العدد 58 - السبت 02 نوفمبر 2002م الموافق 26 شعبان 1423هـ

في «Blood Work» كلينت ايستوود هو نفسه قديما والآن وإلى الأبد

كلينت ايستوود بدأ يشيخ وهو يعرف ذلك وما لا يفهمه فقط هو لماذا ينبغي أن يكون لذلك أي أهمية.

في فيلم «Blood Work»، وهو فيلمه الثالث والعشرون كمخرج والرابع والأربعون كنجم، يلعب ايستوود دور مريض يحمل في صدره قلبا مزروعا. ولكن لا تتوقع من هذا المعشوق السينمائي البالغ من العمر 72 سنة أن يعالج حقائق الشيخوخة والمرض بطريقة نزيهة ومؤثرة لئلا تخيب آمالك بسرعة.

يلعب ايستوود دور تيري ماكالب ضابط الـ «. بي. آي» المتقاعد الذي يتبع نظاما صحيا صارما ضروريا للحؤول دون رفض جسمه للقلب الجديد الذي تلقاه. إلاّ أن ذلك مجرد عنصر إزعاج في سعيه لحل لغز جريمة قتل.

إنه بالتأكيد يحتاج إلى أخذ غفوات في فترات منتظمة وابتلاع 34 قرص أدوية ذات آثار جانبية غير معروفة يوميا، ولكن في المحصلة النهائية مثل هذه التفاصيل لا تهم في «Blood Work»، فهو لا يزال الشرطي الذي يرعب السفاحين.

وامتناع ايستوود عن تصحيح شخصيته النجومية هو نقمة ونعمة في آن واحد بالنسبة للفيلم. فلو صنع الفيلم بأيدي مخرجين آخرين لجاء عاقلا وانتقاديا أكثر للبطل ومركزا مدة أطول على محنته الجسدية وعلى عبثيته عندما يتراكض ممسكا بمسدس أو يهرب من أمام سيارة مسرعة، فيما ينبض قلب جديد حسّاس تحت قفصه الصدري الذي يحمل قطب العملية الجراحية.

ولكنّ الفيلم نجح تماما كقصة مغامرات اعتيادية تحديدا، لأن ايستوود يتناول في الفيلم الأوجه النفسية والفيزيولوجية. إنه يتعامل مع النص السينمائي الذي كتبه برايان هيلفلاند - اقتباسا من رواية دسمة من تأليف مايكل كونيللي - بأسلوبه المباشر المعهود. ولا شيء عثرة في طريق القصة التي تظل مرضية، مع أنك تحزر منذ البداية مَنْ هو الرجل الشرير الغامض.

ويبدأ الفيلم في فترة سابقة لعملية زرع القلب، فيما يعمل ماكالب في موقع جريمة قتل ارتكبها القاتل المتسلسل. وكعادته ترك السفاح رسالة مخطوطة بدم القتيل يتوسل فيها أن يأتي مكالب لإلقاء القبض عليه، ويعطيه فرصة لمنازلته منتظرا «حشدا» من الإعلاميين خارج موقع الجريمة. ويبدأ ماكالب المطاردة، ولكنه سرعان ما يسقط مصابا بأزمة قلبية حادة.

وبعد سنتين من الانتظار الطويل ريثما توفّر له قلب متبرع به، يمضي ماكالب فترة نقاهة وراحة على متن الزورق الذي يعيش فيه، عندما تصل مفاجأة الفيلم الرئيسية بشكل غراسييللا ريفرز (تلعب الدور واندا دي خيسوس) التي تكشف له النقاب عن أنه تلقى قلب شقيقتها، بعد أن أصيبت برصاصة قاتلة في أثناء عملية سطو على سوبر ماركت.

وبمساعدة جاره هاوي الزوارق (جيف دانيالز بقصة شعره السخيفة) والتحرّية في لوس أنجليس التي تربطه بها علاقة غرامية سابقة (تينا ليفورد)، يعثر ماكالب بسرعة على تفاصيل غير اعتيادية في حادث القتل، ويربط الحادث بحادث قتل نجم ظاهريا عن عملية تشليح. وتأخذ علاقته الشخصية بالضحية عمله في اتجاهات غير متوقعة.

إن وتيرة الحوادث هي على الدوام مشكلة في عمل ايستوود كمخرج. والمعجبون يصفونه بأنه «منضبط»، فيما يقول الخصوم إنه «يروبص» (أي يسير في نومه). أمّا هنا، فالوتيرة محكمة وهو ينجز الحبكة بوضوح ودقة. وأي مخرج نافذ الصبر ربّما كان سيستغني عن نقاط يحرص ايستوود على الإسهاب فيها. أمّا على صعيد الإثارة فالفيلم معقول ومتماسك.

والغرور الشخصي لإيستوود هو الشيء الوحيد الذي يستوقفك. والمسألة ليست أنه يحاول إخفاء سنه - إذ لا يستطيع أي ماكياج متقن أن يخفي تجاعيده - بل المسألة في أنه لا يدع مرور الزمن يغيّر شيئا في ضوء البطولة المتينة التي تقهر الصورة التي يغذيها وينميها منذ أواسط الستينات الماضية.

وكالعادة، وعلى الدوام، الفيلم يلفت الجميع إلى أن ايستوود هو أذكى وأشجع وأكثر إنسان جاذبية جنسية في الغرفة.

وحتى أخصائية القلب (أنجيلكا هيوستن) التي تعالج ماكالب - والتي تحذّره من أنه يعرّض حياته للخطر وترفض متابعة الإشراف في التحقيق في النهاية. إنها ببساطة لا تملك سببا للقلق على مريضها.

ومثل الممثلين المساعدين الآخرين، تضفي هيوستن حضورا قويا على دور لا يعدو كونه دور ممثل يحل ضيفا لمدة طويلة في الفيلم. وينزع ايستوود إلى اختيار وجوه مألوفة في أدوار تقوم على قوتها الذاتية. فهيوستن تشع بنوع من التعاطف الحديدي، ودانيالز يتسكع بسحر كلب منزلي.

ومن المطمئن والمحبط في آن واحد أن ايستوود سيظل هو ايستوود على الدوام. إذا رفض أن يتغيّر هل سيبقى مقبولا؟ إن أفلامه تدعو إلى الإعجاب لاحترافيتها وخلوها من التعقيد. إلا أن مشاهدته وهو يهدر فرصة عمل شيء مختلف، ليس أكثر متعة من مشاهدة أفلامه السابقة للمرة الخامسة عشرة، مثلا.

إنه كلينت ايستوود القديم نفسه، الآن وإلى الأبد.

فيلم «Blood Work» من توزيع وورنر برذر ومصنف (R) الذي يفرض مرافقة الوالدين لمشاهدته لمَنْ هم دون السابعة عشرة. ويستغرق عرضه 120 دقيقة.

الصورة

- الممثل كلينت ايستوود مخرج ومنتج ونجم فيلم «Blood Work» يواجه الصحافيين عندما جاء لحضور العرض الأول لفيلمه في بربانك بكاليفورنيا

العدد 58 - السبت 02 نوفمبر 2002م الموافق 26 شعبان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً