في السنوات الثلاث الأخيرة... لاحظنا بروز ظاهرة ملفتة في السينما المصرية. فبين الحين والآخر تطالعنا الأخبار عن فيلم جديد يقوم ببطولته أحد المطربين الشباب. وهي ظاهرة ليست سلبية... ولكنها ملفتة، بعد تخوف من قبل الكثير من المطربين من فشل ربما يؤثر على مشوارهم في الغناء، خصوصا إذا كانوا قد تابعوا تجارب مطربين آخرين سبقوهم في السنوات العشرين الماضية.
ومن البديهي القول إن السينما المصرية نطقت لكي تغني... فالأغنية بدأت في هذه السينما منذ أول فيلم ناطق، وهو (أنشودة الفؤاد). ولا بد من الإشارة إلى أن أكثر من نصف مجموع الأفلام المصرية هي أفلام غنائية، بل أنه لا يكاد يوجد فيلم مصري يخلو من أغنية أو رقصة، حتى نهاية الستينات. فبعد فيلم (أنشودة الفؤاد)، تواصلت الأغنية مع أفلام محمد عبدالوهاب، وأم كلثوم، وليلى مراد، وفريد الأطرش، وعبدالحليم حافظ، وشادية، وهدى سلطان، وصباح، وأسمهان، ومحمد فوزي، ونور الهدى، ونجاة، وفايزة أحمد... وغيرهم. وبالتالي أخذت الأغنية حيزا مهما في تاريخ السينما المصرية... وقدمت نجوما كبارا فيما بعد لايزال يشار إليهم بالبنان. وأنجح الأفلام الغنائية لنجوم الغناء، هي أفلام ليلى مراد، ومحمد فوزي، وفريد الأطرش، وعبدالحليم حافظ. ثم لا يمكن أن ننسى الإشارة إلى محاولات فريد الأطرش ومحمد فوزي، في بعض أفلامهما، لتطوير الفيلم الغنائي المصري، وذلك بتقديمهما استعراضات وأبريتات غنائية راقصة، مما جعلهما يقتربان من الفيلم الموسيقي. وكانت المرحلة المتميزة من عمر الأغنية في السينما مع أفلام عبدالحليم حافظ وفريد الأطرش، إذ كانت المنافسة الفنية بين الاثنين حامية، أثمرت أفلاما مهمة وجماهيرية. بعد ذلك لم يثبت في ذاكرة المتفرج أي من أفلام المطربين اللاحقين حتى وقتنا الحاضر.
أما إذا أردنا الإشارة فقط إلى مشوار الأغنية في السينما المصرية الحديثة، من دون المقارنة طبعا، فيمكن الحديث عن تجارب محمد منير وعمرو دياب ومحمد فؤاد ومصطفى قمر... وغيرهم، وعن أخبار قيام مشروعات جديدة تحت الإنجاز، لمطربين شباب جدد، ممن أغرتهم السينما، وأرادوا الفوز ولو بقليل من الانتشار والشعبية غير الطبيعية التي تعيشها السينما المصرية في الفترة الأخيرة
العدد 58 - السبت 02 نوفمبر 2002م الموافق 26 شعبان 1423هـ