العدد 22 - الجمعة 27 سبتمبر 2002م الموافق 20 رجب 1423هـ

يوم أخرجت القطة مخالبها... ثلاث مرات

اربعة أو خمسة أفلام فرنسية، على الأقل، أعادت إلى الأذهان، خلال العقود التالية للحرب العالمية الثانية، واحدة من اساطير التجسس والخيانة خلال تلك الحرب. اسطورة تلك المرأة التي عرفت، شعبيا، باسم «القطة». ولم تكن التسمية مجانية، ذلك أن الصور التي بقيت لدينا منها تصورها حقا وكأنها قطة تنظر إلى فريستها بعينين قاسيتين وقد شرعت مخالبها استعدادا للانقضاض عليها.

لكن هذه «القطة» لم تكن قطة حقيقية بالطبع، بل كانت امرأة من لحم ودمّ. ومثلها في هذا مثل العشرات من النساء اللواتي انتسبن إلى عالم التجسس والاستخبارات، كان الغرام هو دربها إلى ذلك العالم.

«القطة» إذن كانت امرأة عاشقة أول الأمر. أما اسمها الحقيقي فهو ماتيلدا كاريه، وكانت في الثانية والثلاثين من العمر في العام 1940. كانت متزوجة وأما، لكنها لم تكن راضية عن حياتها. فحكاية غرام بزوجها كانت قد انتهت منذ زمن... وكانت هي، بعيدا عن التمسك بما يفترض بها ان تتمسك به من مسئوليات عائلية، تحن إلى المغامرة وتجد ان أطفالها عبء عليها... وهي، إذ التقت في ذلك الوقت بالذات بضابط وسيم شاب، يعمل مع أجهزة الاستخبارات البولندية المتحالفة في ذلك الحين مع الأجهزة الفرنسية، وصلت عن طريق ذلك الشاب إلى هذه الأجهزة الأخيرة، لتجد نفسها عاملة مع استخبارات الحلفاء وأجهزة المقاومة الفرنسية، وصار اسمها ميشلين. أما لقب «القطة» فكان ذلك الذي أطلقه عليها رفاقها بسبب نظرتها الحادة وقدرتها على الاغواء، كما بسبب ذكائها الشديد.

عملت ماتيلدا مع المقاومة والحلفاء طوال عام ونيف. ولكن في خريف العام 1921، وإذ كان الخلاف وقع بينها وبين عشيقها البولندي، قادها حس المغامرة من جديد إلى علاقة جديدة، ولكن مع ضابط عميل في الاستخبارات الألمانية هذه المرة. ومثل غيرها، تبعت ماتيلدا، هذه المرة أيضا، فؤادها، فإذا بها تجند لصالح أجهزة الاستخبارات الألمانية... وهي تمكنت، بهذا، من تسليم مئات المقاومين الفرنسيين إلى الجيش الألماني. وإذ كشف أمرها، لم تأبه، بل قررت ان تصبح عميلة مثلثة لا مزدوجة وحسب، فتوجهت إلى بريطانيا، حيث سلمت الاستخبارات البريطانية الكثير من الأسرار والشيفرات العائدة إلى الاستخبارات الألمانية. لكن الانجليز عادوا واعتقلوها إذ أدركوا حقيقتها ثم سلموها إلى الفرنسيين. وفي العام 1949 حوكمت ماتيلدا/ ميشلين، من قبل الفرنسيين وحكم عليها بالإعدام... لكن عفوا رئاسيا حول الإعدام إلى سجن مؤبد. ثم أتى عفو رئاسي ثان ليفرج عنها في العام 1954. وبعد ذلك اختفت آثارها تماما ولم يبق منها سوى صورتها، المبالغ فيها بالطبع، في الأفلام التي حققت عنها، وكان أشهرها فيلم «القطة تخرج مخالبها» من إخراج هنري ديكوان

العدد 22 - الجمعة 27 سبتمبر 2002م الموافق 20 رجب 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً