رصدت الأوساط الغربية المراقبة باهتمام كبير الاتصال الهاتفي الذي تم الجمعة الماضي بين الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة والعاهل المغربي محمد السادس رسميا، ذكرت الوكالات في البلدين ان المحادثات تناولت آخر ما آلت إليه كارثة الفيضانات التي ضربت مدينة «المحمدية» وجوارها في المغرب. إلا أنه في اليوم نفسه، استقبل رئيس وزراء الجزائر علي بن فليس، سفير المملكة المغربية لبحث التضامن بين البلدين، كما ذكر البيان الصادر عن مكتب الأول. كما استقبل رئيس الحكومة المغربية إدريس جطو، الوزير الجزائري المنتدب للشئون المغاربية والإفريقية عبدالقادر ساهل، وتركز النقاش على العلاقات الثنائية وتنشيط اتحاد دول المغرب العربي.
على الصعيد نفسه لمحت سفيرة الولايات المتحدة بالجزائر جانيت ساندرسون - خلال إحدى الجلسات على هامش أسبوع الطاقة الذي عقد في 15 الشهر الجاري وبوجود كبار مسئولي شركات الهيدروكربورات الأميركية المشاركة - بأن «المعطيات المترافقة مع التحركات الجارية حاليا يمكن تفسيرها على أنها شيء جديد، ما يدعو للتفاؤل»
في السياق نفسه، يضيف مسئول جزائري كبير، أن موقف كبار شركاء الدول المغاربية، الولايات المتحدة وفرنسا تحديدا، باتت واضحة وصريحة، لا تقبل أي تأويل، خصوصا لناحية دعم اقتصادات هذه البلدان والشروط المرتبطة بها. فخلال جولته الأخيرة على المنطقة منذ نحو أسبوعين، تعمد مساعد وزير الخارجية الأميركي، المكلف بشئون الشرق الأوسط والمغرب العربي وليام بيرينز، تذكير محاوريه في كل من الرباط والجزائر وتونس، بأن الاستثمارات الخارجية المباشرة التي يعلقون عليها آمالهم لن تجذبها سوى الأسواق الكبيرة. وبالتالي، فإن كان اتحاد دول المغرب العربي مصمما على الاستفادة منها، فإنه يتوجب عليه عندئذ ان ينتقل من الإطار الشكلي الى التفعيل والتجميع بطرح نفسه تجمعا اقتصاديا متكاملا، ذلك، لأنه، وحتى الساعة لا يزال المشروع الذي تأسس العام 1989 يراوح مكانه، في الوقت الذي رأت فيه تجمعات في إفريقيا وأميركا اللاتينية النور.
من جهتها، تلعب فرنسا دورا موازيا في الضغط والوساطة بين البلدين. وعلمت «الوسط» من مصادر فرنسية رفيعة المستوى رافقت وزير الخارجية دومينيك دوفيلبان في زيارته الرسمية للجزائر الثلثاء الماضي ان الأخير بحث مع الرئيس بوتفليقة، إضافة إلى تحويل الديون الفرنسية إلى استثمارات، مسألة تسريع التقارب مع المغرب. هذا التقارب الذي من شأنه أن يحدث انفراجا في منطقة شمال إفريقيا لابد وأن ينعكس إيجابا على علاقات دولها مع الاتحاد الأوروبي التي سبق ان وقعت معه ثلاث بلدان مغاربية اتفاقات شراكة اقتصادية. وانه من دون قمة ثنائية بين الملك محمد السادس والرئيس بوتفليقة، سيبقى الوضع المعقد على حاله، وستحرم دول اتحاد المغرب العربي من تدفق الرساميل الخارجية المباشرة، كذلك ستعيق عملية توسيع مناطق التبادل التجاري الحر التي شرعت المملكة المغربية وأميركا ببنائها، لتشمل باقي الدول المغاربية التي يصل حجم سوقها الإقليمية الى ما يقارب الـ 70 مليون مستهلك.
على أية حال، واستنادا لمعلومات تقاطعت منذ أيام في كل من الجزائر والرباط وباريس، يبدو أن التقارب المغربي - الجزائري قد وضع الآن على نار هادئة إذ بدأت تجرى الإعدادات وبجدية، خلافا للتجارب المشرعة السابقة التي لا تلبث ان تواجه بعقبات مفاجئة، ذاتية وموضوعية، من الجانبين، من أجل التوصل إلى عقد اللقاء المنتظر الذي سيكون، حسب بعض المصادر «مفاجأة سارة» للشعبين بالدرجة الأولى. وتشير التوقعات إلى أن تسبق القمة المنشودة زيارة رسمية يقوم بها للرباط رئيس الوزراء الجزائري، بن فليس الذي وصل الثلثاء الماضي إلى تونس بهدف تنشيط اللجنة العليا المشتركة بين البلدين، وكذلك الطلب من الرئيس زين العابدين بن علي إعادة تحريك وساطته التي توقفت مع إلغاء قمة دول اتحاد المغرب العربي التي كان من المقرر عقدها في يوليو/تموز الماضي
العدد 104 - الأربعاء 18 ديسمبر 2002م الموافق 13 شوال 1423هـ