إن قضية شاطئ قرية باربار تثير اهتمامي وهي تثير اهتمام كل غيور على مستقبل هذه الجزيرة والمملكة الصغيرة. وهي مثال لكل القرى والمدن الساحلية على هذه الأرض والتي لم تعد من القرى الساحلية. في سنين قليلة اختفى البحر الذي يضرب بأمواجه الجميلة شاطئ القرية فيسمع هديره كل من في القرية، فيذهب الرجال للصيد وتذهب النساء للغسيل ويذهب الصغار صبيانا وبنات للسباحة في مياهه الزرقاء الرقراقة. لم يعد البحر للعشاق ملاذا يرسمون على رمال شواطئه البيضاء آمال المستقبل ولا للشعراء ملهما، ولا للفنانين مشهدا.
لقد اختفى البحر هكذا بكل بساطة في غمضة عين بأيدي ملاك الأراضي الطامعين الذين لا يروي جشعهم شيء أمام غفلة الدولة وتغاضيها. ولكن السؤال الكبير الذي اطرحه على نفسي ولا أجد جوابا له هو: من أين اشترى هؤلاء الملاك هذه الشواطئ وهي في الاساس ملك عام أي ملك الدولة؟
إنهم يسرقون أرزاق الناس الفقراء، فأهالي قرى سنابس والديه وكرباباد على الشاطئ الشمالي يتنقلون بزوارقهم المخصصة للصيد من سيف إلى سيف وفي كل مرة تستقبل الدولة ضيوفا كبارا يمنعون من الابحار للصيد فأصبحوا بلا شاطئ وبلا مرفأ ولو صغير بعد أن كان البحر يلفهم لفا. لقد طالبوا مرارا الدولة بممر بحري ومرفأ ولكن لا أحد يسمع شكواهم وتذهب مطالباتهم ادراج الرياح، لأنهم مشغولون بامتلاك الأراضي وبناء المجمعات. وهذه قرى الساحل الغربي من البديع والجسرة والهملة وكرزكان حتى المالكية، وقرى الساحل الشرقي من توبلي وهي الأسوأ وجزيرة النبيه صالح وسند حتى نويدرات، كلها تحكي قصصا مأسوية متشابهة.
لنوقف هذا المد العارم المدمر للبيئة البحرينية الاصلية، لنضع القوانين المنظمة للمحافظة على الحياة الطبيعية ولنسن العقوبات ونحترمها جميعا من دون استثناء من كبير أو صغير.
ماذا يضيرنا لو جعلنا في كل مرة نقوم بدفن البحر من اجل زيادة رقعة اليابسة ممرا بحريا يصل إلى القرى التي حرمت من البحر ويكون ملاذا للصيادين ومتنفسا للناس وموقعا سياحيا يخدم الجميع. فهناك مدن في دول أخرى توسعت في البحر بأكبر من مساحتها ولكنها أبقت على ممرات بحرية للناس فأصبح منظرها أجمل من السابق.
هكذا نقول لأهالي القرية تمسكوا بحقكم الطبيعي لعلكم تساعدون في رسم الطريق المشرق لهذه الجزيرة وكل جزر البحرين.
محمد سلمان - مدينة حمد
العدد 96 - الثلثاء 10 ديسمبر 2002م الموافق 05 شوال 1423هـ