العدد 90 - الأربعاء 04 ديسمبر 2002م الموافق 29 رمضان 1423هـ

العيد التهم الراتب وشكّل عبئا إضافيا

غلاء في الملابس وأقساط القروض أثرت على الفرحة

الوسط - عبدالجليل عبدالله 

04 ديسمبر 2002

كان المواطنون يتمنون أن يصدر قرار يعفيهم من دفع أقساط القروض للبنوك لشهر واحد ويحفظ لهم «معاشاتهم» من دون استقطاع احتفالا بعيد الفطر المبارك وتمكينا لهم لمجابهة مصاريفه، كما كان معتادا في السنوات الماضية... على رغم أمنية المواطنين التي لم تتحقق شهدت الأسواق انتعاشا ونشاطا ملحوظا بالإقبال على شراء الملابس ومستلزمات العيد، متحملين نفقات أخرى فوق التهام الأقساط لأجزاء كبيرة من مرتباتهم.

الاستعدادات للعيد بدأت مبكرة قليلا هذا العام برصد موازنة تعين على نفقاته واختلف حجم الموازنات التي رصدها المواطنون للعيد باختلاف حجم العائلة... فالعائلة الصغيرة المكونة من ثلاثة أشخاص ترصد 150 دينارا، بينما العائلات المتوسطة كانت موازناته من 250 إلى 300 دينار، فيما العائلات الكبيرة جاوزت هذه السقف.

يكاد الاحتفال بيوم العيد أن يُفسد جراء منغصات كثيرة واجهها المواطنون، أولها الاعتماد على الراتب في مواجهة المصروفات لكن الراتب لا يصمد والفتات منه للعيد طبعا بعد أن تقطعه المصارف لتأخذ أقساطها... ما زاد من المنغصات انتهاز المحلات التجارية لهذه المناسبة برفع أسعار الملابس والسلع والمواطن مغلوب على أمره.

المواطنون الذين التقيناهم في الأسواق بهذه المناسبة رووا لنا عن استعداداتهم للعيد. أحمد علي قال: «الاستعدادات بدأت قبل أسبوعين... خصصت 150 دينارا لشراء الملابس والمستلزمات... لو لم أتبع هذه الطريقة لما استطعت استقبال العيد والإيفاء باحتياجات العائلة... الموازنة تكاد تكون كافية لثلاثة أشخاص لولا استغلال المحلات التجارية حاجة الناس في أيام الأعياد... أسعار الملابس والإكسسوارات ارتفعت، ما يتطلب الرقابة من الجهات المختصة».

مناسبة العيد تختلف عن كل المناسبات، لذلك يكون الاستعداد مبكرا. فمعظم الناس ـ يقول محمد الأنصاري ـ «يعملون حسابهم قبل حلول العيد بفترة وتخصيص مبلغ هو من الأولويات ليكونوا قادرين على الإيفاء باحتياجات العائلة، ورب الأسرة هو الذي يتدبر الموازنة في ظل التزامات كثيرة ملقاة على عاتقه والتي تتأثر بالنفقات الإضافية أو الجديدة في أيام العيد».

الأنصاري خصص 300 دينار لتلبية متطلبات العيد... يقول: «إن عائلتي متوسطة الحجم وهذا المبلغ أرى أنه يكفي لكن المحلات التجارية تنتهز أيام الأعياد لترفع أسعار الملابس... على الأقل هذا ما بدا لي من جولتي على المحلات... المتتبع للأسعار سيكتشف فارقا كبيرا في السعر بين الأيام العادية وأيام الأعياد... على رغم أن البضائع المعروضة هي ذاتها قبل العيد وبعد العيد... وليس هناك ما يبرر رفع الأسعار وإن تم طرح بضائع جديدة للعيد خصوصا أن كلفة البضاعة لا ترتفع ورسوم الجمارك هي 5 لم تتغير وحتى كلفة الشحن كما هي، لكن طمع بعض أصحاب المحلات في أيام الأعياد يرفع سعر السلعة لتصبح ضعف سعرها في الأيام العادية، ما يتطلب رقابة الجهات الرسمية على المحلات في أيام المواسم والأعياد».

موازنة العيد

موازنة العيد التهمت الرواتب وشكلت عبئا إضافيا على رب الأسرة، فسلمان محسن ابتلع العيد راتبه، كغيره من المواطنين ممن ليس لديهم مدخرات، فمحسن يترك المسألة تمضي على «البركة»، ينفق ما يتبقى من راتبه بعد تسديد أقساط البنك على مصروفات العيد ومتطلباته، لكنه بعد العيد يبذل جهدا في «ترقيع» حاله وتسيير أمور الأسرة... على رغم ذلك فمحسن لا يبخل على أسرته في أيام العيد. يقول: «كل شيء يهون إلا أن أفسد العيد وأبعد الفرحة عن الأهل وأعين الأطفال... جيشت ما بقي من الراتب لنعيش الفرح... اشتريت ملابس للأطفال وسألبي باقي الاحتياجات، وعموما العيد مناسبة خاصة تستنزف من رب الأسرة ما في جيبه، وعلى رغم ذلك يصر الناس على الاحتفال بها. لكن المحلات التجارية «تنشف» جيب الزبون بأسعارها التي ارتفعت بقدرة قادر من دون مقدمات سوى أن العيد على الأبواب، ما يتطلب دراسة الأمر. فليس من المعقول أنه كلما اقترب العيد أو مناسبة أخرى يحتفل بها الناس تشب نار الأسعار في السلع التي يحتاجها المواطنون».

محمد بوعلاي يرى أن «الظروف التي يعيشها المواطن ذو الدخل المحدود تحتم عليه أن يخصص مبلغا من المال قبل حلول العيد بفترة لكي يستطيع أن يواجه الالتزامات التي ستتراكم في هذه المناسبة وخصوصا أن الراتب لن يصمد أصلا بسبب القروض وتقاسم البنوك له كل بداية شهر».

لذلك فإنه ـ بوعلاي ـ يطبق خطته بوضع موازنة للعيد قبل فترة طويلة حتى «لا يجد نفسه حينها عاجزا عن شراء مستلزمات العيد». غير أنه يتفق مع من سبقه على أن ارتفاع أسعار الملابس والأحذية بمناسبة العيد «يجعل مصروفات المواطن تزيد». إذ يلاحظ بوعلاي أن «المحلات التجارية ترفع أسعار بضائعها باعتبار أنها تشهد موسما يعتبر فرصة ذهبية لها بسبب إقبال المواطنين على الشراء». ويضيف: «في حال السؤال عن سبب هذا الغلاء تجد أن معظم التجار يتعذر بأنه في موسم، لكن كل تبريراتهم لا تخضع لمنطق ولا ضمير لأنهم يستغلون مناسبة العيد ويرفعون من أسعار الملابس التي هي أساسا مكدسة في المحل طوال العام ولا أحد يشتريها، لكنها ـ الملابس ـ ما بين ليلة وضحاها ينفض عنها الغبار وتعرض للبيع بسعر مرتفع».

ناصر عبدالله يحرص على تخصيص 300 دينار على الأقل لمصروفات العيد لكي يتسنى له شراء ما تحتاج إليه أسرته... يقول: «لا أبتكر جديدا باتباعي هذه الطريقة إنما أحذو حذو الآخرين... والغالبية تعمل حسابها مبكرا للمصروفات القادمة مع العيد... كيف سيتدبر رب الأسرة أموره ويستطيع أن يفي بمتطلبات العيد والتزامه بتسديد أقساط القرض؟... إنها معادلة صعبة». كان الجميع ـ يقول عبدالله ـ «يتوقعون قرارا بإعفاء المواطنين من تسديد قسط الشهر الماضي لقروض البنوك تسهيلا عليهم وتخفيفا من الأعباء الثقيلة التي سيواجهونها... لكن العادة المتبعة في كل سنة لم تطبق هذا العام، ما خلق ضغوطا كبيرة على المواطن البسيط ذي الدخل المحدود».

وزن القماش يختلف في الشتاء

مهيار علي ـ بائع في بوتيك في سوق المنامة ـ قال: «ارتفاع أسعار الملابس يعود إلى أن وزن قطعة القماش مثلا يختلف عن الأيام الأخرى... ففي فصل الصيف يكون وزنها خفيفا، بمعنى أن الرسوم المدفوعة إلى الجمارك تكون أقل... لكن في فصل الشتاء يكون وزنها أثقل وبالتالي فإن الرسوم المدفوعة على الوزن تكون أكثر، ما يعني أن فصول السنة تلعب دورا كبيرا في تحديد الرسوم المدفوعة على وزن السلعة... تنقص أو تزيد، لذلك فإن بضائع الشتاء تكون أغلى من الصيف. ثم إن كلفة وصول الملابس أو البضاعة الشتوية تكون أكثر من كلفة وصولها في فصل الصيف».

يضيف علي: «كلفة الوزن والشحن التي يتكبدها التاجر هي التي تؤثر على سعر البضاعة، وهناك أسباب أخرى تدعو إلى رفع سعر البضاعة، إذ توجد بضائع يتم استيرادها خصيصا للأعياد، ومثل هذه البضائع من المؤكد أن سعرها سيرتفع»

العدد 90 - الأربعاء 04 ديسمبر 2002م الموافق 29 رمضان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً