انهارت صادرات بريطانيا إلى الدول الاوروبية ما دفع ببريطانيا إلى أسوأ عجز في تاريخها منذ ثلاثة قرون، كما أظهرت الأرقام الرسمية التي نشرت حديثا.
لقد ارتفع عجز السلع ليصل إلى 3,6 بلايين جنيه في اكتوبر/ تشرين الأول الماضي وهو أعلى رقم شهري منذ ان بدأ الملك وليام الثالث في جمع البيانات العام 1696. لقد كان هذا العجز أسوأ بحوالي 0,8 بليون دولار عن شهر سبتمبر/ أيلول ما جعل عجز السلع الربع سنوي يصل إلى رقم قياسي عند 9,77 بلايين جنيه أي بزيادة 47 في المئة عن العجز الذي بلغ 6,64 بلايين جنيه في الثلاثة الأشهر حتى يوليو/ تموز الماضي.
يقول مكتب الاحصاءات القومي: «إن اكثر من 2,4 بليون مما مجموعة 3,1 بلايين من الزيادة في العجز يرجع إلى اتساع هوة التجارة مع الدول الاثني عشر في منطقة اليورو. ومع ذلك هبطت مبيعات الصادرات عبر جميع القطاعات الرئيسية ولغالبية الاقتصاديات العالمية.
لقد تمثل أسوأ هبوط في الطلب من قبل دول الاتحاد الاوروبي إذ هبطت مبيعات الصادرات بنسبة 9,3 في المئة في الثلاثة الأشهر حتى اكتوبر، وهو أسوأ هبوط منذ العام 1988.
لقد ابدى المؤيدون لانضمام بريطانيا إلى العملة الموحدة اهتماما بهذه الارقام وإمكان استخدامها لصالح حملتهم.
يقول كبير الاقتصاديين البريطانيين في اوروبا فيليب لجرين: «إن هذه الارقام المخيفة - الأسوأ منذ تولي الملك وليام الثالث العرش - تبرز الكلفة العالية للبقاء بعيدين عن اليورو على المدى البعيد». وتتزامن هذه الارقام ايضا مع إنشاء مجموعة الضغط الجديدة المسماة «مصنعين لليورو» والتي تضم وزير التجارة السابق في حزب المحافظين، السير ريتشارد نيدهام. وقد تم تأسيس المجموعة من قبل المصدرين لتسليط الضوء على الأضرار التي تلحق بالتصنيع نتيجة ابتعاد المملكة المتحدة عن اليورو.
يقول رئيس المجموعة الجديدة والرئيس التنفيذي لشركة سيمنز البريطانية ألن وود: «لقد تلقى قطاع التصنيع ضربة قوية في السنوات الاخيرة إذ حدثت خسارة في الطلبات، وهبوط في الارباح مع إغلاق للمصانع، وفقدان الآلاف من الوظائف. إن العامل المهم الذي يفوق جميع العوامل الاخرى هو ابتعاد بريطانيا عن اليورو».
لقد أثارت الارقام التجارية القلق بالنسبة إلى النظرة الاقتصادية إذ وصل العجز بعد الهبوط الاخير هذا العام إلى الآن 26,8 بليون جنيه أي اقل بقليل من العجز القياسي الذي تم تسجيله العام الماضي والذي بلغ 33,6 بليون جنيه.
يقول الاقتصادي البريطاني في جي بي مورجان داني جابي: «إذا لم يحدث انتعاش غير متوقع في الشهرين الاخيرين من هذا العام، فقد يصل العجز إلى 40 بليون جنيه هذا العام». «ومع أن رد فعل الاسواق المالية كان بسيطا، فإنه لا يمكن استبعاد حدوث أزمة حقيقية». وعلى أية حال فإذا ما نظرنا إلى العجز بوصفه نسبة للناتج المحلي الاجمالي فإنه سيكون اقل من نسبة 6,7 في المئة التي تم تسجيلها اثناء حدة فترة الركود العام 1992. ولكن اتحاد ارباب العمل من المهندسين يقول إنه اذا استمر التصنيع في إبطاء النمو الاقتصادي بشكل عام فإن العجز سيصل إلى 80 بليون جنيه بحلول العام 2010 أي 8 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي طبقا للاسعار الحالية.
خدمة الإندبندنت - خاص بـ«الوسط
العدد 109 - الإثنين 23 ديسمبر 2002م الموافق 18 شوال 1423هـ