العدد 57 - الجمعة 01 نوفمبر 2002م الموافق 25 شعبان 1423هـ

معلمو نظام الفصل يرفعون عريضة احتجاج إلى وزارة التربية

التربية ألزمتهم بتدريس التقانة بعد تدريب ثلاثة أيام!

علمت «الوسط» أن عددا كبيرا من معلمي نظام الفصل من مختلف مدارس المملكة يعتزمون التقدم بعريضتي تظلم إلى وزير التربية يشكون فيهما ما يعانونه من ضغوط ومشكلات، وتجري الآن حملة لجمع توقيعات المعلمين الذين يتجاوز عددهم الف معلم. وعبّر أكثر من ثلاثين معلما ومعلمة نظام فصل التقت بهم «الوسط» عن معاناتهم من كثرة الضغوط والأعباء التي قالوا إنها تثقل كاهلهم وتساهم في التقليل من جودة مخرجات نظام معلم الفصل. وأشار الجميع إلى أن الأعباء تتمثل في ارتفاع حجم النصاب (22 حصة أسبوعيا) أي بمعدل خمس إلى أربع حصص في اليوم، بينما لا تتعدى حصص معلمي بقية التخصصات 18 حصة دراسية، وتنوّع المواد التي يدرسونها خصوصا بعد أن ألزمت وزارة التربية والتعليم معلم الفصل مسئولية تدريس مادة جديدة هي التصميم والتقانة. وقد أعلن المعلمون حال الاستياء من هذه المادة، خصوصاً وأنهم لم يؤهَّلوا في الجامعة لتدريس مثل هذه المواد بشكل عملي، وإنما تم تعريفهم بطرق تدريسها نظريا من خلال بعض المقررات في فترة زمنية لا تتجاوز فصلا دراسيا واحدا، في حين ذكروا انهم تم إشراكهم في دورة تدريبية على تدريس المادة مدتها ثلاثة أيام فقط. وأضافوا أن هناك موادَّ أخرى تحتاج إلى معلمات متخصصات كالتربية الفنية التي قالوا إن التلاميذ قد هضم حقهم فيها، مشيرين إلى أن الكثير من معلمي الفصل الرابع الابتدائي يشكون تدهور مستوى الطلبة في هذه المادة. كما قالت بعض المعلمات إنه نتيجة لذلك يقيَّم التلميذ في مادة التقانة بناء على درجاته في المواد الأخرى. ولذلك فهم يطالبون بإسناد مهمة تدريس بعض المواد غير الأساسية كالعلوم والمواد الاجتماعية والتربية الفنية والتقانة إلى معلم آخر متخصص لتخفيف العبء عنهم. وعن الأعباء الأخرى أشاروا إلى مشاركتهم الالزامية في مختلف أنشطة المدرسة من احتفالات ومهرجانات ومعارض، وكذلك في لجان المعلمين التي تنحصر غالبية مهماتها في أنشطة تنظم خارج المدرسة، ومن هذه اللجان لجنة المرور والإرشاد الديني والصحة والسلامة المهنية واللجنة الأكاديمية، وهي مجموعة لجان يشارك فيها المعلمون والمدير والمدير المساعد لتنظيم مشروعات وأنشطة مختلفة على مستوى المدرسة ككل. ولفت المعلمون إلى ارتفاع حجم الأعمال الإدارية المطلوبة منهم كإعداد ملفات التلاميذ وإعداد الأركان التعليمية في البيئة الصفية التي ذكروا أنهم يستهلكون جزءا من موازنتهم الخاصة لإعدادها. إضافة إلى قيامهم بتصحيح حوالي 150 دفترا وكتابا ونشاطا يوميا، اذ يتراوح أعداد الطلبة والطالبات في الفصول بين 30 و35 في بعض المدارس. كما ذكروا انهم يتم تكليفهم بحضور حصص الاحتياط في حال غياب زملائهم المعلمين مما يزيد من الأعباء والمسئوليات التي تثقل كاهلهم. أما نظام التقويم التربوي فقد وصفه المعلمون بالهمّ الأكبر اذ أشاروا إلى ضعف المستوى التعليمي للطلبة بعد تطبيقه وذلك بسبب زيادة الضغط على المعلم واستهلاك طاقته وجهده على حساب عطائه للتلميذ. وذكروا أنهم لاحظوا أن مستوى التلاميذ في السنوات السابقة على تطبيق النظام كان أفضل بكثير من الفترة التي طبق فيها. وأشارت المعلمات إلى أن بعض الكفايات التعليمية التي يتضمنها النظام غير مفهومة، ولذلك تقوم كل معلمة بتطبيقها حسب فهمها الشخصي. وأشار المعلمون إلى أن هذه الأعباء تتضاعف في ضوء التعامل مع التلاميذ في هذه السن المبكرة، اذ يتطلب ذلك من المعلم التحلي بدرجة عالية من الصبر وسعة الصدر وهو ما لا تساعد عليه كثرة الأعباء الملقاة على عاتقه. في حين أشارت المعلمات في مدارس البنين إلى أن معاناتهن أكبر لتعاملهن مع التلاميذ، اذ قلن إنهن يبذلن في تعليمهم مجهوداً مضاعفاً مقارنة بالمجهود المطلوب لتعليم التلميذات. وناشد المعلمون والمعلمات عبر «الوسط» وزارة التربية والتعليم مراعاة الحالة النفسية للمعلم والتي من شأنها أن تعيق تحصيل الطالب العلمي بسبب الضغوط التي يتعرض لها. متسائلين عن سبب إلقاء هذه المسئوليات على عاتق معلم الفصل دون غيره من المعلمين في بقية التخصصات. وناشدوا المسئولين مراعاة راحتهم النفسية والجسدية ليتمكنوا من العطاء بمستوى أفضل. اذ أن ذلك يسهم - كما قالوا - في رفع كفاءة النظام التعليمي في المملكة ويصب في مصلحة المعلم والتلميذ على حد سواء.

التربية حين تواصل توسعها في تجربة متعثرة!

الوسط - المحرر التربوي في مطلع العام الدراسي 1999 - 2000 بدأت وزارة التربية والتعليم في إدخال مادة التصميم والتقانة كمشروع تجريبي في أربع مدارس ابتدائية في الحلقة الأولى من التعليم الأساسي (الفصل الثاني)، وذلك بالتعاون مع (اليونسكو) و(اليونيديب) وجامعة سندرلاند البريطانية كمؤسسة استشارية وتدريبية وبكلفة تجاوزت مليون ونصف مليون دينار. توسعت التربية في المشروع للعام الجاري ليشمل 100 مدرسة ابتدائية من مجموع 104 مدارس، تعلم 63 الف تلميذ وبحلول العام الجاري سيشمل المشروع مدارس المرحلة الابتدائية جميعها، على رغم ان المملكة المتحدة ذاتها - وهي صاحبة المشروع - لم تعمّمه بعد على مدارسها ولاتزال تخصصه للتجريب والتعديل والدراسة. ٭ تؤكد الوزارة بمناسبة ومن دون مناسبة سعيها إلى تجويد التعليم وإعادة اختراع العجلة من جديد، وتبنت هذا المشروع التجريبي الذي لم تثبت جدواه عالمياً من دون ان توفر له الحد الأدنى من شروط النجاح لضمان عدم تعثره، ففي حين يهدف هذا المشروع في أدبياته المثالية التي لا تتجاوز الورق إلى أن: «تعتمد مادة التصميم والتقانة في بنائها على أربع محاولات رئيسية هي: التصميم والانتاج والتخطيط والتقويم، بالإضافة إلى المعرفة والفهم، وبحيث يراعى في تناول هذه المجالات عمر المتعلم ومستواه الذهني، يجب الأخذ بالفروق بين المتعلمين (تلاميذ الابتدائية) في الفصل الواحد»، لا توضح التربية، (التي تصرّ على ضرورة القاء الضوء على انجازاتها!)، كيف يمكن لمعلم الفصل الذي يتحمل عبئاً مدرسياً يبلغ خمس حصص يومياً ان يلاحظ الفروق الفردية بين تلاميذ فصل بعينه لا يقل عدده عن 30 تلميذاً! وبعيداً عن أدبيات التربية حول مادة التقانة التي تلجم في بهرجتها اللغوية رجل الشارع فلا يعود يقوى على المناقشة، نوضح ان مادة التقانة التي تجاوزت كلفة ادخالها كمادة تعليمية نحو مليون ونصف المليون دينار تتلخص في تدريب تلاميذ الابتدائية على استخدام المقصات والأصماغ لتصميم أشكال ورقية كالساعة مثلاً في محاولة لربط الطالب بقيمة الوقت! ٭ تلميذ اليوم في البحرين الذي يقتني هاتفاً نقالاً ويفرق في ألعاب الحاسوب الالكترونية ويتنقل بين عشرات الفضائيات التلفزيونية تريد ان تقنعه وزارة التربية بقيمة الوقت باستخدام المقص والصمغ والورق! وزارة التربية التي تفاخر انها الدولة العربية الوحيدة التي تطبق هذا المشروع، لا تجيبنا لماذا لا تطبقه أية دولة عربية أخرى طالما انه يتمتع بهذه المميزات المذهلة التي دعت لبنان - وهي ثاني دولة عربية تطبقه - إلى دراسة العدول عن تجربة تطبيقه؟ ٭ التربية وهي تؤكد على رعاية الموهبة وتنمية الابداع لدى الطلبة لا تجيبنا ما هي خطورة استخدام المقصات واستنشاق الأصماغ واستخدام أدوات حادة كالسكين من قبل أبنائنا التلاميذ في الصفوف الثاني والثالث والرابع الابتدائي، بل والخامس والسادس، خلال حصة التقانة، خصوصاً مع رقابة معلم انهك بخمس حصص يومية متنوعة في مختلف العلوم؟ ٭ التربية التي تفاخر بأنها وزارة الدراسات والبحوث التربوية لا تجيبنا ماذا فعلت بتوصية الوفد الطليعي الذي أرسلته إلى جامعة سندرلاند لنقل تجربة مادة التقانة بخصوص تأكيدهم على ضرورة إفراد معلم خاص مؤهل لتعليم هذه المادة؟ (وليس معلمين تم تدريبهم لمدة ثلاثة أيام فقط)، أو استحداث وظيفة معلم مساند لمعلم الفصل (وهذه التوصية الأخيرة تسهم في حل مشكلات المعلمين المتعطلين، بالإضافة للاسهام بحق وصدق في تحسين التعليم). وللعلم فإن المملكة المتحدة تعتمد معلماً مسانداً في مدارسها التي تطبق التجربة لهذه المادة. لا أحد يطلب من التربية أكثر من واجبها تجاه مجتمعها، لا أحد يطلب من التربية مثلاً ان تتحول إلى وزارة تشغيل العاطلين، بل يطلب الجميع ان تكون وزارة التربية بالفعل وزارة للتربية والتعليم، لا وزارة للإعلام المطبّل الذي يقوده معلم فصل.

مفارقات إعلام التربية في التعتيم على الأحداث

الوسط - المحرر السياسي

تعتب وزارة التربية والتعليم دوما على «الوسط» انها لا تنصفها - حسب أعراف الصحافة - بأن تسعى لاستقاء وجهة نظرها فيما ينشر عن اختصاصاتها، غير ان «الوسط» تسعى بكل اخلاص الى تقديم وجهة نظر متكاملة عن الحدث المحلي، وضمن ذلك السعي محاولاتنا المستمرة للاتصال بجهاز الاعلام والعلاقات العامة بوزارة التربية لتسجيل وجهة نظرها عن أي من الموضوعات الصحافية المعنية بها. وفيما يتعلق بهذا الموضوع تحديداً سعينا عشرات المرات الى الاتصال بمدير الاعلام بالوزارة فريد أحمد حسن، على هاتفه النقال - ليس الشخصي بل الرسمي الذي زودته به الوزارة لاداء مهماته الوظيفية - غير انه لم يرد على رغم معرفته برقم هاتف الصحيفة. وسعيُنا لتسجيل وجهة نظر مدير الاعلام وجيه لسببين الاول انه مدير الاعلام والثاني كونه خريج تخصص معلم الفصل في جامعة البحرين وهو على هذا خير من يعرف معاناة زملائه من معلمي الفصل، وحين يئسنا من استجابة مدير الاعلام حاولنا الاتصال بمستشار الوزير لشئون الاعلام نبيل العسومي. وأيضا اتصلنا به لسببين وجيهين، كونه مستشاراً اعلامياً (خريج حقوق) وكونه معلماً سابقاً لمادة الآلة الكاتبة، ومثله مثل زميله لم يرد جوابا على اتصالاتنا المتكررة. مدير الاعلام التربوي كان أبلغنا الاسبوع الماضي انه غير مصرح له بالتصريح الى «الوسط». وعلى رغم ذلك تطالبنا التربية بأخذ وجهة نظرها! فإذا كان مدير الاعلام والمستشار الاعلامي غير مصرح لهما بالتصريح للصحافة فمن يا ترى يصرح له؟ وليس الأمر غريباً على «التربية»، فهي التي ارسلت رسالة قبل فترة تلغي فيها جميع اشتراكات «الوسط» وعددها 42 نسخة يوميا. وعند الاستفسار اجاب بعضهم بأن هذه «أوامر وزارية عليا» لان «الوسط» تنشر وجهات النظر المتعددة بينما تعودت «التربية» ان ما ينشر في أي صحيفة محلية انما يكون صادرا من احد موظفيها فقط!

العدد 57 - الجمعة 01 نوفمبر 2002م الموافق 25 شعبان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً