أفاد شهود عيان يوم الثلثاء الماضي أن ستة أشخاص من بينهم أحد أبرز المطلوبين للاشتباه في صلتهم بتنظيم القاعدة، لقوا مصرعهم في تفجير سيارتهم في منطقة نائيةشرق صنعاء. وذكر مسئول حكومي أن عضوا بارزا في القاعدة هو علي قائد الحارثي كان من بين من تم التعرف على جثثهم. فيما يروي شهود عيان أن السيارة أصيبت بقذيفة صاروخية. وكانت مصادر قبلية قد قالت أن جميع القتلى تربطهم صلات بالحارثي الذي تبحث عنه السلطات اليمنية بناء على طلب أميركي.
عملية اغتيال الحارثي ليس أكثر من مجرد «عملية تكتيكية ناجحة جدا بالنسبة إلى الإدارة الأميركية، حسب تصريح نائب وزير الفاع الأميركي بول وولفيتز، ولكنها أيضا وسيلة مبررة أخلاقيا في حربها ضد الإرهاب، وهي الحرب التي يعتبرها بوش ومستشاروه كفاحا غامضا يشنونه على امتداد العالم، حيث تجري محاربة الخصم وسط تبرير لاستخدام جميع أدوات العمل العسكري ضده، بما في ذلك الإغتيالات.
وقد ظهرت تلك الفلسفة في خطاب بوش حيث برر «العمل الوقائي» ضد العدو الجديد بقوله: «إذا انتظرنا التهديدات حتى تصبح حقيقة ماثلة فإننا سننتظر طويلا، فيجب أن ننقل المعركة إلى أرض العدو، ونفشل خططه ونواجه أسوأ التهديدات قبل أن تفاجئنا».
وحتى عند إهمال ذلك المبدأ فإن المسئولين الأميركيين يدّعون بأن الأساس القانوني في اغتيال المشتبه بهم متوافر.فهم يقولون أن المادة (2) في القسم الثاني من الدستور الأميركي تجيز للرئيس كقائد عام أن يستخدم القوة (القاتلة) ضد الأفراد زمن الحرب. كماأن الكونغرس خوّل الرئيس في سبتمبر الماضي باستخدام القوة الضرورية للتعامل مع الأفراد المتورطين في هجمات سبتمبر.
ويتهم الحارثي بأنه مخطط الهجوم على المدمرة الأميركية كول،في أكتوبر 2000، والذي أدى إلى مقتل سبعة عشر بحارا أميركيا. ومن هنا يأتي استهدافه بصفته أحد الزعماء الخمسة عشر على رأس تنظيم القاعدة.
وكان اعلان بوش منذ البداية أن بن لادن مطلوب'حيا أو ميتا'واعتبره العدو الأول للولايات المتحدة، وبالطبع يفضل أخذه أسيرا لتقديمه إلى المحاكمة. ومع ذلك لا تسير الحرب دائما على النحو المرغوب.
والإغتيال الأخير لا يمثل شيئا جديدا في ترسانة الحرب الأميركية-وبعض الدول الأخرى أيضا - باستخدام الإغتيال والتصفية كوسيلة لتصفية الحسابات السياسية. أما ما ستسفر عنه العملية من نتائج قد تكون عكسية - كما يحدث في اغتيال اسرائيل لمعارضيها - فذلك أمر آخر.
ولو دققنا النظر لرأينا انه حتى بعد صدور الأمر الرئاسي أيام الرئيس الأميركي الأسبق جيرالد فورد العام 1976 بشأن حظر عمليات الإغتيال السياسي على وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، إلا أن الممارسة العملية كانت تخالف ذلك. واسألوا إن شئتم الرئيس الكوبي فيدل كاسترو. فحظر عمليات الاغتيال جاء كرد فعل أخلاقي لما أثارته فضيحة «ووترجيت»، ولكن يبدو من الجانب الآخر أن التكنولوجيا المتطورة توفر الكثير من الأدوات المعتمدة كما يظهر من اغتيال الحارثي
العدد 65 - السبت 09 نوفمبر 2002م الموافق 04 رمضان 1423هـ