العدد 4956 - الجمعة 01 أبريل 2016م الموافق 23 جمادى الآخرة 1437هـ

الطبيبة الأم رانيا كايد: طفلي سبب إصراري على النجاح بين الأمومة والعمل

رانيا كايد
رانيا كايد

عندما تكون هناك قصة نجاح، فإن ما تتميز به من قصة ناجحة تلك الطبيبة التي مزجت معاني الأمومة مع تجربتها الإنسانية، فالطبيبة البحرينية رانيا كايد المتخصصة في أمراض جلدية وتجميل، تحدثت لنا في حوار، عن تجربتها في التعامل مع ابنها المصاب بالتوحد. فحول معاني الأمومة ومعاناة علاج الابن ورحلة إثبات الذات تحدثنا كايد عن هذه التحديات التي قد تواجه أية إمرأة في المستقبل، وفيما يلي نص المقابلة:

حدثينا عن تجربتك كطبيبة وأم لابن مريض بالتوحد؟

- يعتبر ابني ياسين أصغر أبنائي وعمره 10 سنوات. فمنذ فترات الحمل كانت تحصل لي مشاكل، ولكن للأسف الأطباء لم يكن لديهم إنتباه لهذا الموضوع. وبعد الولادة أحضرت أخصائيّاً وأخبرني بأن ابني طبيعي.

وحين بلغ شهره الثامن، بدأت ألاحظ بأنه مختلف عن إخوانه. ونبهتني أختي لسلوكه كونها متخصصة في علم نفس وذوي الاحتياجات الخاصة. فدفعني ذلك لتشخيصه وفي نفس الأثناء كنت بالخارج لعلاجه من مشكلة في النخاع. وحينها عرضته على متخصص طب نفسي، وقال بأن ابني يعاني من التوحد وكان عمره سنتين.

وعند عودتي إلى البحرين، عرضت التقرير الذي يثبت بأن ابني يعاني من التوحد بنسبة 100 في المئة، للأسف لم يتم توثيقه لدى الجهات المعنية، وطلبوا مني تشخيصاً جديداً، وعند ظهور التقرير أثبت أن لديه تخلفاً عقليّاً، ولكن لم أستسلم بفضل الله سبحانه وتعالى، فأدخلته المدرسة وهو متميز الآن ويتحدث 5 لغات.

هناك بعض الأمهات، يخجلن أو يخفين أبناءهن المصابين بالتوحد، ما رأيك؟

- أول ما علمت بتوحد ابني أصابتني ردة فعل قوية بأنني المذنبة ووصلت لمرحلة لا أريد التحدث مع أي شخص خوفاً من اللوم. لكن فكرت كثيراً بأن ابني في حالته الخاصة هذه سيكون بأمس الحاجة لي ولإخوانه من حوله. فبدأت اتقبل ما قدره الله لنا، في حينها شعرت بأن المجتمع يحتاج التثقف عن التوحد، فالكل ينظر عندما أخرج مع ابني لسلوكه معي وكيف يكلمني بالإشارة وبنظراتهم استغراب وهذا شيء غير مقبول. فالمجتمع يحتاج لمزيد من التثقيف والوعي.

بماذا تنصحين لامتلاكك تجربة لابن مصاب بالتوحد؟

- نصيحتي لكل أم أو شخص، عندما يصاب أحد أفراد من العائلة بأي مرض كان، فنحن لسنا مذنبين. فهذا قضاء وقدر ويجب عليك أن تكون قوياً جداً وتواجه المرض بوعي، فيجب على كل أم أن تتسلح بالقوة لكي تقف أمام هذا المجتمع وتقوم بتوعيتهم وتثقيفهم.

إضافة لذلك، يجب علينا أن نقرأ ونوعي أنفسنا ونثقفها، كما ان تغذية الطفل تلعب دوراً كبيراً، فاكتشفت بأن بإمكاني قلب سلوك ابني 180 درجة فقط من إطعامه شيئاً خاطئاً ولا يتناسب معه كالشوكولاتة مثلاً.

(أتمنى لو أنك تعرف)، عبارة عبرتِ بها عبر حسابك على موقع التواصل الاجتماعي «الإنستغرام» تودين من ابنك ياسين إكمالها، فماذا في ودك أن تسمعي منه؟

- تنهدت. ثم قالت بغصة «هذا شيء يؤلمني ويحز بخاطري» بأن ياسين يرغب في التواصل معي وهو تواصله جداً قليل (....). التزمت الصمت ثم واصلت، لا أستطيع أن أتخيل احتضانه لي، فإنه يعني لي (أتمنى لو أنه يعرف) كم يعني لي هو بحياتي وكم غيّرها، (أتمنى لو أني أعرف) كم يحبني هو وأراها في تصرفاته كل يوم.

حلم الطفولة

ما هو حلم طفولتك؟

- ابتسمت فرحة، نعم، هذا هو حلم الطفولة قد تحقق. أتذكر من أيام دراستي في الروضة أنني كنت أمتلك هذا الحلم أن أكون طبيبة. حلمي هذا سببه الأساسي يعود لوالدتي، حين كنت مغرمة بتربية القطط أصابتني حساسية، فحرمتني والدتي من الإقتراب منها واشترطت أن يكتشفوا حلاً أولاً لهذه المشكلة فأجبت أنني سأكون طبيبة جلدية لأكتشف العلاج.

كيف توازنين بين وظيفتك التي تحتاج لوقت وجهد وواجباتك كأم؟

- التوازن جداً صعب، لكني أحاول قدر الإمكان أن أتواجد في اللحظات التي يحتاجونني فيها كاليوم المفتوح لمدارس أطفالي. كما انني أستيقظ مبكراً جداً لأوصلهم بنفسي لمدارسهم جميعهم قبل ذهابي للعمل.

وعند رجوعي من العمل، أحاول أن أقضي يومي بالكامل معهم. ويعتبر يوم الجمعة (يوماً مقدساً) بالنسبة لي، فأقوم بعمل الطبخ، كما أن أبنائي متفهمون لوضعي، وخصوصاً أن الأم والأب طبيبان فاعتادوا ذلك.

تعملين حالياً في مركز «أوباجي» في الخبر بالسعودية، هل يؤثر عملك في الخارج على التزاماتك العائلية؟

- يحزن قلبي هذا، وخصوصاً عندما يتصلون بي المدرسة لإخباري بأن أحد أبنائي مريض أو يحتاج شيئاً ولا أتمكن من الحضور. لكن هناك أشياء تصلح أشياء أخرى، فصحيح أن وقت العمل أصبح أطول وأنا خارج البحرين ولكن الحمدلله الوضع المادي أفضل فبذلك أستطيع مساعدتهم أكثر فيما يطلبونه وأقف معهم، وخصوصاً أن ابني الأكبر مقبل على الدراسة الجامعية وهذه مرحلة ليست سهلة.

تواجدك على وسائل التواصل الاجتماعي، هل تجدينه مفيداً بالنسبة لتجربتك؟

- هناك مواقف جميلة عدة في وسائل التواصل. أكتب معلومات تصل لناس كانوا بحاجتها فتزيد رغبتهم بالتواصل معي، وخصوصاً أنهم يحبذون طريقتي في الكتابة فهي قريبة ومريحة لهم.

أما كانتشار، فإن مواقع التواصل الاجتماعي تساعد على شهرة الطبيب وبث ما يقوم به من عمل، ولكن هدفي الأساسي من وراء التواصل هو التثقيف وبالخصوص بالأمراض الجلدية، فالكثير يفتي بها من دون دليل علمي وهذا ما كان يزعجني.

ما هي المشاريع التي تقترحينها وتريدين الدعم من الدولة؟

- اقترحت على وزارة الصحة أن نقوم بعيادة جلدية متنقلة، فحلم حياتي أن تتواجد شاحنة متنقلة لعلاج الأمراض الجلدية، وخصوصاً أنها لا تحتاج لأجهزة للتشخيص بل للنظر أكثر وأدوات مختبرية. وتتنقل هذه العيادة من قرية لأخرى أو بطريقة أخرى تتنقل بين المدارس لتوعية الطلبة.

سر النجاح

كرمت لدعم برامج التوعية والتثقيف في البحرين، وقمت بعدة ندوات ومؤتمرات، إلى أين يأخذك طموحك في المستقبل؟

- أسعى لأن أواصل وأتقدم أكثر، متوقعة مشاركة أكبر للتثقيف والتوعية عن الأمراض الجلدية. وأن أعمل شيئاً خاصاً يجمع الأمراض الجلدية والتوحد معاً، فحلمي أن أدمج الشيئين، وخصوصاً أن شهر أبريل/ نيسان المقبل هو شهر التوحد.

أتمنى عمل شيء مميز في هذه الأشهر، كما أتمنى عمل شيء يخص طلبة المدارس لمصابين بحب الشباب مثلاً ليبدأ العلاج في العمر المناسب.

العدد 4956 - الجمعة 01 أبريل 2016م الموافق 23 جمادى الآخرة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً