نبَّه العلماء المجتمعون في المؤتمر الحادي والعشرين حول الايدز في جنوب إفريقيا إلى أنه من المستحيل معرفة ما إن كان ممكناً التوصل إلى علاج لهذا المرض ومتى، غداة تحذيرات إزاء خطر تبدد مواضع التقدم المحرز في مكافحة هذا الوباء الذي لايزال يصيب 2,5 مليون شخص سنويّاً.
واجتمع 18 الف مشارك يمثلون مختلف دول العالم في مؤتمر في دوربان (شرق)، حيث تعرض حتى يوم الجمعة آخر التطورات في مجال مكافحة هذا المرض الذي اودى بحياة اكثر من 30 مليون شخص خلال 35 عاما.
وكانت مجموعة «سيد» الدولية التي تضم باحثين حول المرض، كشفت الاسبوع الماضي عن المحاور التي تشكل الاولوية في تحسين الادوية التي تودي لا إلى مقاومة المرض فحسب، بل للشفاء منه تماماً.
لكن عددا من العلماء المجتمعين في دوربان لفتوا الى ان الابحاث في هذا المجال مازالت في بداياتها.
وقالت الباحثة المتخصصة شارون لوين «العلاج التام هو هدف نطمح اليه»، وهو يعني ان يصبح المصاب متمتعا بصحة جيدة من دون الحاجة الى تناول دواء بشكل متواصل.
وكان المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالإيدز ميشال سيديبيه اعرب عن «الخوف» ازاء البطء في مكافحة المرض، مشيراً خلال افتتاح مؤتمر دوربان الاثنين إلى أن «العالم عليه مواجهة اولويات متضاربة، وخصوصاً الإرهاب وأزمة المهاجرين (...). للمرة الأولى، أرى تراجعاً في تمويل البلدان المانحة» في مجال مكافحة الايدز.
وقال «أنا خائف لانني أرى عدداً أكبر من الشابات اللواتي يصبن» بالمرض، مضيفاً «إذا ما استمررنا على هذا المنوال، لن نتمكن من القضاء على الايدز بحلول سنة 2030» وهو الهدف المحدد من جانب الامم المتحدة.
ولفت إلى أن «الخطر يكمن في عودة تفشي الوباء».
وتلقى هذه الرسالة دعماً من المشاركين في مؤتمر دوربان الذي يحضره حوالى 18 الف عالم وناشط وسياسي وجهة ممولة وشخصيات من مجالات مختلفة، بينهم الأمير هاري والمغني التون جون والممثلة الجنوب إفريقية شارليز ثيرون.
من ناحيتها شددت جمعية «ايد» غير الربحية الفرنسية المعنية بمكافحة مرض الايدز، على ضرورة الا يؤدي التقدم المسجل خلال السنوات الاخيرة الى «اخفاء الحقيقة» في وقت يعيش 37 مليون شخص حاليا مع فيروس الايدز بأكثريتهم في افريقيا جنوب الصحراء.
وتشير منظمة «ايد» الى ان «مئة الف شخص يموتون شهريا جراء الايدز كما أن 160 الف شخص يصابون به»، منددة بوجود «فوارق اجتماعية غير مقبولة» بين البلدان الغنية والفقيرة.
من جهته أكد رئيس الجمعية الدولية حول الايدز كريس بيرر «أننا إذا لم نقم بالخيارات الاستراتيجية السليمة فإننا قد نشهد زوالاً للمكاسب التي تحققت بعد جهود مضنية».
2.5 مليون مصاب سنوياً
وقد أظهرت دراسة نشرت أن حوالى 2,5 مليون شخص لا يزالون يصابون بفيروس «اتش اي في» المسبب لمرض الايدز في العالم سنوياً، وهو رقم يشهد ثباتا مقلقا منذ عشر سنوات.
وقال هايدونغ وانغ من معهد القياسات الصحية والتقييم في جامعة واشنطن بمدينة سياتل الاميركية، وهو المعد الرئيسي للدراسة إن هذا التحليل الجديد يعطي «صورة مقلقة عن البطء في التقدم» المسجل للحد من الاصابات الجديدة بفيروس «اتش اي في».
وقد نشرت نتائج هذه الدراسة في مجلة «ذي لانست اتش اي في» لمناسبة انعقاد المؤتمر الدولي حول الايدز في دوربان، وذلك بهدف تقييم التقدم المسجل في محاربة هذا الوباء.
وتظهر الدراسة ان العدد السنوي للاصابات الجديدة بقي ثابتاً نسبياً - حوالى 2,5 مليون إصابة سنوياً - أي ما يقرب من سبعة آلاف إصابة يومياً في العالم خلال السنوات العشر الاخيرة، بعد فترة من الازدياد السريع بين 1997 و2005.
هذا الثبات قد يشكل عاملاً سلبياً، إذ إنه يترافق مع الضعف في مجال تمويل برامج مكافحة فيروس «اتش اي في» بحسب الخبراء.
ولفت مدير معهد القياسات الصحية والتقييم في جامعة واشنطن كريستوفر موراي الى انه «بنتيجة ذلك، ثمة حاجة الى زيادة كبيرة في جهود الحكومات والمنظمات الدولية لتوفير مبلغ الـ36 مليار دولار المطلوب سنوياً لتحقيق الهدف بالقضاء على الايدز بحلول سنة 2030».
وخلال السنوات الخمس عشرة الاخيرة، وفر المجتمع الدولي في المجموع 110 مليارات دولار لمكافحة الوباء بحسب معدي الدراسة.
وهذه المرة الثانية التي تستضيف فيها دوربان المؤتمر الدولي بشأن الايدز الذي يقام مرة كل سنتين.
ففي سنة 2000، شهدت هذه المدينة الافريقية المطلة على المحيط الهندي منعطفاً تاريخياً على صعيد مكافحة الوباء مع النداء المؤثر الذي وجهه الرئيس الجنوب الافريقي الراحل نلسون مانديلا لتوفير القدرة على الوصول إلى العلاجات بالمضادات الفيروسية لجميع المرضى.
العدد 5067 - الخميس 21 يوليو 2016م الموافق 16 شوال 1437هـ