كشفت مصادر مطلعة لـ «الوسط» أن مصرف البحرين المركزي رفض طلب الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي بشأن إقراض شركة ممتلكات البحرين القابضة 100 مليون دولار أميركي؛ لأنها ليست مؤسسة مالية، مؤكدة أن الهيئة بحثت عن طريقة أخرى لخيار إقراض شركة ممتلكات وخصوصا أن وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة يترأس مجلس إدارة الهيئة، ومجلس إدارة ممتلكات.
من جانبه، حذر النائب الشيخ عادل المعاودة من قيام شركة ممتلكات بالاقتراض دون الرجوع لمجلس النواب، كما حذر من قيام هيئة التأمين الاجتماعي بإقراض ممتلكات أو غيرها، فيما كشف الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين سلمان المحفوظ أن أحد ممثلي غرفة تجارة وصناعة البحرين الثلاثة في مجلس إدارة هيئة التأمين صدق على تمرير صفقة الإقراض من خلال عملية تدوير التوقيعات مع اثنين آخرين من مجلس الإدارة.
الوسط- هاني الفردان
كشفت مصادر مطلعة لـ «الوسط» عن أن مصرف البحرين المركزي رفض طلب الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي بشأن إقراض شركة ممتلكات البحرين 100 مليون دولار أميركي.
وأشارت المصادر إلى أن هذا الرَّفض جعل من الهيئة تبحث عن طريقة أخرى لخيار إقراض شركة ممتلكات، وخصوصا أن وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة يترأس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي، ومجلس إدارة شركة ممتلكات البحرين القابضة.
وأوضحت المصادر أن السَّاعين إلى إتمام عملية الإقراض بحثوا عن خيار آخر لحل الإشكالية وذلك من خلال مصرف محلي يقوم بفتح محفظة خاصة توضع فيها الأموال لإقراض شركة ممتلكات، وهو ما وصفه النائب السابق عبدالنبي سلمان بأمور يشوبها «التَّدليس» وخصوصا بعد أن أكد أن عملية الإقراض غير قانونية.
من جانب آخر، أكد الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للتأمين الاجتماعي الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية (سابقا) الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي وخلال مؤتمر صحافي أن عملية الإقراض ليست من اختصاص الهيئة وإلا فإنها ستكون منافسة للمؤسسات المالية في المملكة.
وقال الشيخ محمد بن عيسى إن إقراض الهيئة موظفي القطاع الخاص أمر مستبعد لخطورته العالية ولعدم اختصاص الهيئة في هذا المجال، مشيرا إلى أن «قروض التأمينات الاجتماعية تقتصر على استبدال المعاش بعد التَّقاعد، وهذه الخطوة لسد حاجة المتقاعدين الذين أصبحت سنهم أعلى من 60 عاما ويصعب عليهم الحصول على القروض العادية، والتأمينات تسد هذه الحاجة، أما مسالة إعطاء القروض لموظفي القطاع الخاص فهو أمر مستبعد».
وعلل الشيخ محمد ذلك بأن وضع موظفي القطاع الخاص مختلف عن وضع موظفي الحكومة، فموظفو القطاع الخاص متنقل من صاحب عمل إلى آخر وقد لا يستمر في عمله، وبذلك فإن نسبة المخاطرة ستكون عالية جدّا، مؤكدا انه ليس من تخصص الهيئة الإقراض.
إلا أن الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للتأمين الاجتماعي دافع بقوة عن خطوة الهيئة في إقراض شركة ممتلكات، مؤكدا أن «امتناع الهيئة عن الاستثمار في مثل هذه القروض سيقلص الفرص المتاحة لاستثمار احتياطياتها وفوائضها النقدية المتزايدة وسيمنع إدارة الاستثمار بالهيئة من تحقيق سياسة الاستثمار ونِسب التنويع النَّوعي والجغرافي التي أقرها مجلس إدارة الهيئة».
وأضاف «إن هذا القرض بهذه الشروط وبهذه المخاطر المحدودة يعد فرصة سانحة لاستثمار بعض فوائض الهيئة النَّقدية وتحقيق سياسة الهيئة التي أقرها مجلس إدارتها في تنويع الاستثمار وتوزيع المخاطر، إذ إن هذا القرض بهذه الشروط لا يقل في تصنيفه عن السَّندات التي تصدرها حكومة مملكة البحرين والتي تتفاوت فترات استحقاقها ما بين قصيرة الأجل وطويلة الأجل تشارك الهيئة في معظم إصداراتها شأنها في ذلك شأن المصارف والمؤسسات المالية والاستثمارية التي تقوم في الغالب بتغطية تلك السندات».
من جانبه، استغرب الأمين العام لاتحاد العام لنقابات عمال البحرين سلمان السيد جعفر المحفوظ من التناقض الكبير بين التصريحين للرئيس التنفيذي، إذ أكد في الأول أن الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية (إحدى أركان الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي) ليس من اختصاصها الإقراض، بل هو خطر كبير على الهيئة، فيما يؤكد في تصريحه الثاني أهمية الإقراض ومنافعه.
وجدد المحفوظ رفض الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين عبر ممثليه في مجلس الإدارة إقراض شركة ممتلكات، مؤكدا أن الاتحاد يرفض أساسا الإقراض، إذ إن الهيئة جهة استثمارية وليست مصرفا ماليّا لإقراض الأموال.
ورد المحفوظ على تصريحات الرئيس التنفيذي لهيئة التأمين الاجتماعي بأن الجهات المساهمة مع الهيئة في إقراض شركة ممتلكات كلها مؤسسات مصرفية ومالية وليست جهات استثمارية فيما عدا هيئة التأمين الاجتماعي، وهو الأمر الذي يطرح سؤالا واضحا، لماذا تزج هيئة التأمين الاجتماعي نفسها في أمر ليس من اختصاصها وهو عملية الإقراض؟
وقال المحفوظ: «لا يمكن أن يتم تطبيق الأمور الخاصة بالمصارف والمؤسسات المالية على هيئة التأمين الاجتماعي، وبالتالي لكل جهة أمورها المختلفة وحساباتها وأهدافها، وليس من أهداف هيئة التامين الاجتماعي إقراض الجهات الأخرى».
وأشار المحفوظ إلى أن السياسة الاستثمارية للهيئة لا تقرُّ إعطاء قروض مالية، وإنما تسمح بشراء السَّندات المالية، مؤكدا أن الأمر اختلط كثيرا على الرئيس التنفيذي للهيئة الذي ربط بين الإقراض وشراء المستندات المالية، مبينا أن القروض أمر مختلف عن السَّندات التي هي أدوات استثمارية تختلف عن القروض من ناحية العوائد والضمانات، إذ إن السند رأس ماله مضمون بعكس القروض.
حذَّر النائب الشيخ عادل المعاودة من قيام شركة ممتلكات البحرين القابضة بالاقتراض من دون الرُّجوع إلى مجلس النواب، كما حذر الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي من إقراض ممتلكات أو غيرها، داعيا شركة ممتلكات إلى عدم استخدام النفوذ على المؤسسات من أجل إقراضها وإدخالها في صفقات على رغم أنفها.
وقال المعاودة في حديث إلى «الوسط»: «هل رجعنا إلى استعمال النفوذ على المؤسسات الرسمية خارج إطار القانون، ومن دون أن يأخذ كل أمر حقه ومن خلال التجاوز للسُّلطة التشريعية، والعودة إلى أخطاء الماضي وإفلاس الهيئة، ومن ثم تتحمل الحكومة تبعات ذلك.
وأشار المعاودة إلى أن المبدأ العام هو أن شركة ممتلكات ليست لديها الصلاحية في الاقتراض من السوق، وذلك بموجب المرسوم رقم (64) للعام 2006 بشأن تأسيس شركة ممتلكات البحرين القابضة الذي نص على أن الشركة تستثمر أموال الشركات الحكومية وتمتلك العقارات والمنقولات وتمول الشركات التابعة لها ولم ينص على حق مجلس الإدارة في اقتراض الأموال من جهات كهيئة التأمين الاجتماعي أو غيرها.
وأكد المعاودة أن قرضا بحجم نصف مليار دولار أميركي من المفترض الرجوع فيه إلى مجلس النواب من أجل أخذ موافقته. لذلك فإننا لا نطالب فقط بإعلان تفاصيل هذا القرض بل كذلك نطالب مجلس الإدارة بإعلان تفاصيل «المشروع الكبير» الذي قال إن القرض موجه إليه.
وقال المعاودة: «لدينا معلومات عن أسباب القرض، ومع ذلك نحن نرفض عملية الإقراض بهذا الشكل»، مشيرا إلى أن مجلس النواب لن يؤيد القفز على القانون وخرقه، ومن ثم الدُّخول في فوضى وضرب السُّلطة التشريعية.
ووجه المعاودة حديثه إلى مجلس إدارة هيئة التأمين الاجتماعي: «يجب أن تعرفوا أن المؤسسة المقترضة وهي شركة ممتلكات لا يحق لها الاقتراض»، داعيا إياهم إلى تحمل المسئولية والبحث عن استخدام أمثل لأموال الهيئة.
وبيَّن المعاودة أن المردود المالي من القرض لا يوازي ما يمكن الاستفادة منه في مجالات الاستثمار الأخرى، وأن هيئة التأمين الاجتماعي قادرة على أن تدخل في مشاريع ناجحة ونافعة للبلد وتجارها من دون الحاجة إلى عملية الإقراض هذه.
وأبدى المعاودة استغرابه «من إقدام شركة ممتلكات على اقتراض مبلغ بملايين الدولارات في حين أنها تمتلك وتدير أموالا بمليارات الدولارات»، مشيرا إلى أنه كان ينتظر ويتوقع من ممتلكات أن تحافظ على أموال الحكومة وتنمِّيها لا أن ترهقها بديون هائلة وغير مدروسة سيتحمل عبء سدادها في التحليل الأخير المواطن وخصوصا إذا تبين أن المشروع الموجهة إليه فاشل.
وأشار إلى أن ممتلكات ليست حرة في أن تقترض هذه الأموال الضخمة. ولا يحق لها أن تدير أو أن تتصرف في أموال البحرين بهذا الشكل الفوضوي. ونحن في مجلس النواب لن نسمح لها أن تتمادى في هذا الأسلوب غير المسئول. فلماذا لا تستفيد من المليارات التي تمتلكها وتديرها؟! ولماذا ترهق البلد بقرض كبير بهذا الحجم؟! ولنا أن نسأل: هل ستقوم بشفط أموال الناس كما فعلت شركات حكومية أخرى عتيقة؟ وهل ستتحول ممتلكات إلى مؤسسة أخرى تهدر أموال البلد؟ وهل مجلس إدارة ممتلكات على علم وإدراك فعلي بعظم وخطورة المهمة التي يضطلع بها في إدارة أموال البحرين؟!».
وفي الإطار نفسه أعرب المعاودة عن استغرابه الشديد من موافقة الإدارة التنفيذية لهيئة التأمين الاجتماعي على إقرار إقراض ممتلكات من أموال الهيئة ومن دون الرجوع إلى مجلس الإدارة، «فلا يحق للإدارة التنفيذية ولا لمجلس إدارة الهيئة استخدام أموال الهيئة في إقراض شركة ممتلكات أو أية جهة كانت. فأموال الهيئة ليست (سبيلا) لهذا وذاك وإنما هي أموال وحقوق المواطنين المتقاعدين في القطاعين العام والخاص والقطاع العسكري».
وأضاف المعاودة «وفقا للقانون فإن دور مجلس ادارة الهيئة يتمثل في إدارة واستثمار هذه الأموال في قطاعات تدر أرباحا وتنميتها وليس في إقراض جهات حكومية أو غير حكومية. لذلك فإن ما يحدث هو فوضى بكل المعايير. فكيف يسمح وزير المالية لمجلس الإدارة الموافقة على إقرار هذا الإقراض من دون مناقشة القرض أو بحث تفاصيل المشروع الموجه إليه. لذلك في الحقيقة فإننا نخشى من تكرار سيناريو إفلاس الهيئتين في ظل هذا التسيب والتساهل في إدارة الأموال العامة».
وكان المعاودة استبق افتتاح دور الانعقاد الثالث المقرر بعد منتصف أكتوبر/ تشرين الأول المقبل بتوجيه سؤال إلى وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة عن قرض شركة ممتلكات، جاء فيه: «ما هو حجم المبلغ الذي تعتزم شركة ممتلكات البحرين القابضة اقتراضه من جهات محلية وخارجية كما نشر في الصحف المحلية مؤخرا؟ وماهو المسوِّغ القانوني لقيام الشركة بالاقتراض؟ وماهو الغرض من وراء القرض؟ وما هي تفاصيل المشروع الذي أعلنت الشركة أن القرض سيوجه إليه؟ وكم تبلغ نسبة الفوائد على القرض؟ وما هي خطة سداد القرض؟ وكيف تقترض الشركة في حين أنها تمتلك وتدير أموالا تقدر بمليارات الدولارات؟ ولماذا تلجأ الشركة إلى هيئة التأمين الاجتماعي على رغم أن الهيئة جهة حكومية تدير أموال المواطنين المتقاعدين وليست جهة مصرفية؟».
كشف الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين سلمان السيد جعفر المحفوظ عن أن أحد ممثلي غرفة تجارة وصناعة البحرين الثلاثة في مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي صدق على تمرير صفقة إقراض الهيئة لشركة ممتلكات البحرين القابضة بـ100 مليون دولار أميركي من خلال عملية تدوير التوقيعات.
وأكد المحفوظ ردّا على من يتهم ممثلي الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين بحداثة تجربتهم في المجلس وبالتالي عدم فهم بعض الأمور، بأن أعضاء الاتحاد الممثلين في مجلس إدارة الهيئة وعلى رغم حداثة تجربتهم فإنهم تصدوا للكثير من التجاوزات التي مرت على ذوي الخبرة في الهيئة، وأن ممثلي العمال يتحركون بوازع واحد فقط، هو الحفاظ على المال العام وحقوق ممثليهم، وهم الطَّبقة الكادحة في هذا البلد، من الضِّياع.
ونفى المحفوظ وجود اجتماع استثنائي لمجلس إدارة الهيئة، مشيرا إلى أن الاجتماع الذي أجل إليه قرار إقراض شركة ممتلكات هو اجتماعي عادي مقرر من قبل ضمن جدول المجلس، وليس استثنائيّا.
وردَّ المحفوظ على من يدعي أن قانون الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي لم يمنع الهيئة من الإقراض بأن لوائح الاستثمار في الهيئة وضَّحت أدوات الاستثمار التي لا يمكن الخروج عنها ولم يكن من بين تلك الأدوات الإقراض، وهذا الأمر كفيل بنسف عملية الإقراض لعدم قانونيته، مشيرا إلى حديث رئيس الهيئة التنفيذي إلى الصحافة في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي عن أنه ليس من صلاحية هيئة التأمينات الإقراض هو الصحيح، لما له من آثار وجوانب خطرة على الوضع المالي في الهيئة.
وأشار المحفوظ إلى أن المذكرة التي رفعها ممثلو الاتحاد في مجلس الإدارة إلى رئيس المجلس وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة رفضت آلية التمرير واتخاذ القرار ولم ترفض فحوى القرار وهو إقراض شركة ممتلكات، مبينا أنه مع حداثة تجربة الاتحاد فإنه يعلم جيدا ماذا يفعل وكيف يتحرك، وبالتالي مازال الاتحاد لم يوضح بعدُ أسباب رفضه القرض.
وأكد المحفوظ أن لدى الاتحاد التحفظات والأسباب والمبررات الكافية لأن يثبت لمجلس إدارة الهيئة عدم صواب عملية الإقراض، مشيرا إلى أن الاتحاد استطاع من قبل وقف مشروع شركة «نسيج» الذي وافق عليه غالبية مجلس الإدارة عدا ممثلي الاتحاد الذين أقنعوا المجلس بمخالفتهم القانونية حتى تمَّ تعديله بما يتناسب ولوائح الهيئة
العدد 2200 - السبت 13 سبتمبر 2008م الموافق 12 رمضان 1429هـ