اصبحت الشاحنة الصغيرة (بيك اب) بالنسبة إلى التايلنديين العمليين هي ملكة الطريق، فتركيب مقعدين خشبيين طويلين يحولها إلى حافلة وباستخدام بعض القوائم الخشبية يمكنها نقل الخنازير على طابقين وتعليق سقف من القماش يحمي محصول الفاكهة والاسرة من الشمس اثناء رحلتها إلى السوق. وبالنسبة إلى كبار مصنعي المركبات مثل تويوتا وايسوزو ونيسان وفورد وجنرال موتورز اصبحت تايلند مركزا اقليميا للتصنيع وسوقا سريعة النمو يأملون ان تقلدها دول نامية اخرى في آسيا. وقال المتحدث باسم تويوتا تيتسو كيتاجاوا: «نظرا لأن السوق التايلندية هي الاكبر لهذا النوع من المركبات كان منطقيا أن ننتجها في تايلند».
وأضاف: «وفي داخل آسيا فإن الاسواق التصديرية المحتملة للشاحنات الصغيرة المصنعة في تايلند ستكون في الدول المجاورة مثل اندونيسيا وماليزيا والفلبين وفيتنام».
والعائدات المتوقعة كبيرة للغاية لأن السوق الآسيوية اصبحت النقطة المضيئة الوحيدة وسط الآفاق القاتمة لصناعة السيارات العالمية. لكن الامر ليس سهلا على المصدرين في تايلند بسبب اجراءات الحماية التجارية في الكثير من الدول الآسيوية والمنافسة المتزايدة من جانب الصين.
واظهرت بيانات مؤسسة «اوتوموتيف ريسورسيز آسيا الاستشارية» ومقرها بانكوك ان الآسيويين يشترون نحو ربع ما يقدر بنحو 1,2 مليون شاحنة صغيرة تنتج على مستوى العالم وتباع غالبية الشاحنات المتبقية في الولايات المتحدة.
وشهدت تايلند في العام الماضي نحو 60 في المئة من المبيعات الآسيوية والصين 28 في المئة.
وحماس تايلند للشاحنات الصغيرة يجذب استثمارات اجنبية ضخمة تفتقر اليها بشدة صناعات اخرى منذ الازمة الاقتصادية الآسيوية العامين 1997 و1998.
ومن المقرر ان يبلغ حجم التصنيع في تايلند 750 ألف وحدة سنويا بحلول العام 2006 مقارنة مع نحو نصف مليون وحدة حاليا.
وتعتزم تويوتا موتورز أكبر شركة لصناعة السيارات في اليابان مضاعفة طاقتها الانتاجية من الشاحنات الصغيرة في تايلند لتبلغ نحو 200 ألف وحدة سنويا بحلول منتصف العام 2004.
وتقول ايسوزو موتورز التي اصبحت تعتمد على الشاحنات الصغيرة في نموها بعد ان خرجت من سوق السيارات الرياضية انها ستزيد انتاجها في تايلند الى 250 ألف وحدة سنويا بحلول العام 2006 من 147 ألفا الآن.
ومع زيادة خطوط التجميع بدأ صناع قطع الغيار التايلنديون والاجانب كذلك في التوسع في عملياتهم.
قالت شركة بريدجستون أكبر صانعة للاطارات في اليابان في الشهر الماضي انها ستنفق 17 مليار ين لإقامة مصنع ثالث للاطارات في تايلند لمقابلة الطلب المتنامي على اطارات الشاحنات والحافلات خصوصا في آسيا.
ويعتقد المصنعون انهم على وشك تحقيق نمو كبير. وتقول مؤسسة اوتوبوليس الاستشارية ان مبيعات السيارات في آسيا ستنمو بنسبة 12 في المئة هذا العام في حين سينكمش اجمالي مبيعات السيارات في العالم.
وفي العام 2005 يتوقع ان تنطلق 14 مليون مركبة جديدة في شوارع آسيا اي ما يكفي للاحاطة بالصين مرة ونصف المرة اذا ما اصطفت متلاصقة.
ولكن حتى اذا كانت الشاحنات عملية إلى هذا الحد في الدول الآسيوية النامية فإن سياسات الحماية التي تنتهجها الحكومات ستحد من المبيعات لبعض الوقت.
ويقول جيريمي ماكستون من اوتوبوليس «اختيار السيارة في غالبية دول آسيا يعتمد على النظام الضريبي... ففي تايلند تفرض ضرائب أعلى على السيارات مقارنة بالشاحنات لكن في ماليزيا يحابي النظام الضريبي السيارات لحماية سيارات بروتون التي تنتجها. وفي الهند والصين يحظى المصنعون المحليون بالحماية».
ومن اهم الاسواق التصديرية للشاحنات التي تصنع في تايلند السعودية وجنوب افريقيا واستراليا.
لكن المصنعين يأملون ان يؤدي اتفاق التجارة الحرة لدول رابطة جنوب شرق آسيا (آسيان) إلى السماح بحرية دخول الشاحنات المصنعة في تايلند لجميع اسواق المنطقة.
لكن ذلك يحتاج إلى وقت اذ تعتزم ماليزيا تأجيل خفض الجمارك على الواردات من المركبات المقررة في العام المقبل حتى العام 2005 لتأهيل شركة بروتون الحكومية للمنافسة. واتفاق التجارة الحرة لدول آسيان العشر والصين في العقد المقبل من المتوقع ان ينعش صناعة الشاحنات في تايلند بدرجة أكبر. ولكن على المدى الطويل قد تخسر تايلند استثمارات لصالح صناعات أقل كلفة في الصين.
وقال ماكستون «كل هذه الاستثمارات التي تتدفق على تايلند منطقية بسبب اتفاق التجارة الحرة لكن بعد عشر سنوات ستكون هناك منافسة كبيرة من جانب الصين». وأضاف «ستتمتع تايلند بمزايا الانتاج الكبير في قطاع الشاحنات الصغيرة لفترة طويلة جدا. لكن المصنعين الآخرين في تايلند سيبدأون الانتقال الى الصين عندما تبدأ الصين التصدير وسيحدث هذا لصناعة الشاحنات الصغيرة في نهاية الامر أيضا»
العدد 109 - الإثنين 23 ديسمبر 2002م الموافق 18 شوال 1423هـ