أدت استراتيجية محاربة «التمرد» التي يطبقها الجيش الأميركي والقوات العراقية إلى إضعاف شبكة «القاعدة» في العراق بشكل كبير من دون أن تقضي عليها نهائيا بعد.
وقبل ربيع العام 2003، لم يكن العراق أرضا خصبة لأتباع أسامة بن لادن، لكن الاجتياح الأميركي تحت مسمى «محاربة الإرهاب» بعد اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001، أسفر عن تغيير المعطيات.وعلى رغم اتهامها بإثارة النعرات الطائفية بين السنة والشيعة، ما تزال «القاعدة» تحتفظ بالقدرة على التحرك وخصوصا في مجال العمليات الانتحارية.
وقد اعتبر الجنرال لويد اوستن الرجل الثاني في تراتبية القيادة العسكرية الأميركية في العراق قبل فترة أن «القاعدة ما تزال تحتفظ بقدرتها على شن هجمات واسعة النطاق تستهدف المدنيين».
وكان أوضح أن «الأحزمة الناسفة، وهي علامة خاصة بالقاعدة، تشكل ما نسبته ثلاثة في المئة فقط من مجموع الهجمات لكنها توقع 65 فيالمئة من مجموع الضحايا».
وعلى رغم ذلك، يبدو أن القاعدة تواجه صعوبات في العراق اليوم إثر سلسلة الهجمات الأميركية العراقية المشتركة في المحافظات السنية.
من جهته، قال المتحدث باسم الجيش الأميركي الجنرال ديفيد بركنز إن الهجمات «قضت على جزء كبير من حرية التحرك لدى القاعدة وأخرجت أنصارها من ملاذاتهم كما تمكنت من قطع تمويلهم».
وأسفرت الاستراتيجية الأميركية التي تتمحور خصوصا على استمالة العرب السنة الذين كانوا يقاتلون إلى جانب «القاعدة» عن تطهير معظم مناطق محافظتي الانبار وديالى، أبرز معاقل المتطرفين.
وأدت هذه النكسات إلى تراجع اهتمامات «القاعدة» بالعراق والعمل على إرسال متطوعين إلى أفغانستان للمشاركة في «التمرد» هناك. ومع ذلك، تؤكد مصادر في الجيش الأميركي استمرار تسلل المقاتلين الأجانب عبر الحدود السورية.
وفي أعقاب الاجتياح الأميركي للعراق، رحب العرب السنة من أنصار الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين الذين يعارضون الأميركيين والغالبية الشيعية بـ «القاعدة». وسمح تدفق المقاتلين الأجانب وخصوصا من سورية والأردن والسعودية ومصر بتمويل التمرد في الانبار وإقامة بنى شبه عسكرية في الفلوجة خصوصا.
وفرضت القاعدة وأنصار صدام قوانينهم في هذه المناطق وخاضوا معارك شرسة مع قوات المارينز. فربع خسائر الجيش الأميركي البالغة أكثر من أربعة ألاف عسكري قضوا في الأنبار، المحافظة الصحراوية الشاسعة المساحة في غرب العراق.
ولكن في نهاية الأمر، ضاقت العشائر العربية السنية ذرعا بالعنف الذي مارسته القاعدة فنشأت قوات «الصحوة» وتحول من كانوا يحاربون في صفوف المتطرفين إلى محاربيهم بدعم مالي من الأميركيين.
وساهم هذا التحول المهم فضلا عن قرار الرئيس الأميركي جورج بوش إرسال ثلاثين ألف جندي إضافي مطلع العام 2007 في تراجع مستويات العنف بشكل قياسي بحيث أقدم الأميركيون على تسليم أمن الانبار إلى السلطات العراقية.
وقد قال بوش في هذا الصدد «اليوم، خسرت القاعدة الانبار». وأعلن بوش الاثنين خفض عديد القوات الأميركية البالغ عددها أكثر من 140 ألف عسكري في العراق بنحو ثمانية آلاف جندي.
وعلى رغم ذلك، ما تزال «القاعدة» تحتفظ بمعاقل لها في العراق وفي الشمال خصوصا مثل محافظة نينوى، وكبرى مدنها الموصل.
العدد 2196 - الثلثاء 09 سبتمبر 2008م الموافق 08 رمضان 1429هـ