أداة توقّع عمليات الدمج والاستحواذ من كي بي إم جي انترناشيونال KPMG International’s Global M&A Predictor.
ومن المتوقّع ارتفاع النسب الآجلة لأسعار الأسهم إلى ربحتها (الطريقة المعتمدة لقياس مستوى إقبال الشركات أو ثقتها) في الفترة بين يونيو/ حزيران 2015 ويونيو 2016 وذلك بنسبة 11 في المئة، فيما من المتوقّع أن تزيد نسبة صافي الدين إلى الأرباح قبل خصم الفوائد والضرائب والإهلاك والإطفاء (الطريقة المعتمدة لقياس مستوى القدرات) بنسبة 7 في المئة خلال نفس الفترة.
وتبدو التوقعات إيجابية إجمالاً بالنسبة إلى إفريقيا والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ، التي من المتوقّع أن تشهد ارتفاعاً يفوق العادة في الإقبال على عمليات الدمج والاستحواذ. ولكن على الرغم من هذه التوقعات، من المقدّر أن يعتمد سوق الشرق الأوسط مقاربةً تتوخى الحذر نظراً إلى الانخفاض في أسعار النفط الذي يجبر عدداً من دول المنطقة على أخذ عجز الميزانية في الحسبان، وذلك بحسب ما أفادنا، الشريك ورئيس قسم الاستشارات في شركة كي بي إم جي في الشرق الأوسط وجنوب آسيا بهرام اشاند راننارايانان.
وقال بهرام «انخفاض أسعار النفط المقترن مع تقلّب الأسواق العالمية القصير الأمد الذي قد ينجم عن تباطؤ يُخشى وقوعه في الاقتصاد الصيني إلى جانب عدم الاستقرار المستمر في الأسواق الأوروبية، سيجبر المستثمرين على مراجعة ترتيب أولوياتهم. ومن المتوقّع أن تتفحّص حكومات المنطقة النفقات غير المخطط لها والتدفّق في الإنفاق، مما سيحدّ العرض النقدي في الاقتصادات المحلّية».
وأضاف أن «منطقة الخليج ستواصل استثمارها المدروس على مشاريع تطوير البنى التحتية المحلّية، فضلا عن فرص الاستحواذ ذات القيمة المضافة في أسواق مختارة ولفئات أصول محدّدة».
غير أن هذه البيانات العالمية المشجّعة لم تنعكس بعد في أرض الواقع على مستوى العمليات التجارية. فقد شهدت أحجام الصفقات المكتملة وقيمها انخفاضاً كبيراً على فترة الستة أشهر الماضية.
وفي هذا الصدد، علّق رئيس قسم الاستشارات الخاصة بالصفقات في «كي بي إم جي» انترناشيونال لييفز ييرز : «شهد السوق فترةً من التوقّف. إذ لا يمكن غضّ النظر عن الأثر المستمر لأسعار النفط المنخفضة وحالات عدم الاستقرار السياسي في بعض المناطق الرئيسية. أمّا على الصعيد الفردي، فإننا نشهد توقعات قوية نسبياً على الرغم من انخفاض الأرباح، إذ يبدو إجمالي الإيرادات طبيعياً عندما ننظر إليه. وعلى الرغم من كلّ الظروف، تتعدّد نقاط القوة الحقيقية والفرص الاستثنائية التي يمكن اغتنامها».
وقد سلطت الدراسة الضوء على أنشطة الدمج والاستحواذ بحسب القطاع والأقاليم، ويمكن من خلالها الاستنتاج أن التحدّيات التي تواجه سوق الطاقة العالمي تؤثر على الإقبال على عمليات الدمج والاستحواذ. وتتجلى هذه الصورة بوضوح من خلال الانخفاض بنسبة 19 في المئة الذي شهدته القيمة السوقية لأهم شركات قطاع الطاقة في الفترة الممتدة ما بين يونيو 2014 ويونيو 2015. هذا وسجّلت الأرباح انخفاضاً كبيراً في الفترة عينها.
وفي هذا الإطار، صرح الرئيس العالمي لقسم الدمج والاستحواذ في «كي بي إم جي» فيل أيزوم قائلاً: «بوسعنا، جرّاء الانخفاض غير المسبوق في أسعار النفط والذي قد يدوم سنوات متعددة، أن نتوقّع تأخير عدد من عمليات استحواذ شركات الطاقة أو إعادة هيكلتها. وقد يقلّص الاستقرار النسبي لأسعار النفط، الضغط الانحداري على أنشطة الصفقات. أمّا على صعيد عام، وبالنسبة إلى الشركات القادرة على زيادة قدراتها من خلال خفض الديون بالدرجة الأولى، فقد تكون هذه السنة المناسبة لاستكشاف الفرص المجزية التي يزخر بها السوق».
العدد 4755 - الأحد 13 سبتمبر 2015م الموافق 29 ذي القعدة 1436هـ