الإنصات بصمت والانتباه للكلام دون مقاطعة (إذا سكتَ تبدأ في الكلام، وبمجرّد أن يتكلّم تصمت، تبيّن له عدم حاجتك النّفسيّة للكلام - مو فارقة معاك أصلاً -)، تحترمه وتقدّره وتكرّمه كإنسان - لكن هذا لا يعني بالضّرورة أن تقبل رأيه «كلّه أو بعضه»- مثلاً: «أنت كإنسان مُحتَرَم ومُقَدَّر، لكن الرّأي الذي طرحته ما أقنعني».
- تستمع وأنت - في نيّتك - راغب في تعلّم شيء جديد (كل إنسان أعلم منك في شيء «في مجال تخصّصه»)، لا أن تستمع بنيّة الرّدّ.
- فصل القول عن القائل -هذه النّقطة مهمّة جدّاً، وهي الفاصل الواضح بين العلماء (الحقيقيّين!) والسّفهاء من النّاس (التّعبير قرآني)-:
العلماء الواعون يرون بوضوح حقيقة «أنا لست رأيي»، فلا يتكلّم أحدهم لـ (الدّفاع) -عن رأيه- أو (مهاجمة) -رأي الشّخص الآخر-… إذاً؟!
تركيزه دائماً على (الرّأي «الفكرة»): يستعمل عبارة «أتّفق مع/ أخالف هذا الرأي» - سواء كان الرأي عبره أو عبر الشّخص الآخر- بدل عبارة «أخالفك/ أتّفق معاك»…
لا يوجد عالم حقيقي أو مفكّر عميق إلّا وهو «يفصل القول عن القائل» -تذكّر دائماً أنّ العلماء يناقشون «الأفكار» وليس «الأشخاص»-...
«مو بالضّرورة تقبل كلّ الرّأي أو رفضه كلّه... قد يقتنع/لا يقتنع قلبك بـ60 في المئة، 70 في المئة، 80 في المئة...الخ من الكلام المطروح».
- الصّدق في نيّة البحث عن الحقيقة والشّهادة لها (ولو على النّفس أو الوالدين أو الأقربين)...
المهم أن تظهر الحقيقة الواضحة لي (عبري أو عبرك)، فإذا ظهرت أقبل بها وأؤيّدها - قد انقلب على الرأي الذي طرحتُه من أجل الرأي الذي طرحتَه أو العكس؛ (لأنّ عيني على الحقيقة وليس على الأشخاص)-، ولستُ مُلزَماً بأن «أريك» أنّي قبلتها -قد لا أظهر القبول لك فقط من أجل ألا أغذّي الايجو تبعك «علامته: شعور بالارتياح النّفسي عند انتصار الرأي الشّخصي»، لكنّي في أعماقي قبلت بها وسلّمت إليها.
أتّبع ما أراه حقّاً (ما أراه أنا لا ما يراه غيري)، ولي الحقّ في طرحه -لأنّي مسئول أمام الله تعالى-، إذا كنت أنت تراه باطلاً فهو شأنك «الله أعلم بما تعملون * الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون» (الحج:68، 69)، امشِ فيما أنت مقتنع به -وما تراه الحقّ (بصدق من أعماق قلبك)- وأنا أمشي فيما أنا مقتنع به -لا بما أنت مقتنع به!- ، والله تعالى يحكم بيننا يوم القيامة فيما نختلف فيه، هناك ستظهر الحقيقة فلا تستعجل- المسألة مسألة وقت لا أكثر-، أنت اعمل في طريقك - مادمت واثقاً منه، لا يضرّك من خالفك (امشِ فيه ولا تستوحشه لقلّة سالكيه»حتّى لو كنت وحدك/ ما دمت واثقاً موقناً لن يزلزلك هذا أبداً»)-وأنا أعمل في طريقي «اعملوا على مكانتكم إنّا عاملون وانتظروا إنّا منتظرون» (هود: 121، 122).
لستَ مُلزَماً بأن تجبر الآخرين على الاقتناع بما تراه حقّأ -الله أعلم بنواياهم: ممكن يرونه حقّاً ويكابرون، وهو شأنهم «لكم دينكم ولي دين» (الكافرون:6)، وممكن يرونه باطلاً-، «مو لازم يقتنعون علشان أنت ترتاح»...
ولستَ مُجبَراً أن تظهر الاقتناع بكلام الآخرين ما دمتَ لست مقتنعاً به ولا تراه حقّاً! -أصلاً واجب عليك ألا تجامل فيما يتعلّق بالحقّ والباطل (تظهر بصدق ووضوح ما أنت مقتنع به من أعماقك -وإن رضي من رضي وسخط من سخط-.
-العدل «لكل إنسان الحقّ في ألا يدخل في نقاش أصلاً» (بصدق: أنت تناقشني «لي» أو «لك»؟)
إن كان لك فاستأذن منّي لأنّك تريد أن تأخذ من وقتي لشيء أنت تريده وليس أنا…
وإن كان لي فأنا لم أطلب منك ذلك... استأذن منّي -ما إذا كنت راغباً في الانتفاع بآرائك أو لا-….
ما أدراك؟ ربّما الآن أنا منشغل بالانتفاع -فكريّاً- من مكان آخر: كتاب، شخص آخر، تفكّر...الخ/ لذلك لا رغبة لي في الانتفاع منك الآن، قد أعود لك في وقت آخر وقد أعود لغيرك-.
رؤوف فردان
العدد 4956 - الجمعة 01 أبريل 2016م الموافق 23 جمادى الآخرة 1437هـ