يعيش المواطن عبدعلي علي معاناة منذ عشر سنوات مع الإدارة العامة للمرور بعد رفضها تنفيذ حكم المحكمة الصادر في 9 أكتوبر/ تشرين الأول من العام 1990 القاضي بإلزام إدارة المرور بنقل ملكية سيارة رقم «3316» نقل مشترك إلى صاحبها عبدعلي وتسجيلها في سجلاتها وإصدار شهادة ملكية له مع التكفل بدفع جميع مصاريف المحاماة، إلا ان إدارة المرور رفضت نقل وتحويل اللوحة المعدنية وذلك بحجة منع بيع وشراء لوحات النقل المشترك.
وأكدت إدارة المرور في ردها على هذا الموضوع «ان قانون المرور يمنع بيع وشراء تراخيص وسائل النقل العام وان كان هناك اي قضايا في تحويل هذه التراخيص فلا بد من موافقة الإدارة مسبقا لكي يتسنى لها التدقيق وفق النظام والقانون».
الغريب في الأمر انه تم نقل وتحويل اللوحة المعدنية بعد مدة وسجلت باسم والد أحد المسئولين في إدارة المرور من دون علم مالكها وحتى من دون الأخذ في الاعتبار حكم المحكمة الذي اكتسب صفة القطعية وأصبح واجب التنفيذ بحسب ما ورد في مذكرة التنفيذ الصادرة عن المحكمة والتي جاء فيها: «تأمل المحكمة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتسجيل السيارة رقم 616 نقل مشترك عام والرقم الجديد 3316 على هيئتها السابقة التي كانت عليها لمالكها السابق زيد محمد باسم المحكوم له المالك الحالي عبدعلي محمد علي وإفادتنا قبل جلسة 2 فبراير/شباط من العام 93 بموجب ملف التنفيذ رقم 4/1990/3333/1».
وردّت إدارة المرور في هذا الشأن بـ «ان المذكور قام بشراء هذا الترخيص بالباطن ومن دون الرجوع إلى الإدارة، وان المذكور تقدم الى القضاء وكسب القضية».
وقالت الإدارة انها: «رفعت الموضوع إلى الجهات القانونية في الوزارة لتدرس هذا الموضوع والذي ننتظر اتخاذ الإجراء السريع بشأنه، واما بشأن نقل الرقم إلى شخص آخر فإن الإدارة لديها السلطة والدعم القانوني في سحب الترخيص وإعادة إصداره، وفي حال موافقة الجهات القانونية على اصدار الترخيص نفسه للمذكور فإن الإدارة سوف تقوم بإصدار ترخيص جديد».
بينما أكد عبدعلي «ان جميع إجراءات التسجيل والبيع تمت بإشراف موظف التسجيل التابع إلى إدارة المرور، كما ان بائع اللوحة المعدنية قام باستكمال الإجراءات لنقل الملكية بالكتابة إلى شركة التأمين المؤمن لديها على السيارة وإشعارها بعملية البيع وطلب تحويل التامين إلى المشتري»، مؤكدا ان ما قالته إدارة العلاقات العامة بالمرور عن ان عملية البيع كانت الترخيص بالباطن ومن دون الرجوع إلى الإدارة غير صحيح ولا يمت الى الحقيقة بأية صلة وتم إثبات ذلك في محاضر المحكمة.
وأضاف عبدعلي ان الوعود التي وعدت بها إدارة المرور بتدارس الموضوع لاتخاذ الإجراء السريع مر عليها عام كامل من دون أي جدوى او حتى رد سوى التهرب من تنفيذ الحكم وتجميد الأمر على حاله.
وقد خسر عبدعلي طوال هذه السنوات ما يقارب 12 ألف دينار تشمل قيمة اللوحة المعدنية التي اشتراها في ذلك الوقت بسعر 4500 دينار وأتعاب المحاماة التي وصلت الى 700 دينار بالإضافة الى انه خلال هذه المدة قام باستئجار لوحة معدنية أخرى للعمل بها.
«الوسط» تحدثت الى المحامي عبدالله الشملاوي الذي قال: «معلوم أن الحكم القضائي، متى ما صدر صحيحا مستوفيا أركانه، وفاتت مواعيد الطعن فيه، فإنه يصبح عنوانا للحقيقة، ولا يجوز التشكيك في صحته أو الطعن فيه، مهما كانت الأسباب، كما ان صدوره باسم عاهل البلاد، يتضمن خطابا للجميع باحترامه».
وأكد الشملاوي ان رفض إدارة المرور وهي جزء من السلطة التنفيذية الانصياع لأمر القضاء، الذي حكم بإلزامها بنقل ملكية رخصة النقل المشترك الى مشتريها عبدعلي، فإنها بذلك تعصي أمر القضاء، وتمس بهيبة الأحكام وخصوصا مع صدورها باسم عاهل البلاد وهو رأس السلطة التنفيذية. مضيفا انه لا يمكن لإدارة المرور التذرع بالأسباب التي ذكرتها مبررا لرفض تنفيذ الحكم، إذ أن الحكم صدر وأصبح نهائيا ووجب عليها تنفيذه من دون تأخير.
وقال الشملاوي ان رفض تنفيذ الحكم من قبل إدارة المرور يعد جريمة يعاقب عليها القانون كما نصت على ذلك صراحة المادة (211) من قانون العقوبات بقولها «يعاقب بالحبس كل موظف عام استعمل سلطة وظيفته في وقف أو تعطيل تنفيذ أي حكم أو أمر صادر عن المحكمة او عن أية سلطة عامة مختصة».
واستمر الشملاوي في قوله: إننا أمام موظف عام يستعمل سلطته الوظيفية في تعطيل تنفيذ أحكام وأوامر قضائية نهائية مما يجعل هذا الموظف مرتكبا لجرم تعطيل تنفيذ أحكام وأوامر القضاء.
وتساءل الشملاوي: هل يتحرك الادعاء العام ضد هذا الموظف حماية للقانون وتأكيدا لهيبة القضاء، أم يضطر هذا المواطن إلى استصدار قرار من وزير العدل للقيام بتلك المهمة، كما ينص على ذلك قانون المحاكمات الجزائية؟
وفي حديث له مع «الوسط» قال عضو لجنة حقوق الإنسان عبدالله العباسي الذي تابع القضية مع إدارة المرور «إن إدارة المرور ليس لديها نية صادقة في تنفيذ الحكم الصادر، وطالبتُ الإدارة بأن تعطي هذا المواطن حقه». وقال: «حاولنا بكل جهدنا أن ننهي هذا الموضوع بشكل ودي مع الإدارة إلا انها طرحت مبررات كثيرة غير مقنعة».
وأضاف العباسي ان إعطاء الموظف المسئول الرخصة لوالده خطأ كبير لابد من محاسبته عليه لانه تصرف في حق ليس من حقه أبدا وهذه اللوحة ملك بحكم القانون والقضاء لإنسان آخر فكيف يتصرف بها ويعصيها شخصا آخر»
العدد 78 - الجمعة 22 نوفمبر 2002م الموافق 17 رمضان 1423هـ