تناولت الصحف العربية والعبرية في تحليلاتها واخبارها ومقالاتها سلسلة ملفات تناولت القضايا الساخنة وتركزت على سورية واحتمال توجيه ضربة عسكرية لها قبل العراق اذا واصلت دعمها لحزب الله اللبناني.
كانت دمشق محطة لزيارة مسئولين من الولايات المتحدة وايران والعراق. وكرر الرئيس السوري بشار الاسد رفض بلاده لأي عدوان عسكري على بغداد، داعيا الدول العربية والاسلامية الى التضامن. وجاء كلام الاسد، الذي اكد على ان الظروف التي تمر بها المنطقة «حساسة ومعقدة للغاية»، خلال استقباله مساعد وزير الخارجية الايرانية محمد الصدر. كما جاء في وقت استقبلت فيه دمشق وزير الخارجية العراقي ناجي صبري. كما استقبلت العاصمة السورية مساعد وزير الخارجية الاميركية ديفيد ساترفيلد الذي يقوم بجولة في المنطقة. في حين جاء لافتا عدم استقبال الرئيس الاسد لساترفيلد أكد الاخير ان ليس هناك موعدا محددا معه. ورأى مراقبون ان عدم استقبال الاسد لساترفيلد مرتبط بما روجت له وسائل الاعلام الاسرائيلية من ان المبعوث الاميركي يحمل رسائل تهديد وتحذير اسرائيلية واميركية شديدة اللهجة الى سورية.
ويذكر ان الصدر رفض الربط بين زيارته وبين عملية المقاومة في شبعا، واشار الى ان تهديدات بن اليعازر لكل من سورية وايران لم تكن في صلب مباحثاته مع الشرع، معتبرا ان ليس في الامر «أي جديد». ورأى عبدالباري عطوان في (القدس العربي) التي تصدر في لندن ان كل التحركات الاميركية الراهنة توحي بوجود نزعة عدائية متضخمة لإفقار العرب وإذلالهم، ولا احد يتحرك. فالرئيس حسني مبارك، يحسب عطوان، اكتفى بالتحذير من خطورة الحرب، أما السعودية فاعلنت انها لن تسمح للقوات الاميركية باستخدام قواعدها لضرب العراق، بينما مازالت الحكومة السورية تعطي اشارات غامضة لا يفهم منها انها ستكون في الخندق العراقي في مواجهة أي عدوان. ولعل الموقف الايراني هو الاغرب والاكثر استعصاء على الفهم، فالرئيس خاتمي يؤكد ان بلاده تعارض العدوان الاميركي، ولن تقف على الحياد اذا وقع، ولكنه يؤكد ان بلاده لن تقف الى جانب العراق. اذن اين ستقف في هذه الحالة؟
الصحف الاسرائيلية تشن حملة على سورية
شهد لبنان تداعيات قضية ابعاد الولايات المتحدة للفلسطيني مازن النجار إلى بيروت، في طريقة اعتبرها رئيس مجلس النواب نبيه بري «قرصنة أميركية» و «بروفة» تشجع اسرائيل في مشروعها لابعاد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وحمّل الحكومة اللبنانية مسئولية ما وصفه بـ «المؤامرة على الاستخفاف بكرامة لبنان».ويذكر ان الرئيس بري، وزع تقريرا مترجما كتبه المراسل في صحيفة «تامبا تريبيون» الاحد 25 اغسطس/ آب مايكل فيشتر، يروي تفاصيل وصول النجار إلى بيروت، وقال ان هذا «يعطيكم فكرة كم ان القضية مشغول فيها إذ يقولون انه جرت مفاوضات على مدى خمس وعشرين ساعة في روما حتى وافقت الدولة اللبنانية». ورأى سمير عطاالله في صحيفة «النهار» اللبنانية ان الفلسطيني مثل اسطورة «الهولندي الطائر» لا يجد ميناء يرسو فيه سواء كان مبعدا أو زائرا والخوف من ان تجد اسرائيل في ذلك سابقة تحتذيها لنفي أبوعمار، إذ ان لبنان بالنسبة إليها ليس سوى «مرج الزهور» ترسل إليه الذين تخافهم ولا يخافونها. وخلص عطاالله إلى انه في اي حال «لن يأتي أبوعمار إلى لبنان مبعدا، ألم يصرح مرتين انه حكم لبنان 15 عاما». إلى ملف ابعاد النجار بملف الجنوب اللبناني، ففي أول عملية له منذ أربعة اشهر، ضرب حزب الله في مزارع شبعا مجددا، مستهدفا موقعين للاحتلال الاسرائيلي في مزارع شبعا المحتلة، محققا فيهما اصابات مباشرة اسفرت عن اصابة ثلاثة جنود اسرائيليين بجروح واحد منهم اعلنت وفاته لاحقا.
وهددت اسرائيل على لسان وزير دفاعها سورية ولبنان بعد العملية محذرا من انهما يلعبان بالنار. ويتزامن هذا التطور مع اقتراب زيارة ساترفيلد، إلى بيروت، اعتبر بن أليعازر بعد تشاور اجراه مع الاخير (بحسب التلفزيون الاسرئيلي) العملية «استفزاز سورية لإسرائيل»، بينما اعتبرت القيادة الشمالية في الجيش الاسرائيلي انها غير معنية بالرد. لكن الحكومة الاسرائيلية المصغرة ما لبثت ان عقدت اجتماعا خاصا لبحث تطورات الوضع على الحدود مع لبنان. ولبحث التدابير التي ينبغي اتخاذها بعد الهجوم الاخير الذي شنه رجال المقاومة على مواقع الاحتلال في مزارع شبعا المحتلة. وذكرت وسائل الاعلام الاسرائيلية، الى ان اجتماع الحكومة المصغرة اهتم ايضا بمناقشة اجراءات عملياته سوف تنتهجها اسرائيل في حالة الضرورة. كما لفت إلى ان حكومة آرييل شارون ارسلت عبر الاميركيين رسائل إلى كل من الحكومتين السورية واللبنانية، وكذلك إلى حزب الله تحذر فيها من انها لن تقبل محاولات التصعيد في المنطقة. ونقلت جيروزاليم بوست، عن مصار أمنية اسرائيلية بعثت تهديد الى كل من سورية ولبنان عبر الاميركيين، تفيد أن اسرائيل لم تعد تتحمل استفزازات حزب الله في الجنوب مطلقا. ونقلت معاريف، عن ضابط اسرائيل كبير، قوله: «حزب الله اعتاد تنفيذ عمليات تمويه يجذب بالنيران الانظار إلى جهة فيما ينفذ هو عمليته الاساسية». وقال انه «اثناء الحادث حاول الحزب تنفيذ عملية تسلل إلى داخل الاراضي الاسرائيلية من القطاع الغربي». واشار إلى ان اسرائيل تعلمت نمط سلوك الحزب و«لذلك عند بدء اطلاق النار في مزارع شبعا اعلنا حالة التأهب على طول الحدود». ونقلت صحيفة «الحياة» الصادرة عن لندن عن مصادر دبلوماسية أوروبية في بيروت «ان العملية تهدف إلى توجيه رسائل سياسية متعددة تتجاوز الساحة المحلية إلى الساحتين الاقليمية والدولية، وابرزها التأكيد على ان ورقة المقاومة لم تنته بعد وان التهدئة كانت ضرورية لتمرير موسم الاصطياف في لبنان ليعاود نشاطه المقاوم، وإنما هذه المرة في حدود مفتوحة على التطورات المتلاحقة في المنطقة».
ونبقى مع المواقف الاسرائيلية ووسط زوبعة اعلامية ضد سورية وتهديدات عسكرية تصعيدية، أعلن نائب وزير الدفاع الاسرائيلي شالوم سمحون، ان «هذه الايام هي افضل ظروف مناسبة لأن توجه اسرائيل ضربة عسكرية للقوات السورية في لبنان وحزب الله أيضا». ورأى جيرالد ستينبرغ في (جيروزاليم بوست) انه في الوقت الذي تتجه فيه واشنطن لتغيير النظام في بغداد فإن اسرائيل قد تقوم بعمل مماثل ومفاجئ ضد سورية اذا استمرت الاخيرة في دعم حزب الله وغيره من المنظمات «الارهابية». ولم يكتف ستينبرغ، بإيراد التقارير التي تزعم أن عناصر من تنظيم «القاعدة» موجودون اليوم في سورية بل لفت إلى ان قبضة الرئيس الاسد على الحكم في سورية مازالت ضعيفة، كما ان الجيش السوري يفتقد إلى التكنولوجيا الحربية وقطع الغيار والذخيرة. لذلك فإن أي عمل عسكري ضد سورية سوف يؤدي إلى اسقاط النظام، الامر الذي سيؤدي حتما إلى حملة انتقام واسعة ضد الاقلية الحاكمة التي قتلت عشرات الآلاف من السوريين.
وكان ستينبرغ، اكد في سياق مقاله ان سورية عززت ترسانتها العسكرية بالصواريخ البالستية من كوريا الشمالية، والاسلحة الكيماوية وربما البيولوجية! في أي حال لفت ابراهيم بيرم في صحيفة (النهار) إلى ان حزب الله يقرأ في طيات وبين سطور المرحلة الجديدة في المنطقة ان الاسرائيليين غير قادرين على القيام بأي رد فعل واسع على أي عملية ضدهم في الجنوب وخصوصا ان المراقبين لتوجه الحزب باتوا يدركون انه كلما تفاقمت الاوضاع في المنطقة وارتفعت وتيرة الضغوط الاسرائيلية والاميركية كان ذلك سانحة له ليكون حاضرا اكبر وفاعلا اكثر وتهاوت امامه المحاذير والخطوط الحمر والمعادلات الصعبة التي تغل يديه احيانا.
من جهة أخرى، زعم زئيف شيف في (هآرتس)، ان دمشق سمحت لحوالي 200 ناشط من تنظيم «القاعدة» بالدخول إلى مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في لبنان. وهناك أدلة كثيرة تظهر ان سورية سهلت عملية تحرك ناشطي القاعدة قبل احداث 11 سبتمبر/ ايلول... متسائلا عما كان يفعله قائد الهجمات محمد عطا، في سورية؟ إذ ان التقارير تؤكد انه زار حلب، على رغم عدم وجود المعلومات عن الجهة التي التقاها هناك. ولكن المعلومات تؤكد انه زار دمشق مرتين وربما ثلاث مرات. وبقي محل اهتمام الصحف والمراقبين «قانون محاسبة سورية» الذي حدد له الكونغرس الاميركي، موعدا لمناقشته في 12 سبتمبر المقبل، فلفت جوزف سماحة إلى السيناريو الذي يعيشه العماد ميشال عون، الذي يغادر باريس إلى الولايات المتحدة ليواكب المناقشة الخاصة بـ «قانون محاسبة سورية»، يغادر متوعّدا. ذاهب للتأكد من «ان التغييرات الجذرية التي ننتظرها منذ أكثر من عقدين في المنطقة باتت في متناول اليد الآن «وبما ان الامر كذلك فهو يستعد» للعودة قريبا إلى لبنان بعد وقوع هذه التغييرات التي ستشمل لبنان وسورية بعد العراق حتما، أي انه يرتب الحوادث على الشكل الآتي: حرب اميركية على العراق اولا، تنعكس تغييرا في المنطقة، ينقلب الوضع على سورية» فيصل هو إلى لبنان لاستكمال ما ينتظره منذ عقدين، وخلص سماحة إلى ان الجلسة التي يتوجه عون لمواكبتها سابحا، أراد أم لم يرد، في مياه هذا التيار الذي لا يرى لبنان إلا بمنظار المصلحة الاسرائيلية في صيغتها الشارونية القصوى. وإذا كان الجنرال لا يرى عيبا من الاستفادة من هذه القوى، وإذا كان يريد تمرير نكتة «اللوبي اللبناني» فإن شباب التيار العوني، في لبنان يجب ان يكونوا معنيين برفض الصلة، ولو غير المباشرة، بهذه الاوساط المعادية، واللافت أيضا ان سماحة أرخ وسمى معظم النواب الاميركيين ومراكز الابحاث «الاكثر صقرية في واشنطن»، وعرض سماحة لنماذج مما قد ينتجه «تفاعل» بعض اللبنانيين مع بعض الاسرائيليين بإشراف دانيال بايبس المدعو الى الشهادة في «قانون محاسبة سوريا» الذي يتوجه عن إلى واشنطن للبحث عن صيغة للمشاركة فيه. ومما لفت إليه، هو ان بايبس يشرف على مجلة تعنى بالشرق الاوسط، وشريك في الاشراف على مجلة توزع بالبريد الالكتروني اسمها «النشرة الاستخبارية حول الشرق الاوسط» والشريك الثاني هو «لجنة لبنان الحر في الولايات المتحدة» ممثلة باللبناني زياد عبدالنور. وتضم الهيئة الاستشارية: وائل شهاب، ريمون دبانة، جيل فيلر، جين كيركباتريك، مايكل ليدين، ديفيد ستينمان، ايال زيسر. أي عيّنة اميركية اسرائيلية لبنانية مختارة، فيما اشار نقولا ناصيف في (النهار) إلى ان العماد عون، يدرج الاتصالات التي يجريها في اطار سعيه إلى «كسر التفاهم السوري الاسرائيلي وبرضى اميركي حول لبنان». ونقل ناصيف عن الجنرال عون قوله، ان هذا التحرك الذي يجريه علنا لا يشعره بأي خجل وان مجرد إقرار مشروع «قانون محاسبة سورية» يعني تخلي الاميركيين عن تقديم لبنان إلى سورية.
يذكر ان العماد عون، أكد ان مسألة مشاركته في جلسة الاستماع في الكونغرس متروكة للظروف والاتصالات التي سيجريها و ستجري معه، إلا انه حتما سيكون سواء حضرها أم لم يحضرها، قريبا منها ومطلعا على دقائقها وخصوصا على شهادات مسئولين اميركيين في الادارة تتعلق بنظرتهم إلى الحال السورية الراهنة في ضوء ما حصل منذ 11 سبتمبر. وأضاف ان التغييرات الجذرية التي ننتظرها منذ اكثر من عقدين في المنطقة باتت في متناول اليد الآن، وإنني استعد للعودة قريبا إلى لبنان بعد وقوع هذه التغييرات التي ستشمل لبنان وسورية بعد العراق حتما. وغير بعيد عن الاتهامات الاسرائيلية لسورية ولبنان وحزب الله، تناول رئيس مجلس النواب في خطاب لمناسبة ذكرى غياب الامام موسى الصدر مشروع «محاسبة سورية» المطروح أمام الكونغرس الاميركي وقال: ان «بعض اللبنانيين في الخارج يلعبون دور حصان طروادة نحو سورية». وذكر هؤلاء ان «خيانة سورية هي خيانة للبنان». وقال: ان «سورية هي الامتداد للإدارة الوطنية اللبنانية وما يجب ان يدركه الجميع هو ان سورية هي الدولة الوحيدة المحيطة بنا ولا حدود أخرى».
كما أعلن الرئيس بري انه تبلغ إنذارا اسرائيليا بعدم استخدام المياه من نبع الوزاني وجرها إلى المنطقة الحدودية. وأضاف: اننا نرفض هذا الإنذار الإسرائيلي وسنواصل عملنا في سبيل تحرير مياهنا وأرضنا
العدد 2 - السبت 07 سبتمبر 2002م الموافق 29 جمادى الآخرة 1423هـ