ها هي الولايات المتحدة تتدخل في صميم مجتمعاتنا مرة أخرى بمبادرة سيتم رصد ملايين الدولارات لها وتسمى مبادرة شراكة «الشرق الأوسط - أميركا» تعطيها إطارا «للعمل سوية مع الحكومات والأفراد في العالم العربي لزيادة الفرص التربوية والسياسية والاقتصادية للكل» على حد تعبير الناطق الرسمي لوزارة الخارجية الأميركية. وكما اعتدنا من أميركا، فشاكلة هذه المبادرات لا تأتي إلا لغرض في نفس يعقوب وهي في المحصلة النهائية ستبقى في مصاف الشعارات التي تتمنى أميركا في قرارة نفسها ان نعجز عن تطبيقها والتي تبقى في الواقع سرابا خادعا إلى ان يحين موعد حرب أخرى في المنطقة. وفي الوقت نفسه، تقوم أميركا من خلال مثل هذه المبادرات، بحفر حفرة للحكومات العربية الصديقة وغيرها، إذ يكون الجميع ومن دون استثناء تحت المجهر. فالتقصير في تطبيق مثل هذه المبادرات والإصلاحات يأتي بالويلات على حكومات المنطقة حين تستدعي حاجة أميركا ذلك.

اليوم نشهد جهودا مشتركة - رسمية وشعبية - تعمل جاهدة لضمان نجاح العملية الديمقراطية والتطويرية في مملكتنا الحبيبة. فالنشاطات المدنية حُسّنت وعدد الجمعيات غير الحكومية ارتفع لكي يشارك كل البحرينيين وتتوسع الجهود الوطنية لضمان تحسين الأوضاع المعيشية واحترام حقوق الإنسان في كل الميادين الاقتصادية والسياسية والمدنية والاجتماعية والثقافية. وعلى سبيل المثال: فقد صدّقت المملكة في 18 يونيو/ تموز 2002 على الاتفاق الدولي لإزالة كل أشكال التمييز ضد النساء والتي تنص في شقها الثاني، البند التاسع، الفقرة الثانية، على ان «الأطراف الموقعة سَتَمنح النساء حقوقا تساوي حقوق الرجال فيما يتعلق بجنسية أطفالهن». ولكن، على أرض الواقع تبقى فكرة المساواة بين الرجل والمرأة في هذا المجال مجرد حلم لكثير من أمهات مملكتنا الحبيبة ما يدعونا إلى التساؤل عن فائدة التصديق على مثل هذه الاتفاقات الدولية وغيرها في مجال حقوق الإنسان في الوقت الذي تغيب فيه نية التطبيق؟ ونتساءل أيضا عن اليوم الذي ستستدير فيه الولايات المتحدة، لغرض في نفسها، لتستغل اخفاقنا في تقديم الفعل على القول ضدنا، وبذلك نكون كبراقش تلك التي جنت على نفسها!

ريم يعقوبي