العدد 77 - الخميس 21 نوفمبر 2002م الموافق 16 رمضان 1423هـ

معذرة أيها الصحافيون

أعرف جازما بأن كلامي ربما لا يعجب الكثير من الصحافيين الذين حضروا اللقاء الاعلامي مع المرشحين الفائزين في الدورة الأولى من الانتخابات النيابية في المركز الاعلامي بفندق الدبلومات، لكن كما يقال: لا يصح إلا الصحيح، وما حدث ما كان ينبغي أبدا أن يحدث.

ففي الوقت الذي استبشرنا فيه بهذا اللقاء لنتعرف عن قرب على من يفترض أن يسيّروا مصالح العباد والبلاد (كما هو الواقع)، ولنضع ايدينا مبدئيا على مستوى البرلمان القادم من خلال مستوى تفكير وبعد نظر الشخصيات التي ستمثّله، تفاجأت فعلا بغياب مجموعة من هؤلاء الفائزين، وهذا مؤشر خطر مبدئيا في أفراد يفترض أنهم قد تحولوا بفوزهم من الفردية الى العمومية ومن الخصوصية إلى الشمولية. ولكن مع ذلك وكعادة الكثير من أبناء هذا البلد الذين اعتادوا أخيرا على سياسة غض الطرف عما يمكن ان يغض عنه، فضلت اركز كل اهتمامي وانتباهي على الفائزين الحاضرين وأساليب اجابتهم عن الأسئلة المطروحة عليهم ومدى قدرتهم على الاقناع والتحاور ومدى سعة أفقهم ونظرتهم لمستقبل البلاد، اضافة الى مستوى وعيهم بمسئولياتهم ومهامهم المستقبلية الصعبة. ولكن وخلال عملية التركيز الكبيرة التي كنت أقوم بها مع احاديث الفائزين والذين استأثر بعضهم بنصيب الأسد في الرد على الاسئلة فيها، ربما لأسباب تنظيمية أو للفروق الفردية الواضحة، لاحظت كما لا حظ الكثيرون من المهتمين بالشأن العام من أمثال صاحبكم أن الكثيرين من الصحافيين على رغم الهيلمان الذي يتقدمون به إلى منصة طرح الأسئلة والجرأة الكبيرة في الطرح بعيون محدقة في الفائزين، فإنهم وللأسف الشديد وقعوا في محذورين، الأول هو تضييع هذا الوقت المهم الذي يتابعه المشاهد باهتمام بالغ وذلك في أسئلة ليس لها أي معنى في الفترة الحالية من مثل كيف ستتعاملون مع المرأة إذا فازت وهل أنتم من المؤيدين للطالبان والقاعدة؟ وغيرها الكثير من الأسئلة التي في اعتقادي كان المشاهد في عنى عنها وخصوصا في ظل هذا الوضع الغائم وغياب شريحة كبيرة من المقاطعين الذين لا نعرف حتى الآن كيف ستكون آليه تعامل الاعضاء الفائزين معهم وهل سيستغنى فعلا عن هذه الطاقات الهائلة التي لن تكون طارحة لأفكارها تحت قبة البرلمان؟

أنا لا أريد طبعا أن اركز هنا على هذه النقطة على رغم أهميتها، ولا أريد أن اطرح الأسئلة المهمة التي نحن متعطشون لها لأن الطامة الكبرى هي في المحذور الثاني الذي وقع فيه اعزاؤنا الصحافيون، أيعقل أن يكون الصحافي الذي يسطر بقلمه يوميا عشرات السطور ليقنع الرأي العام في البلاد بتوجهات وقناعات الصحيفة التي ينتمي إليها، أو ليوضح أخطاء الآخرين ويعدل اعوجاج المجتمع فيعكس الصورة الحضارية المتمثلة فيه، أيعقل ألا يعرف ابسط أبجديات اللغة أو النحو فيرفع المنصوب ويجر المرفوع ويبهدل الساكن في طريقة هي أشبه بحديث ارباع أو اثلاث المثقفين الذين يحاولون الايحاء إلى الناس بأنهم يتكلمون الفصحى في حين ان حديثهم ليس أكثر من مهزلة لغوية واضحة المعالم. أنا هنا طبعا لا أريد أن اضرب أمثلة من بعض ما طرح على لسان بعض الصحافيين لكي لا يتحسس المقصودون ولكن كما يقول المثل (اللي على رأسه بطحة يتحسسها)، وإنما أشير هنا إلى هذا الموضوع لأذكّر فقط، إذ أنه من العيب جدا في اعتقادي أن يظهر الصحافي الذي يحترمه الناس ويسمعون اليه وربما يطبقون أفكاره بهذا المستوى الضحل الذي سيزعزع ثقة الناس به وربما ينسف كل القناعات التي أقنع بها الناس في مجمل حياته السابقة.

البحرين - محمد عبدعلي

العدد 77 - الخميس 21 نوفمبر 2002م الموافق 16 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً