عقد المكتب الإقليمي للأمم المتحدة أول أمس مؤتمرا صحافيا بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للإيدز في الأول من ديسمبر/كانون الأول والذي ركز هذا العام على شعار «مريض الإيدز والوصمة». وقال الممثل الإقليمي لمكتب الأمم المتحدة خالد علوش لـ «الوسط» إن البحرين انضمت منذ أسبوع إلى اتفاق البرنامج الإقليمي الجديد الذي يهدف إلى رفع توعية الناس بهذا المرض والاتجاه إلى قادة المجتمع ورجال الدين والناس عامة للوقاية منه.
وقد وقعت وزارة الصحة على هذه الاتفاق الذي يستمر برنامجه لمدة سنتين أو ثلاث سنوات في المستقبل بتمويل من الأمم المتحدة.
وأضاف علوش أن شعار هذا العام يعني الاهتمام بمرضى الإيدز الذين يعانون من آثار المرض إضافة إلى نبذ الناس وأسرهم لهم واضطرارهم أحيانا إلى ترك أعمالهم نتيجة جو العمل المريب.
وأكد علوش أن السكرتير العام للأمم المتحدة أوصى بمعاملة مريض الإيدز كأي إنسان مصاب بأي مرض آخر ويجب أن تقدم له المساعدة والرعاية الصحية ويؤهله لأنه فرد من المجتمع في النهاية.
ويجب ألا تمس حقوقهم البشرية على اعتبار أنهم أفراد عاديون. والهدف من ذلك هو التركيز على الحقوق الخاصة بالمصابين بالمرض اعتمادا على مبدأ (عش ودع الآخرين يعيشون). إضافة إلى التركيز على الوقاية من المرض وخصوصا مع وجود بوادر خطيرة بانتشار المرض في الوطن العربي. إذ تشير الإحصائيات إلى أن 750 ألفا من سكان الوطن العربي يعانون من مرض الإيدز ويتزايدون باستمرار سنويا بمعدل 100 ألف شخص. ولذلك دعا علوش إلى التضامن من أجل محاربة هذا المرض. فالوباء عندما ينتشر لا يمكن إيقافه ويجب التوعية بأخطاره ونتائجه. وقال علوش إن التغاضي عن مكافحة المرض أمر خطير لأن إهماله يترتب عليه نتائج خطيرة.
تأجيل البرامج
وفي هذا الصدد قالت رئيسة قسم التثقيف الصحي بوزارة الصحة أمل الجودر إن برامج هذا العام سيتم تأجيلها حتى تاريخ 22 ديسمبر/ كانون الأول لتعارضها مع شهر رمضان المبارك. وستتضمن الفعاليات ورش عمل وقصصا خاصة للأطفال ترسم حالات المواضع التي يعاني فيها مريض الإيدز في العمل والمدرسة والأسرة وبين الجيران. وسيتم التعاون مع جامعة البحرين من خلال إعداد ورش عمل لطلبة الجامعة والجمعيات النسائية والفنادق وإدارة السياحة. وسيتم تكثيف الحملات التوعوية من خلال الإذاعة والتلفزيون والصحافة على مدى أسبوع.
وأضافت الجودر في حديثها لـ «الوسط» أن أهداف التثقيف الصحي في مجال مكافحة الإيدز هي ترويج السلوكيات التي تقي الفرد من انتقال فيروس الإيدز أو التعايش مع مرض الإيدز وتقبُّل المرضى والحاملين وذلك من خلال تنمية المعلومات وتطوير المهارات وترويج المواقف الإيجابية والدعم الاجتماعي.
أما تنمية المعلومات فتكون عن طريق طرق انتقال الفيروس والطرق التي لا ينتقل بها الفيروس. وأما فترة حضانة المرض وهي الفترة المعدية أو فترة اللا أعراض والتي تتراوح بين 6 شهور إلى 10 سنوات، وأما فترة النافذة فتتراوح بين أسبوعين إلى 12 أسبوع.
إضافة إلى احتمال التعرض للفيروس وطرق الحماية والوقاية وطرق العناية بمريض الإيدز ومصادر المساعدة إن احتاج إليها شخص ما.
ويتضمن تطوير المهارات القدرة على اتخاذ القرارات والقدرة على قول لا للجنس المحرم والمخدرات والقدرة على التفاوض والاستخدام السليم للعازل المطاطي.
وأما ترويج المواقف الإيجابية فتأتي من خلال ترويج المواقف الإسلامية تجاه الجنس المحرم وتحمل المسئولية الفردية في الوقاية من الإيدز ودعم وتقبُّل الآخرين الحاملين للفيروس أو المرض بغض النظر عن طرق انتقاله وضمان جميع حقوقهم في العمل والحياة.
وعدم نصب أنفسنا كقضاة تجاه المرضى أو حاملي الفيروس. أما الدعم الاجتماعي فيأتي من خلال تعزيز دور الأهل والأصدقاء والمجتمع في الوقاية من الإيدز، وتعزيز الأعراف الإسلامية والاجتماعية تجاه مكافحة الإيدز وتقديم الدعم اللازم للمرضى والحاملين.
أما مسئولية التثقيف الصحي في مكافحة الإيدز فهي مسئولية جماعية مشتركة تتوزع بين الفرد والأسرة بالالتزام بالأنماط الصحية الإسلامية والتربية السليمة لأطفالها. ودور لوزارة التربية والتعليم بتزويد الطالب بالمعرفة والمهارة اللازمة من خلال خلق منهج تربوي صحي ينمي ثقة الطالب بنفسه ليستطيع أن يقول لا لطرق انتقال الإيدز ويزوده بالمعلومة الصحيحة من دون إفراط أو تفريط.
ودور وزارة الإعلام من خلال ترويج السلوكيات الصحيحة خلال برامج مستمرة مدروسة لا في الأيام الدولية فقط. ودور رجال الدين في تعزيز دور الدين الإسلامي في مكافحة الإيدز والحث على الزواج والعفة. ودور المؤسسات الشبابية والجمعيات الأهلية من خلال إيجاد برامج رياضية وثقافية وعلمية للشباب لشغل فراغهم وتنفيس طاقتهم.
ومن خلال الشباب أنفسهم من أجل تقوية بعضهم البعض لقول لا لطرق انتقال الفيروس وتغير المواقف الخاطئة ودعم المرضى وحاملي الفيروس. وأما الفنانون فيجب تنفيذ أفلام ترفيهية ومسلسلات درامية وأغانٍ شبابية للتوعية بالإيدز بتنمية المعلومات وتطوير المهارات وتغيير المواقف بطرق غير مباشرة وتجذب اهتمام الشباب والناشئة.
أما برامج التثقيف الصحي الحالية في مكافحة الإيدز فتتضمن محاضرات وورش عمل من خلال وسائل الإعلام من صحافة وتلفزيون وإذاعة ومن خلال خطب الجمعة والمطبوعات والمعارض الصحية والخط الساخن.
أما نقاط القوة في برامج التثقيف الصحي في مكافحة الإيدز الحالية فهي وجود برامج تثقيفية وأنشطة مختلفة والتنسيق مع الجهات الأخرى ودعم رجال الدين وكونها مقبولة اجتماعيا.
وأما نقاط الضعف في برامج التثقيف فتتضمن كونها غير مستمرة لأن معظم الأنشطة تقام في اليوم العالمي للإيدز كما لا توجد بحوث تقييمية لمعرفة مدى تأثير هذه البرامج خصوصا في مجال المواقف والسلوكيات. كما لا تصل للفئات الأكثر خطورة وتعرضا للإيدز ونقص في الموارد التثقيفية كمّا ونوعا.
ضرورة التعاون
وقالت استشارية طب العائلة ورئيس مجلس إدارة مركز النعيم الصحي ومدير البرنامج الوطني لمكافحة الأمراض التناسلية والإيدز أنها بعد مضي أكثر من 15 سنة على عملها في اللجنة تعلمت دروسا مهمة مفادها أن الإجراءات التي نتخذها في مكافحة الإيدز غير مجدية، حيث أن النجاح يكمن في التعاون بين جهات مختلفة ومؤسسات حكومية وأهلية ومن خلال المحاضرات والندوات وورش العمل التي لم تصل إلى المستوى المرجو. ولذلك ارتأوا هذه السنة التعاون مع جهات أخرى مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والشباب وأعضاء «نادي ليو» متمنين أن يحالفهم النجاح.
وقد اتخذ شعار هذا العام «أحب لغيرك من العيش ما تحب لنفسك» إذ تمت دراسة المشكلات المشتركة في العالم على اعتبار أن مشكلة الإيدز مشكلة عالمية ليست مقصورة على مكان واحد أو فئة معينة حسب الأعمار أو الأجناس. وقد لوحظ أن مشكلة وصمة العار التي يعاني منها مريض الإيدز هي من المشكلات التي تعاني منها جميع الدول في العالم.
وحتى الآن فإن السلاح الوحيد المتوافر هو تزويد المعلومات عن طرق العدوى والوقاية لكي يحمي الشخص نفسه إذ أن الوقاية خير من العلاج.
وبينت الجودر أن فيروس الإيدز يكون متواجدا مدى الحياة في دم الإنسان، وأن الإفرازات المهبلية تبين في الواقع أن 50 في المئة من الحالات التي تحمل فيروس الإيدز تتحول بعد عشر سنوات إلى مرض الإيدز، و25 في المئة تكون مرضى بالفعل. كما أن كل حاملي الفيروس والمصابين بالإمكان أن ينقلوا العدوى عن طريق الاتصال الجنسي ومشاركة الإبر بالمخدرات وأجهزة الوشم أثناء فترة الحضانة. وحتى الآن لا يوجد لقاح أو تطعيم للوقاية من المرض. كما لا يوجد له علاج شافٍ. إلا أن هناك عقاقير تساعد على تأخير المرحلة الأخيرة من المرض وتساعد على تحسين وكفاءة الجهاز المناعي ما يؤثر على نوعية الحياة.
أما الطريقة التي يمكن من خلالها مساعدة الأشخاص المصابين أو الحاملين للفيروس فتكمن من خلال إعطائه الود والحنان ، لأن الشخص المريض قد يكون صديقك أو جارك أو أحد أفراد أسرتك فعليك أن تعطيه الثقة والدعم المعنوي. إلى جانب تزويده بالمعلومات الحديثة والجديدة عن هذا المرض. والحوار والحديث معه عن مرضه ومعاناته. كما أن اللمسة الحنونة مهمة خاصة وأن هذه الطريقة ليست مؤدية للعدوى.
ولا تظهر على الشخص الحامل للفيروس أية أعراض حيث يبدو سليما ظاهريا. ويتواصل مع الأشخاص الآخرين عن طريق الاتصال الجنسي أو مشاركة الحقن أو الإبر بالمخدرات وبالتالي ينقل المرض من دون علمه.
الفحوصات لازمة
ويجب على الأشخاص الذين يعتقدون أن هناك مخاطر معينة أدت إلى الإصابة بالمرض أن يقوموا بإجراء تحليل دم مختبري للتأكد من خلو الجسم من مضادات الفيروس. فمعرفة الشخص بوجود هذا المرض لديه مهم جدا لحمايته والحفاظ على جهازه المناعي وسلامته. بالإضافة إلى حماية الآخرين باتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك.
وإذا أصيب الفرد بفيروس الإيدز يجب ألا يحتجز نفسه بين الجدران ويعاني الوحدة إذ تبين أن المشاركة الوجدانية مع الآخرين وممارسة الرياضة والغذاء النوعي مهمة لحمايته النفسية وحماية جهازه المناعي ما يجعله قادرا على التواجه مع هذا العدو.
وعلى المصاب أن يتقبل نفسه على علاتها ويتقبل المرض ويتيقن أن إصابته ليست نهاية العالم وباستطاعته العيش بسلام مع الفيروس ويتيقن أن الموت نهاية الجميع وهو قدر وحق على كل إنسان. كما أن عليه أن يفكر بإيجابية ويتأكد من أن كل شخص له قضية يكافح من أجلها ولذلك عليه أن يجعل مكافحة هذا الفيروس قضيته ويحمي الآخرين منه. وقالت الجودر إن المهم هو التواصل الدائم مع المريض من خلال زيارته والتواصل المفتوح معه والاستماع له ولمشكلاته الخاصة. ومشاركته في الخروج والرحلات وزيارات الآخرين
العدد 88 - الإثنين 02 ديسمبر 2002م الموافق 27 رمضان 1423هـ