كلينت استوود من أشهر الممثلين الأميركان في حقبة الستينات، وأواخر التسعينات لما اشتهر به في أفلام «هاري القذر والطيب والشرس والقبيح»، وأدوار الكاوبوي التي اشتهر بها جميع ممثلي أميركا، يسير قطيع الماشية من واد إلى واد كما يسير النساء كيفما يحلو له، كما في فلمه هذا «المخدوع»وأنا أسميه «الخادع» الوغد، كان جنديّاً جريحاً من جنود الحرب الأميركية الأهلية ... منذ اللقطات الأولى للفيلم كان دوره يتصف بالخبث والخداع، وباللعب والضحك على الحبلين مع عقول النساء، فن التقبيل عنده كشربه للماء حيث قبّل جميع النساء الممثلات في الفيلم، وكانت البداية مع المراهقة اللعوب التي أنقذته إلى المدرسة أو الحصن، فكان يقبلها بمجرد الانفراد بها، وهناك المعلمة الشابة الحسناء التى لم يطرق الحب قلبها من قبل، وهناك مديرة المدرسة العانس المعذبة بالذكريات والحاقدة، وهكذا اختلطت المنافسة والغيرة والحقد والثأر بينهن ومما أثار استيائي أن شفتيه استجابت لهن جميعا، وقبلتا كل فتاة تقترب منه في أي وقت، وأي مكان دون أن يبالي، لكنه لم يدرك مكرهن وكيدهن، وكم كانت المفاجأة له كبيرة حينما عرفن بمكره بهن فكانت نهاية لعبته وخدعه ومكره هي «الموت» جراء سقوطه من فوق السلم حينما تم ضبطه في غرفة المراهقة اللعوب، استيقظ المخادع على ساق مبتورة فكانت صدمته وغضبه فوق الوصف، ولم تكتف النسوة ببتر ساقه بل عاجلن حتفه أيضاً بطبق مسموم مليء بعش الغراب، كم هي نهاية مؤلمة لفارس بلا جواد أو قبطان يعود بلا سفينة؟ لأن الدرس كان واضحاً، عنوانه لا تعبث مع النساء، إن كيدهن عظيم، فالنساء لسن «مثنى وثلاث ورباع» فقط، وبالساهل ولسن قواعد ولا شفايف فقط، ولسن طبق فاكهة متنوعة تأكلها جميعاً، ولا قشدة سائلة تذوب بين ذراعيك، بل المرأة كيد وكهرباء ونار أحياناً، وبلسم وحرير أحياناً أخرى، وإلا فالموت هو العاقبة كما حدث مع كلينت استوود، القبلات الحارات لم يشفعن له...لأن كيد النساء عظيم كما حذرنا الله سبحانه «إن كيدهن عظيم»، «فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ» (يوسف: 28) ومع ذلك إن كيد النساء لا ينتهي عند موقف أو قضية بل عظيم وكبير ويظل حسابه مفتوحاً حتى سقوط الضحية، بدليل امرأة العزيز حينما حصحص الحق، أرسلت إلى تلك النسوة اللاتي فضحنها فجمعتهن عندها، وأخرجت يوسف عليهن: «فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ ... فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ (يوسف:31).
مهدي خليل
العدد 4956 - الجمعة 01 أبريل 2016م الموافق 23 جمادى الآخرة 1437هـ